سئم بعض الشبان والشابات عدم الاستجابة لمطالبهم. يريدون العمل، والمساواة، والعدالة. سئموا النزول إلى الشارع من دون أن يناصرهم أتباع الطوائف والمذاهب. سئموا الظلم اللاحق بهم، وعدم سماع صوتهم. قرروا القيام بـ«ثورة إلكترونية عقلانية»، وتوجهوا إلى المواقع الإلكترونية الحكومية لنشر رسالتهم إلى «الحكام والشعب في آن واحد». «توجد مؤامرة خبيثة على حقوق العمال والمرأة والإنسان، يوجد ظلم اجتماعي، واستخدام تضليلي من الإعلام، يوجد لاعقلانية لدى المواطنين، لقد قررنا الانضمام إلى أنونيموس لتحرير نفوس اللبنانيين وعقولهم في حد أقصى، أو خلق أمل بالحد الأدنى. نحن غاضبون من تصرفات الحكومة اللبنانية والهيئات الاقتصادية التي تتناقض مع قيمنا ومبادئنا.
الحكومة يجب أن تخدم الشعب لا النخب الاقتصادية، انضموا إلينا لمكافحة الفساد في المؤسسات الحكومية...». رسالة ينشرها القراصنة الغاضبون على صفحتهم على الفايسبوك. يسمون أنفسهم «أنونيموس (مجهولي) لبنان» Anonymous - Lebanon.
يُسقطون المواقع الإلكترونية الرسمية واحداً تلو الآخر. يستبدلون الصفحة بصورة كاريكاتورية لشخص جائع ونحيل يُطعم آخر سميناً وثرياً. رسالة يوضحون بها هدفهم من اختراق هذه المواقع، «الثورة الإلكترونية ما زالت مستمرة، وحملتنا إلى المواقع اللبنانية ما زالت مستمرة. نحن لا نرفع لافتات ولا نشعل إطارات ولا نرمي بالحجارة. لافتاتنا مواقع لبنانية إلكترونية، هدفنا توصيل رسالة إلى الشعب اللبناني والحكام، حلمنا الوحيد هو أن نستيقظ يوماً على وطن، وطن الحرية والمساواة والثقافة. متى سنحصل على حقوقنا؟ متى ستتوافر فرص العمل؟ متى سنتوقف عن الدراسة على ضوء الشمعة؟ متى سنتوقف عن رفع شعارات بالروح بالدم نفديك يا بطيخ، ولبيك يا بطيخ؟».
غزو القراصنة الاجتماعيين طاول مواقع المديرية العامة للأمن العام، وزارة الاقتصاد، المديرية العامة للمغتربين، بلدية بيروت في الدفعة الأولى. وجاءت الدفعة الثانية إلى إدارة حصر التبغ والتنباك (الريجي)، هيئة التحقيق الخاصة بمكافحة تبييض الأموال. بعد إعلان سقوط الموقعَين أول من أمس، يضيف القراصنة رسالة على صفحتهم الفايسبوكية: «لا مزيد من الطغيان، لا مزيد من القمع، لا عبودية. نحن نستعد لتدمير هذا النظام الفاسد». يعلن «قراصنة لبنان» أنهم لم يعمدوا إلى تخريب المواقع التي استهدفوها، بل استغلوا نقاط الضعف في هذه المواقع لاختراقها. يوضحون أنه بعد حين سيعلنون سبب استهداف كل موقع من هذه المواقع. يكملون معركتهم، فيكون الهدف يوم أمس «لجنة العلاقات العامة الأميركية الإسرائيلية» (آيباك).
يشير أحد القراصنة (غير المرتبط بأنونيموس لبنان) لـ«الأخبار» إلى أن ما تقوم به مجموعة «أنونيموس لبنان» هو طريقة تعبير إلكترونية عن غضب عدد كبير من الشباب من الحال التي وصلوا إليها من فقر وهجرة وبطالة وانعدام في المساواة الاجتماعية. يشرح أن المواقع الرسمية في لبنان ضعيفة جداً، ويمكن إيجاد الكثير من الثُّغَر لاختراقها. يلفت إلى أن هذه الثُّغَر توفّر الأساس الإلكتروني الطبيعي للقيام بعمليات الاختراق. علماً بأن «أنونيموس لبنان» هي حركة نشأت بعد انتشار مجموعة من القراصنة العالميين تحمل اسم «أنونيموس»، التي تعمل منذ عام 2003 على خرق مواقع عالمية بهدف منع الرقابة على الإنترنت، وقد اتحدت المجموعة مع ويكيليكس لنشر الكثير من المعلومات السرية عبر خرق المواقع الحكومية والرسمية في مختلف دول العالم، واخترقت المجموعة أيضاً مواقع عربية معلنة دعمها للربيع العربي، وقد شهدت مواقع رسمية في كل من مصر وتونس وسوريا اختراقات عديدة من هذه المجموعة دعماً للمطالب الشعبية العربية.