هل انتهت قصة حمزة كاشغري؟ سؤال يبدو بديهياً بعد إلقاء القبض على المدوّن السعودي المتهم بالإساة إلى النبي في تغريدات كتبها على تويتر. في ماليزيا، اعتقلت الشرطة المدوّن المثير للجدل فور وصوله إلى مطار كوالالمبور الأربعاء الماضي بالتعاون مع الأنتربول الذي طلبت منه السلطات السعودية القبض على «مطلوب إرهابي»، على أن يسلّم لاحقاً إلى المملكة لمحاكمته.
وكان كاشغري قد صرّح في وقت سابق لصحيفة «دايلي بيست» الأميركية عن مفاجأته بردود الفعل العنيفة إزاء ما كتبه في مناسبة المولد النبوي، كاشفاً أنه يخطط للجوء إلى دولة أجنبية خوفاً على حياته، بعد دعوات قتله التي انتشرت على الانترنت. كذلك أصرّ على «خوض معركته نحو الحرية، وكونه كبش فداء لمعركة أكبر بين التيار السلفي والتيار الليبرالي في المملكة».
المدون السعودي غادر المملكة قبل اجتماع «هيئة كبار العلماء» وإجماعها على «كفره وإلحاده» ما أدى إلى صدور أمر ملكي بالقبض عليه. وفي يوم صدور هذا القرار، أعلن الديوان الملكي عن إطلاق سراح هادي آل مطيف، «أقدم سجين ديني في العالم» الذي قضى في سجن مدينة نجران (جنوب غرب المملكة) 18 عاماً. أما تهمته فكانت التلفظ بكلمات مسيئة للرسول في عام 1994.
وطرح بعضهم علامات استفهام عدة حول سبب هذه الهجمة على كاشغري، مؤكدين أن ما كتبه يندرج في إطار الحرية الشخصية. يعلّق الحقوقي وليد أبو الخير في اتصال مع «الأخبار» على أنّ القضية تحوّلت تصفية حسابات مع كل شخص «مخالف أو ليبرالي. الهجمة تطال ما بعد حمزة كاشغري. اختيار الأمير نايف كولي للعهد زاد هيمنة القوة الدينية».
وكان المدوّن السعودي خاطب الرسول على تويتر كمن يخاطب صديقه. لكن بعد انطلاق موجة التخوين، والدعوات لهدر دمه، أعلن كاشغري توبته، واعتذاره من كل من انزعج من كلامه، كاتباً: «... والله لم أكتب ما كتبت إلا بدافع الحب للنبي الأكرم، لكنني أخطأت وأتمنى أن يغفر الله خطئي، وأن يسامحني كل من شَعر بالإساءة». لكن يبدو أن توبة كاشغري لم تعجب الغاضبين، وها هو يعود قريباً إلى بلده ليحاكم.
وأعادت هذه القضية فتح ملفّ التدوين في الخليج العربي، إذ يخوض الناشطون الإلكترونيون معركة كبيرة مع أجهزة الأمن التي باتت تدرك خطورة المدونات والإعلام الاجتماعي في إيصال أصوات المعارضين والمطالبين بمزيد من الحريات مقارنة مع الصحافة الرسمية. مثلاً في سلطنة عمان، اعتقلت السلطات المدون معاوية الرواحي (7 شباط/ فبراير الماضي) بعد تدوينة نشرها تحت عنوان «أخيراً أنا حرّ» منتقداً فيها أوضاع الحريات في بلاده وعدم ثقته في حكم السلطان قابوس. وكما عمان كذلك في أغلب الدول الخليجية التي لم تتردّد في اعتقال المدونين الذين تطرقوا إلى قضايا سياسية أو دينية «حساسة».