واشنطن| أجمع معظم مراكز الأبحاث الأميركية على فشل سياسة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في ما يتعلق بمعالجة الأزمة الليبية، حيث انتقد الباحثون والمحللون في هذه المراكز، على مختلف انتماءاتهم السياسية، إدارة أوباما التي قالوا إنها افتقدت سياسة وأهدافاً واضحة في التدخل في ليبيا وعمليات القصف الجوي. ورغم توجيه حكومة أوباما رسائل مطمئنة لنيتها في الدفع باتجاه الانسحاب العسكري الأميركي الرئيسي، خلال أيام معدودة، إلا أن خبراء مراكز الأبحاث حذّروا من تحول التدخل الأميركي الى مهمة طويلة الأمد، وخصوصاً في ظل أجواء رفض الرئيس أوباما تقديم الدعم العسكري المطلوب لضمان تحقيق القوات المناهضة لنظام حكم العقيد معمر القذافي نجاحاً سريعاً.
وذكر مركز الدراسات الأميركية والعربية في واشنطن، في تقريره الأسبوعي، أن من ضمن منتقدي الحكومة الأميركية «مركز التقدم الأميركي»، الذي يعد من أنصار الرئيس أوباما.
ورأى المركز أنه بالنظر الى جدول الأعمال الطويل للقضايا الخاصة بالشرق الأوسط، ينبغي على حكومة أوباما بذل جهود استثنائية لتوضيح ما تنوي تحقيقه في ليبيا على نحو دقيق، وما هي الكلفة التي سيتعيّن على الشعب الأميركي تحمّلها في ظل مؤشرات تدل على اندلاع الحرب في الشرق الأوسط. بل إن الرئيس الأميركي وأعضاء فريقه الرئاسي تجنبا الإجابة عن أسئلة أساسية تتعلق بالحرب المندلعة حديثاً، لكنه لن يكون بمقدورهم الاستمرار بذلك الى
الأبد».
أما مجلس العلاقات الخارجية، فقد تناول الرسائل التي توجهها حكومة أوباما «المربكة» حول الوضع الليبي. ويشير أحدث استطلاع للرأي إلى تأييد أكثرية الشعب الأميركي للعمل العسكري ضد ليبيا، بينما يستمر جدل الخبراء وصناع القرار حول الحكمة من التدخل الأميركي. وجادل رئيس مجلس العلاقات الأميركي، ريتشارد هاس، بأن ساحة الاشتباك في ليبيا تمثل الحرب الثالثة الاختيارية للولايات المتحدة خلال أقل من عقد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المصالح القومية الحيوية للولايات المتحدة لم تتعرّض للتهديد».
من ناحيتها، عبرت مؤسسة هاريتيج (التراث) اليمينية عن دعمها للحكومة الأميركية، مقدمة النصيحة لها بأنه ينبغي التفكير ملياً بالسياسات التي تعتزم اتباعها إزاء ليبيا واتخاذ القرار لما تريد عمله. وقالت «ليس هناك زرّ سحريّ لحل الأزمات في ليبيا، كما أنه ليس هناك خيار خال من المخاطرة. وعلى كل من الحكومة والكونغرس، معاً، التوصل إلى أفضل الخطوات عقلانية، والإقرار بأن حماية المصالح الأميركية والقيام بدور إيجابي في المنطقة سيتطلب تدخلاً محدوداً، لكنه طويل الأمد».
أما مركز التحليلات الأمنية، فقد شن هجوماً على حكومة أوباما لعدم توضيح الأهداف التي تستوجب التدخل في ليبيا. وقال «إن أهمية الانحدار اللاعقلاني للاستراتيجية الأميركية ينذر بالخطر لا على حلفاء الولايات المتحدة فحسب، بل على أميركا ذاتها. ولحين توصل دوائر صنع قرار السياسة الخارجية إلى الاعتراف بأن دورهم يقتصر على العمل للدفع بجوهر المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، فإن السياسات الأميركية ستبقى مصدر تهديد للحلفاء والولايات المتحدة على السواء».
وطالب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الذي يمثل المؤسسة الفكرية للوبي الإسرائيلي، بالقيام بدور أكثر هجومية في ما سمّاها «الحرب الأهلية» الدائرة، وقال «منذ اللحظة، يتعيّن على قوات التحالف تشديد الضغط عبر الهجوم من أجل خفض أو إزالة قدرة القوات الأرضية الموالية للقذافي».