بروكسل | كشفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، خلال مؤتمر صحافي في مقرها في بروكسل عن تقريرين أعدتهما، يتناولان الأداء الاقتصادي على مستوى دول الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو التي تعمل بالعملة الأوروبية الموحدة.
وتضمن التقريران انتقادات، وُصفت بـ«القاسية»، حيث اعتبرت المنظمة الإجراءات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي لمواجهة الأزمة المالية التي تفجّرت على اثر تفاقم مشكلة الديون السيادية «إجراءات وقتية لا تعالج الوضع سوى على المدى القصير، بحيث تكتفي بإطفاء النار، من دون اتخاذ اي احتياطات لمنع اشتعالها من جديد»، بالإضافة إلى «احتمالات وقوع الاقتصاد الأوروبي في أزمات مماثلة ما تزال قائمة. ويجب التحسب لذلك بإجراءات بعيدة المدى، بدل الاكتفاء بمعالجة الأعراض الفورية للأزمة».

وأكد الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، قوريا أنخيل في تصريح لـ«الأخبار» أن «الحلول الظرفية التي تعتمد على التوازن المالي والضرائب قد استنفدت تماما، ولم يعد في الإمكان الاعتماد عليها حتى يتعافى الاقتصاد الأوروبي بمجمله من أزمته الحالية»، مضيفاً أن «الاقتصادي الأوروبي سيدخل مرحلة ركود قاسية وطويلة الأمد، إذا لم يتمكن الأوروبيون من إنجاز إصلاح هيكلي عميق لاقتصاديتها».

من جهتها، قدمت المنظمة، في التقرير أيضاً، حزمة من «النصائح» لتحقيق الإصلاح الهيكلي المنشود لدول الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، أهمها إصلاح أنظمة الهجرة، حيث لاحظ التقريران أن الهجرة من خارج أوروبا وصلت إلى نسبة 5 في المائة، في حين لا تتجاوز الهجرة الداخلية بين الدول الأوروبية 3 في المائة. كذلك تم تعداد العراقيل الكثيرة التي تعترض المبادلات التجارية والاقتصادية الكفيلة بتحقيق سوق داخلية أوروبية قوية من شأنها أن تكون محركاً أساسياً للتنمية من خلال الاستهلاك والاستثمار.

وحث التقريران على دعم قطاع التربية والتعليم، وسن سياسات اتحادية لتشجيع الابتكار، وتقوية التوجه نحو الاقتصاد الصديق للبيئة، ووضع سياسات تكافؤ للاهتمام بالفئات الاجتماعية الفقيرة والمهمشة، التي تعد الأكثر تضرراً من تداعيات الأزمة المالية.

هذه الخلاصات التي توصلت اليها المنظمة تتوافق، إلى حد كبير، مع مطالب النقابات الأوروبية التي أجمعت على أن سياسات التقشف الهادفة لحل مشاكل الدين العام مضرة بالاقتصاد، كما طالبت بوضع خطط أوروبية لدعم النمو الاقتصادي، بوصفه السبيل الوحيد لإخراج أوروبا من أزمتها الحالية.

من جهة ثانية، قال أنخيل إن الحلول التي اتخذتها أوروبا «تفتقر للجرأة، وتكتفي بالتصدي الآني لعمليات المضاربة التي عرفتها الأسواق المالية على اثر بروز أزمة الديون السيادية»، منتقداً الحلول التي طُبقت في منطقة اليورو، إذ إنها «غير كافية ولا صائبة، وخاصة تلك التي تتعلق بقطاع البنوك، التي قد تؤدي إلى انكماش في النشاط الاقتصادي، بفعل تعرض البنوك لعمليات تقليص في أحجام أصولها المالية». وخلص إلى القول بأن الإصلاحات الأخيرة التي قامت بها الدول الأوروبية، يجب أن تصاحبها سياسة نقدية أوروبية موحدة، من أجل محاربة التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار.