طلب محافظ جبل لبنان بالوكالة، القاضي أنطوان سليمان، من قيادة منطقة جبل لبنان في قوى الأمن الداخلي، التشدد في «تطبيق مضمون القرار رقم 537/2008 تاريخ 6 آب 2008»، الذي يكلّف في المادة الثانية منه «شرطة البلديات المعنية بمكافحة ظاهرة الكلاب الشاردة والقضاء عليها بالتنسيق في ما بينها ومع قوى الأمن الداخلي».
يرى المدافعون عن حقوق الحيوانات في لبنان أن هذا القرار «كارثة».
يتناقض القرار مع مشاريع القوانين المتعلقة بالرفق بالحيوانات، التي أصبحت في عهدة وزارة الزراعة، وكان يفترض أن تناقش في مجلس الوزراء قبل استقالة الحكومة. وقد تعاونت جمعية «حيوانات لبنان» على إعداد مشروع قانون للرفق بالحيوانات أعدّه المحامي نزار صاغية يستوحي نصوصه من العديد من التشريعات العالمية، وفي حال إقراره وتطبيقه، سيصبح لبنان بلداً يراعي مسألة الرفق بالحيونات، بدلاً من أن يبقى متصدراً قائمة الدول المصنفة من الإنتربول الدولي بأنها تشهد أعمال تهريب حيوانات بطريقة غير شرعية عبر حدودها، إضافة الى إقلاع البلديات عن التخلص من الحيوانات الشاردة وخصوصاً الكلاب والقطط عبر قتلها، بل عبر جمعها وخصيها وإعادة إطلاقها في الطبيعة للاستفادة منها في التوزان الطبيعي والتنوّع البيولوجي.
ثلاث جمعيات تنشط في لبنان وتهدف إلى رعاية الحيوانات وحماياتها وحث السلطات على تبنّي تشريعات ملائمة للرفق بها.
أولى هذه الجمعيات هي جمعية بيروت من أجل المعاملة الأخلاقية للحيوان (التي تعرف باختصار بـ«بيتا»). http://www.betalebanon.org آخر أنشطة هذه الجمعية احتفالها باليوم العالمي لخصاء الحيوانات في 22 شباط 2011. ومن المعلوم أن خصاء الحيوانات وتحديداً كلاب الشوارع وقططها، يسهم في التخفيف من أعدادها ويقلل من عدوانيتها، وهو مستخدم في العديد من الدول بدلاً من قتلها، وذلك بعدما ثبت علمياً أن قتل كلاب في حيّ ما لا يعني أنّ هذا الحي سيخلو من الحيوانات، فسرعان ما تبادر حيوانات أخرى الى الاستيلاء على المنطقة ويبقى تكاثر هذه الحيوانات حلقة لا تنتهي. وفي 24 و 25 تشرين الثاني 2011 تستضيف الجمعية مؤتمر شبكة الشرق الأوسط للرفق بالحيوان، بحضور عدد كبير من المسؤولين والناشطين العرب والأجانب في مجال حقوق الحيوان وحمايته، فيما تتضمّن أهداف المؤتمر: التركيز على وضع التشريعات وتنفيذها، والترويج لأفكار جديدة، والدروس المستفادة، وتوفير شبكة عمل بين مجتمعات الرفق بالحيوان في منطقة الشرق الأوسط.
ثانية هذه الجمعيات، جمعية حيوانات لبنان http://www.animalslebanon.org ، وتنشط بنحو لافت، ولقد ذاع صيتها بعدما نجحت في إغلاق العديد من حدائق الحيوانات المهملة وترحيل الحيوانات التي تضمّها الى محميّات عالمية مختصة. وآخر إنجازات الجمعية صدور قرار هو الأولى من نوعه عن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود بمصادرة ضبع محتجز لدى تاجر حيوانات في صيدا، ولقد نُفّذت العملية بنجاح قبل أسبوعين، ونجحت الجمعية في حصول شمبانزي مدمن التدخين على فرصة عيش حياة صحية أكثر في مأوى برازيلي بعدما عمدت إلى نقله من حديقة حيوانات في بلدة أنصار الجنوبية. في المقابل، لا تزال الجمعية تعمل من أجل أن يلقى الشمبانزي «تشارلي» الذي لا يزال موجوداً في حديقة حيوانات في نهر الكلب المصير نفسه بعدما تبيّن أنه أدخل لبنان بطريقة غير شرعية، لكن أصحاب السيرك يصرّون على الاحتفاظ به، ولا تزال قضيته عالقة أمام القضاء اللبناني، علماً بأن القضاء قد عيّن مالكه الحالي حارساً قضائياً عليه إلى حين بتّ وضعه القانوني.
ثالثة هذه الجمعيات هي «حقوق الحيوان وكرامته» التي أعلنت نفسها من خلال اعتصام أعضائها في منطقة ضبية شمالي بيروت في 17 تشرين الأول 2010 احتجاجاً على ما وصفوه بسوء معاملة الحيوان في لبنان وخصوصاً في محال بيعه، وللمطالبة بإصدار قانون جديد لتنظيم هذه المحال. وشارك في الاعتصام عدد من الأشخاص أحضروا كلابهم الى المكان، رافعين لافتات تدعو إلى الاهتمام بالحيوانات الأليفة وعدم تعذيبها أو معاملتها بعنف. وحثّت الجمعية على «ضرورة إصدار قانون جديد ينظّم محال بيع الحيوانات». وطالبت بتأليف لجنة لمراقبة محال بيع الحيوانات وإخضاعها لمواد من قانون العقوبات اللبناني. وقالت الجمعية إنها ستعمل على شراء قطعة أرض لإقامة مقبرة للحيوانات في لبنان.
تنشط هذه الجمعيات في عمليات إنقاذ الحيوانات الشاردة في أماكن عدة من لبنان تلبية لاتصالات من المواطنين عبر الفايسبوك أو عبر المواقع الإلكترونية. ويتولّى أعضاء الجمعيات والمتطوعون مساعدة القطط والكلاب الشاردة والمصابة، من خلال جمعها في مراكزها، ومساعدتها على الشفاء من جروحها بإشراف طبي، ثم عرضها للتبنّي ضمن شروط تضمن حسن المعاملة لهذا الحيوانات.
رئيسة جمعية حيوانات لبنان لانا الخليل طالبت محافظ جبل لبنان بالعودة عن قراره، وأكّدت أن هذا القرار يتناقض مع توجهات المنظمة الدولية للصحة الحيوانية التي يستضيف لبنان مكتبها الأقليمي. وأضافت: «سبق أن تعاونت الجمعية مع العديد من البلديات التي عمدت إلى جمع الحيوانات وخصيها بدل قتلها. ولفتت الخليل إلى أن قتل حيوانات الشوارع لا يعني أنها ستخلو منها، بل سرعان ما تسيطر حيوانات أخرى على الشوارع مجدداً، والحل هو بوقف تكاثر الحيوانات عبر خصيها، وهذا يسهم في التخفيف من عدوانيتها أيضاً.