الشعب يريد الحرب الأهلية

ها هو الخطف على الهوية، يأخذ مكانه في المشهد العام. ها هو فعل آخر، يعود بكل "طبيعية" الى الميدان. ها هي العيون التي تلمع من نشوة العنف، ونشوة "أكتشاف" القوة المولودة من الفوضى تعود لتحتل الشاشات. ها هي تصريحات وزير الداخلية، تبدو أشبه بصراخ أرملة عن البلكون بالزعران تحت في الشارع ان يكفوا عما يفعلونه.بكل وقاحة، وقوة، يقول الشاب امام عدسة كاميرا "أل بي سي": "عنا علوية متل اللي بسورية" وأنه خطف "تسعة (لبنانيين)، وبدقيقة بيصيروا مية"، ردا على استدراج السوريين لتاجر أسلحة، واعتقاله. من خلفه كان شخص بذقن ليست حتى إسلامية، اي انها ليست مشذبة، يقول للكاميرا "الواحد منّا بألف". لم تسأله المراسلة "لم يشكل خطف لبنانيين علويين ضغطا على الجيش السوري؟" بدا وكأن الجواب في رأسها بديهي. هذه "البديهية" هي ايضاً من عدة الحرب الأهلية. قبل ايام، خطف مواطن سوري في منطقة زحلة اسمه حبيب البريمو. ثم اطلق. قبله ايضا حصل تبادل خطف على الحدود الشرقية. اما وليد جنبلاط، فيقول ان الوضع يشبه ما كانه عشية العام 1982، وليس 1975. اي انه يضيف الى المخاوف من الحرب الاهلية الخوف من عدوان اسرائيلي. قبلها ايضا لعبت اشتباكات باب التبانة جبل محسن دور مسدد الضربة القاضية الى هيبة الدولة شمالاً بعد حادثة الكويخات. اما النائب خالد الضاهر فلم يجد افضل من الذهاب الى الخاطفين، خاطفي اللبنانيين على الهوية العلوية، ليتضامن معهم. هو نفسه كنا رأيناه بمجزرة حلبا، التي ذبح فيها جرحى اقتتال بين جماعته والقوميين وذلك على أسرّة المستشفيات، وهو نفسه الذي ادار "غضب الأهالي" الطبعة العكارية في الكويخات بعد مقتل شيخ على حاجز للجيش كان رفض افراده ان يفتشهم احد. تتسارع الأحداث ذات المؤشرات الخطيرة. قبلها، كان أهل عرسال، قد "اشتبكوا"، نعم اشتبكوا بالسلاح مع الجيش السوري النظامي! دار الخبر كالنكتة اسفل الشاشات "الأهالي في عرسال يشتبكون مع الجيش السوري"! هذا التطور، جاء إثر نشاط "الشباب" في دعم "إخوانهم" في سوريا. بدأوا بتهريب السلاح، ربما لأسباب تجارية بحتة، لكن ما أن وقعوا في كمين نصبه السوريون (والبعض يؤكد أنه كان ضمن الحدود اللبنانية وهذا بحث آخر) لم يتورع اولئك المدنيون اللبنانيون عن الهجوم بالسلاح على جيش نظامي عبر حدوده! أي بدلا من الفرار وهو ما يفعله المهربون "عادة"، هجموا عليه بالسلاح الذي معهم. هو "غضب الاهالي" إذاً، نجم الساحة اللبنانية على بياض. غضب كانت جماعة 14 آذار قد اتهمت بإدارته جماعة 8 منه، حين اشتبك اهالي الجنوب مع قوات اليونيفل. وإن كان لغضب الأهالي الطبعة الجنوبية منه، سبباً يبدو معقولا (خصوصا انه لم يستخدم السلاح)، حين تتحول اليونفيل، الموجودة بين القرى من قوات حفظ سلام الى قوات تجسس على بيوتهم، فإن الإشتباك مع جيش نظامي لدولة مجاورة عبر الحدود الدولية وبالسلاح هو ببساطة ..