تطوي «الجائزة العالمية للرواية العربية ـ بوكر» هذا الموسم، عقداً من عمرها، كواحدة من أكثر جوائز الرواية العربية صخباً واتهامات وشهرة. وبفضلها وسواها من الجوائز العربية، اقتحمت المشهد السردي العربي عشرات الأصوات الجديدة، على أمل صعود منصّة التتويج وعبور ضفاف المتوسط نحو اللغات الأخرى، بوهم العالمية.
المعضلة لا تنتهي هنا، فما أن تُعلن الأسماء المرشّحة للجائزة حتى تبدأ حرب طاحنة بين «القبائل العربية» حول توزيع الغنائم والحصص جغرافياً، لماذا غابت هذه الدولة أو تلك عن القائمة، كأن الروائي صوت القبيلة لا صوت ذاته! أمس، كنّا على موعد جديد مع «الستة المبشرين بجنّة القراء». ذلك أن قارئ الروايات يكتفي بروايات الجوائز دون غيرها، مدفوعاً بقوة «الماركتينغ» بوصف هذه الروايات سلعة نفيسة في المقام الأول، بصرف النظر عن أهميتها الإبداعية أو النقدية. وقد ضمّت القائمة القصيرة للدورة العاشرة التي أُعلنت أمس من «مؤسسة عبد الحميد شومان» في عمّان: العراقية شهد الراوي (ساعة بغداد ـــ دار الحكمة)، السوداني أمير تاج السر (زهور تأكلها النارـــ دار الساقي)، الفلسطيني وليد الشرفا (وارث الشواهد ــ دار الأهلية)، السعودي عزيز محمد (الحالة الحرجة للمدعو ك ـــ دار التنوير)، الفلسطيني إبراهيم نصر الله (حرب الكلب الثانية ــ الدار العربية للعلوم ناشرون)، السورية ديمة ونوس (الخائفون ـــ دار الآداب).

وكانت لجنة التحكيم قد تشكّلت من إبراهيم السعافين رئيساً، وعضوية إنعام بيوض، وبربارا سكوبيتس، ومحمود شقير، وجمال محجوب. هكذا غابت مصر عن القائمة القصيرة للمرة الأولى في تاريخ الجائزة التي توّجت في دورتها الأولى الروائي المصري بهاء طاهر عن روايته «واحة الغروب»، كما غاب لبنان روائياً وحضر ناشروه، فيما اختفت دول المغرب العربي عن الخريطة تماماً.

تعرّضت رواية العراقية شهد الراوي لأكبر حصة من الاحتجاجات نظراً لركاكتها

هكذا ما أن ظهرت القائمة القصيرة حتى تصدى لها رواد مواقع التواصل الاجتماعي من باب الاحتجاج والسخط على فوز بعض الأسماء من نوع «فضيحة فعلاً»، و«ماذا يحدث على هذا الكوكب؟»، و«شيء مؤسف»، و«عنوان للركاكة». كما اتهم بعضهم رئيس لجنة التحكيم بانحيازه إلى «بلدياته» في إشارة إلى غلبة الأسماء الفلسطينية والأردنية. وتوقّع آخرون فوز الفلسطيني إبراهيم نصر الله، أو السوداني أمير تاج السر بالجائزة، وربما السورية ديمة ونوس «عشان سوريا حظها كان وحش جداً طول عشر سنوات.. وعشان إنها كاتبة فتكسر الهيمنة الذكورية.. والأهم عشان دار الآداب». وقد حظيت رواية العراقية شهد الراوي «ساعة بغداد» بأكبر حصة من الاحتجاجات نظراً لركاكتها الواضحة، إذ استغرب منتقدوها ظهورها في القائمة الطويلة، فما بالك بوصولها إلى القائمة القصيرة!
ومن المنتظر أن تزداد المعركة شراسة بإعلان اسم الفائز بالجائزة (24 نيسان/ إبريل المقبل)، وفقاً لفصيلة الدم التي ينتسب إليها. لكن مهلاً، من يستطيع أن يعدّ إلى التسعة، أقصد أسماء الروائيين الذين توجوا بالجائزة حتى
اليوم؟.