سناء الخوريفي 16 دقيقة فقط، حاولت وداد حلواني (الصورة) أن تختصر درباً سارت فيه أوديت سالم 24 عاماً. توقع رئيسة «لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين» فيلماً قصيراً بعنوان «آخر صورة: هي وقاطعة...»، وتهديه لسالم التي رحلت الربيع الماضي عن 78 عاماً، عندما دهستها سيارة أمام مدخل خيمة أهالي المفقودين في «حديقة جبران» قبالة «بيت الأمم المتحدة» (وسط بيروت). تماهت سالم في آخر أيامها مع تلك الخيمة، زرعت قربها نعناعاً وبطيخاً... «كنا نرجوها كي تذهب إلى بيتها، لكنّها كانت تصر على البقاء»، تخبرنا حلواني. خطف ولدا أوديت ريشار وماري كريستين سالم عام 1985 وكانا في العشرينيات من عمرهما. وداد حلواني التي ترافقت مع سالم في كل خطوات رحلة بحثهما المشترك عن أحباء، لم تُنجز سابقاً أي فيلم في حياتها. «لكنني لم أقل كل ما أردت قوله في تشييعها. كنت أشعر تجاهها بشيء من المسؤولية هي الأرملة التي فقدت ولديها دفعة واحدة وبقيت وحيدة في هذا العالم». هكذا وجدت نفسها تنجز عملاً تسجيلياً تحيي فيه رفيقة دربها.
راحت تجمع مادتها الأرشيفية من الأفلام الوثائقية التي أنجزت مع أهالي المخطوفين، إضافةً إلى صور التشييع التي التقطها ابنها الفنان غسان حلواني، والصور الفوتوغرافيّة التي وجدتها في ألبوم سالم الخاص.
إلى جانب المادة الأرشيفيّة التي جمعتها، كتبت وداد حلواني نصاً عبارة عن رسالة إلى أوديت سالم. في «آخر صورة: هيي وقاطعة...»، تتلو حلواني رسالتها على أنغام أغانٍ لفيروز وموسيقى لجورج وينستون ومقتطفات من الموسيقى التصويرية لفيلم «المهمة» (1986). بعد إنجازها النص، عملت حلواني على مونتاج وميكساج المادة في جمعيّة «بيروت دي سي» (مع رهام عاصي).
غداً، يعرض العمل للمرة الأولى في لبنان، لكنّه عرض مرتين في الخارج. المرة الأولى في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في لياج (بلجيكا) خلال الاجتماع الدوري لـ«الشبكة العالميّة لأمهات المفقودين» الذي يعقد كل عامين بالتزامن مع مهرجان Voix de femmes. كما عرض العمل أيضاً في اسطنبول (تركيا) في افتتاح الاجتماع الدولي لـ«الفدراليّة الأورومتوسطيّة لعائلات ضحايا الاخفاء القسري FEMED»، في 11 كانون الأول (ديسمبر) الحالي. يتزامن العرض اللبناني غداً مع صدور حكم في دعوى رفعها أهالي المفقودين أمام قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، لاتخاذ تدابير حمائية للمقبرتين الجماعيتين اللتين أقرّت الدولة بوجودهما داخل مدافن الشهداء في منطقة حرج بيروت ومدافن مار متر في الأشرفية.


7:30 ــ مساء غد ــــ قاعة المحاضرات، «بيال» (وسط بيروت).