عكّرت «زوبعة صغيرة في فنجان» صفو تحضيرات الحزب السوري القومي الاجتماعي لمعركة السادس من أيار الانتخابية. تنقل أوساط القومي «أن الأزمة سبّبتها معلومات توافرت لدى النائب السابق سليم سعادة الذي كان يعتزم الترشح في الكورة، تفيد بأن الحزب لم يحسم قرار ترشيحه بانتظار نتائج استطلاع يجريه للمفاضلة بينه وبين آخرين. ما دفع سعادة إلى إعلان سحب ترشحه، وتأييده المرشح وليد العازار».
وفيما أكد الحزب ترشيح سعادة، وتطويق ملابسات الأزمة، وزّع قوميون معترضون على أداء سليم سعادة مقتطفات من أقوال مؤسس الحزب أنطون سعادة حول الانتخابات، تذكّر بالشروط الحزبية لأي مرشح ينوي التقدم بترشيحه، ومنها «أن يكون من المحازبين في الصفوف الأمامية»… وأن «يكون من غير الذين ظهر منهم ترجرج في العقيدة أو النظام».
وبهذا المعنى يكون «القومي» أمام معضلة قد لا يتمكن من حصر تداعياتها، خصوصاً مع نية بعض المحازبين ممن تقدم من القيادة بطلب ترشيحه المضي قدماً بترشيحه بمعزل عن قرار الحزب، ما يسبّب معركة انتخابية داخل البيت الواحد.
وتقليلاً من أهمية الأزمة وانعكاساتها، أكد مصدر مسؤول أن ورشة «الحزب القومي» الانتخابية «شارفت على نهايتها»، كاشفاً أن القيادة بصدد اختيار أسماء ثمانية مرشحين من بين خمسين أبدوا رغبتهم في الترشح، ستُعلَن في غضون الأيام القليلة القادمة، وتُظهر المعطيات أن ترشيحات «القومي» والتحالفات كما غيرها لدى الأحزاب الأخرى لا تزال عرضة للأخذ والرد، سواء داخل الحزب أو مع الحلفاء.

أكد القومي ترشيح سعادة وتطويق ملابسات الأزمة


يعترض قوميون على تبني ترشيحات من خارج المحازبين، كترشيح الوزير السابق ألبير منصور عن المقعد الكاثوليكي في البقاع الشمالي خلفاً للنائب مروان فارس العازف عن الترشح لأسباب صحية. قابلهم رأي يعتبر أن ترشيح المحازبين قد يقلّل فرص الفوز في تلك المنطقة، قبل أن يُحسم تأييد الغالبية لمنصور الذي زار الحزب «مبايعاً». (بلغة الأرقام للقومي ما يقارب 5000 صوت يمكن لترشيح منصور أن يؤمن له 2000 صوت إضافي، ما يعزز احتمال الربح).
وشمل اعتراضهم ترشيح غير الملتزمين حزبياً، الوزير السابق فادي عبود «القومي موسمياً» والذي «لم يتلفّظ بكلمة القومية منذ زمن»، وعندما شغل منصباً وزارياً انضم إلى كتلة التيار الوطني الحر؛ وسليم سعادة (الكورة) الذي يقضي أوقاته خارج البلاد بفعل طبيعة عمله. لكن الحزب، قبل الأزمة، كان يعتزم حسم النقاش لمصلحة المرشحَين، على اعتبار أن لعبود حيثية مناطقية واقتصادية تعزّز وضعه الانتخابي.
أما سعادة فهو ابن الكورة عرين القوميين في الجغرافيا السياسية، وبلدة أميون التي ترتدي رمزية قومية تاريخياً. وانتزعت القوات تمثيل تلك المنطقة بفعل أصوات الموارنة حينذاك (غالبية الأصوات في أميون لقوميين، وفي انتخابات 2009 نال القومي قرابة 2000 صوت مقابل نحو 500 صوت للائحة 14 آذار).
يطمح «القومي» إلى زيادة عدد ممثليه داخل الندوة البرلمانية حتى لا تقتصر على نائبين (حاليا هما أسعد حردان ومروان فارس). يشرّع أبواب التفاوض مع الحلفاء. يؤكد تحالفه الثابت مع حركة أمل وحزب الله، والمردة «مبدئياً». أما مع التيار الوطني الحر، فـ«المناقشات بشأنه إيجابية وجدية وقطعت أشواطاً، وهي قيد الاستكمال». تحرجه «مونة» الحلفاء، فيُلبيهم ولو على حساب مصلحته الحزبية. أكثر ما يقلقه حليف يريد الاستفادة من قدرته التجييرية في مناطق، ويرفض مبادلته الاستفادة في مناطق أخرى، أو لا يلتزم التحالف.
