بدأت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مساعيها إلى تقريب وجهات النظر بين حلفائها الخليجيين، تمهيداً للقمة الخليجية - الأميركية المنتظر انعقادها الربيع المقبل في منتجع كامب ديفيد الرئاسي. مساعٍ يُتوقع أن تتكثف الأسبوع المقبل مع زيارة مرتقبة لكل من مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الخليج، تيم ليندر كينغ، والجنرال المتقاعد، أنتوني زيني، إلى المنطقة، وفقاً لما أفادت به، أمس، وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية.
وفي ظل تصاعد التوتر بين طرفي الأزمة المستمرة منذ حزيران/ يونيو 2017، وغياب أي مؤشر إلى استعدادهما لتقديم تنازلات، يبدو أن إدارة ترامب تتطلع إلى إحداث اختراقات إيجابية، تمهّد الطريق لالتقاط «صورة جماعية ودية» في جبال كاتوكتين في ولاية ميريلاند.
ذلك ما توحي به التسريبات الأولية بشأن المقترحات التي سيحملها كينغ وزيني إلى المسؤولين الخليجيين. إذ، طبقاً لما ذكره مسؤولون أميركيون، سيقترح المبعوثان، اللذان سبق أن أوفِدا إلى المنطقة في شهر آب/ أغسطس المنصرم من أجل الغرض نفسه، «إنهاء الحصار الجوي المفروض على قطر»، والذي تُمنع بموجبه الطائرات القطرية من الهبوط في مطارات السعودية والإمارات والبحرين، أو استخدام المجالات الجوية لتلك الدول.

سيحمل كينغ وزيني مقترح إنهاء الحصار الجوي على قطر

هذا الاقتراح، الذي يشي بتغير إضافي في التعامل «الترامبي» مع الخلاف لصالح القطريين، لا يقابله، بحسب التسريبات، أي اقتراح مقابل على قطر، ما يضعّف إمكانية استجابة عواصم المقاطعة له. لكن كينغ وزيني يتسلحان هذه المرة بما لم يكونا يمتلكانه لدى زيارتهما الأولى إلى الخليج، والتي حاولا خلالها إقناع الرياض وأبو ظبي بالعدول عن «قائمة المطالب الـ13»، وقصر اهتمامهما على الشروط التي يمكن التفاوض بشأنها. يُقصد بتلك الحجج الجديدة ما توصّفه الولايات المتحدة على أنه «تقدم» أحرزته قطر في مجال «مكافحة الإرهاب»، عبر سلسلة خطوات مهّد لها توقيع «مذكرة تفاهم للتعاون في مجال مكافحة تمويل الإرهاب» بين الجانبين القطري والأميركي في الدوحة، في تموز/ يوليو الفائت.
هذه الخطوات سيعرضها كينغ وزيني على زعماء دول المقاطعة، توازياً مع التلويح أمامهم بإمكانية إلغاء قمة كامب ديفيد، في حال عدم السير في طريق حلحلة الخلاف الذي يقارب إنهاء عامه الأول. تلويح من شأنه، حتماً، إثارة قلق الرياض وأبو ظبي اللتين تحرصان على استبقاء الرضا الأميركي، أملاً بـ«حزم» أكبر من قبل إدارة ترامب في مواجهة إيران. لكن مقترحاً من نوع إنهاء «المقاطعة الجوية» للدوحة لا يبدو متسقاً مع تعنت السعودية التي نفت، أمس، على لسان مصدر مسؤول فيها الحديث عن ضغوط أميركية عليها لإنهاء الأزمة، واصفة المعلومات المتداولة بهذا الشأن بـ«المزيفة»، وكذلك الإمارات التي عاودت، أمس أيضاً، هجومها على قطر، متهمة إياها على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، بـ«الكذب والتلون واللعب على التناقضات».
من هنا، يُحتمل أن تفاوض السعودية والإمارات، المبعوثَين الأميركيَين، على مقترحات بديلة من قبيل وقف التراشق السياسي والإعلامي، إلا أن البيت الأبيض، وفقاً لما ذكرته «أسوشيتد برس»، يريد حدوث «انفراجة» و«تقدم ملموس» عبر اتخاذ خطوات تهيّئ الأجواء للجلوس إلى طاولة الحوار. ذلك أن ترامب يتخوف، على ذمة مسؤولين أميركيين رفضوا الإفصاح عن هويتهم، من أن «يؤدي عقد قمة كامب ديفيد في ظل استمرار استعار الأزمة إلى مأساة، ترتدّ سلباً على مضيف» الزعماء الخليجيين. وأياً يكن ما ستؤول إليه محادثات زيني الموصوف بأنه «من الشخصيات المحترمة والمحبّبة للحكومات الخليجية»، وزميله كينغ صاحب الخبرة الطويلة في المنطقة، فإن المرجح أنه سيبقى أمام الرئيس الأميركي عمل «شاق» لدى استضافته ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، وأمير قطر، تميم بن حمد، تباعاً، بدءاً من 19 آذار/ مارس الحالي، خصوصاً وأن لوبيات كل من الممالك والإمارات المذكورة بدأت تكثيف مساعيها «المحمومة» لتلميع صورة موكّليها، ما سيصعّب على ترامب مهمة المفاضلة بين حلفاء بلغت «الكراهية» بينهم مستوى غير مسبوق.
(الأخبار)