سيخوض «القومي» الانتخابات ترشيحاً في كل من الكورة، عكار، المتن، بيروت الثانية، حاصبيا ــ مرجعيون، بعلبك ــ الهرمل، زحلة، الشوف ــ عاليه. أما أصواته التفضيلية فستذهب لمرشحين «سيقرر دعمهم بعد التباحث مع أصدقائه وحلفائه بما يؤمن مصلحة الطرفين».
وفيما يبدو أن الترشيح الوحيد الثابت هو لرئيس المجلس الأعلى النائب الحالي أسعد حردان عن الدائرة الثالثة جنوباً (مرجعيون ــ حاصبيا)، الذي سيخوض الانتخابات على لائحة أمل وحزب الله، قد تكون بورصة الترشيحات في بقية الدوائر على النحو الآتي:
عكار: الأرجح أن يكون للحزب مرشحان هما إميل عبود (أرثوذكس) وعبد الباسط عباس (سني). وفي الكورة المرشح الأوفر حظاً هو سليم سعادة. أما التحالفات، فمن المبكر حسمها، ولو أن التوجه المبدئي هو للتحالف مع النائب سليمان فرنجية.
وإلى ترشيح عبود في المتن، حُسم ترشيح فارس سعد عن مقعد الأقليات في بيروت الثانية، وجرى الاتفاق قبل أيام مع التيار الوطني الحرّ، على أن يدعم التيار مرشّح القومي في بيروت في مقابل دعم القوميين لمرشّح التيار في الأشرفية. وفيما جرى الحديث عن حسم ترشيح ألبير منصور عن بعلبك -الهرمل، عاد الحديث في الأيام الماضية عن إمكانية البحث في مرشّح قومي حزبي، بسبب بعض الاعتراضات من المحازبين في البقاع الشّمالي، وطالما أن الربح عن مقعد الأقليات في بيروت في حال زاد عدد المرشّحين على لائحة أمل وحزب الله في العاصمة، يقلّل من حظوظ ربح القوميين في هذه الدائرة. أما الترشيحات في الشوف ــ عاليه فلم تُبتّ نهائياً، والأرجحية هي لترشيح حسام عسراوي (درزي) أو خليل خيرالله (أرثوذوكسي). يشعر القومي بأن له قوة تؤهله للترشح عن تلك الدائرة، «لكن إذا تحالفنا ولم يعطونا ما يناسب حجمنا، نكون محرجين، والموضوع لا يزال قيد الدرس والتشاور بين الحلفاء ولا سيما حزب الله».
والاتجاه في البقاع الغربي هو لدعم لائحة الوزير السابق عبد الرحيم مراد المدعومة من الحلفاء «علماً أن حجمنا على الأرض كان يؤمن ترشيح أحد محازبينا، لكننا تماشينا مع مصلحة التحالف». وفي زحلة، الأرجح أن يدعم «ترشيح أحد الأصدقاء»، خصوصاً أن تقديرات البعض تنفي حظوظه بالربح بمرشح مباشر عن تلك المنطقة. وفي دائرة جبل لبنان الأولى (كسروان – جبيل)، حيث الحضور لكل من المردة والتيار الوطني الحر وحزب الله وأمل، يبدو القومي في حيرة من أمره لجهة كيفية تصويت مئات مناصريه في الدائرة.
وفي طرابلس ــ المنية ــ الضنية، سيدعم لائحة تضم شخصيات من 8 آذار كالنائب السابق جهاد الصمد، الوزير السابق فيصل كرامي، ولائحة أسامة سعد في صيدا ــ جزين، ولائحة حزب الله ــ أمل في صور ــ الزهراني.
وأطلق الحزب القومي خلال نهاية الأسبوع الماكينة الانتخابية في حاصبيّا ـ مرجعيون، وفي مدينة بيروت، بحضور عدد من أعضاء قيادة الحزب، متطلّعاً الى فوز مرشحيه وتحقيق الإنماء في العاصمة على كل المستويات، وإحداث فرق في التشريع النيابي، فهل تتحقق أمنياته أم يخذله الواقع على الأرض؟