إعلان حرب! هكذا، لم يعد باستطاعة ابو الجعاجع، على وزن ابو الجماجم، ان يتهم المقاومة بانها تمسك بيدها قرار السلم والحرب. فها هم شركاؤه الميامين، يشعلونها، ويقررون. ماذا لو ردّ الجيش السوري؟ هل يستطيع لبنان ان يرد بالمثل؟ وماذا يعني لو خطفوا علويين لبنانيين؟ وهل العلويين، ولو كانوا مناصرين للنظام السوري، سيردعون هذا الأخير عما يفعله مهما كان ما يفعله؟ ماذا بعد الخطف؟ القتل؟ وبعدها؟ سينتقم لبنانيون علويون من لبنانيون سنة، وبذلك نكون دخلنا، برجلنا اليمنى انشاءلله، الحرب الأهلية مرة ...عاشرة؟ لم يكن ينقص مشهد الحرب الأهلية الوشيكة الا وزير الداخلية وهو يعترف بضعف الدولة، بل بأنها الأضعف، ليذكرنا بصورة الياس سركيس، الرئيس الراحل الذي اشتهر بصورة بكائه التي يعلن فيها عجزه عن حماية البلاد. اما المواطنين المفعّلين مذهبيا، ماذا يقال لهم؟ تريدون اسقاط النظام في سوريا؟ ومن قال لكم ان اشعال الحرب في بلادكم وعلى حدودكم لا يناسب النظام السوري الآن؟ ألا تقومون بتشتيت الإنتباه عما قد يكون يفعله هذا الجيش السوري النظامي؟ الا يمكن ان يكون ما حصل هو فخ نُصب لكم ووقعتم فيه؟ ثم بم سيستفيد اهل عرسال او وادي خالد من «إعلان الحرب» على الجيش السوري؟ دعم الثوار؟ باسم ماذا؟ هل يعلم احد من هؤلاء اي سوريا يريد هؤلاء الثوار؟ هل هناك مشروع ايديولوجي يغري بالإنتماء اليه فوق الانتماء للوطن؟ هل هم شيوعيون امميون مثلا؟ ام قوميون عرب؟ اليس مشروعهم مذهبيا بدليل حرفهم لمسار الثورة السورية عن بداياتها واغتيال مصداقيتها باستخدام المذهبية لشد عصبها على حساب الشركاء في الوطن السوري؟ هل الهوية المذهبية معترف بها و«بيطلع لها باسبور» مثلا؟ ماذ يريد «الشعب» في عرسال ووادي خالد؟ الإنخراط عمليا وبتحريض من نواب"المستقبل"، في عملية اسقاط النظام في سوريا؟ ام الإنخراط عمليا في حرب اهلية يبتزون بها الحكومة اللبنانية التي لا يستطيعون اسقاطها؟ في طرابلس ايضا، "الشعب" يريد اسقاط النظام في سوريا، ولذلك هو وجد لنفسه «سوريا» قريبة جداً متمثلة بالإنتماء الطائفي، واحيانا الأيديولوجي، لمواطنين لبنانيين في "جبل محسن". وبالفعل يلعب "الشعب" الفرع العلوي منه في الجبل لعبة "الدفاع عن النظام في سوريا". هكذا، يبدو إطلاق النار على جبل محسن، مع ان طوائف اخرى تدعم النظام السوري، وكأنه معركة «داخل الاراضي السورية». تنسى باب التبانة ان جبل محسن لبناني مثلها. باب التبانة تريد غلبة جبل محسن وكأنها في ذلك تغلب النظام السوري شخصيا. هنا ايضا نجد مؤشرات على طبيعة «الربيع» الذي «ضرب» سوريا. ربيع صادرته المذاهب، ربيع يريد قلب انظمة ديكتاتورية لا شك، ولكن، من اجل مستقبل مذهبي، وليس من اجل التعددية وحرية التعبير والديموقراطية. ما دخل فقراء باب التبانة ووادي خالد وعرسال؟ اليس من هو في السلطة منذ تأسيس لبنان، كرئيس حكومة، هو مثيلهم المذهبي؟ ما الذي فعله لهم تماثل المذهب في بلادهم اولا حتى يتأملوا في حكم يماثلهم مذهبيا في سوريا؟ واولاد الجبل؟ لم يعتبرون انفسهم مطالبين بالدفاع عن النظام السوري وهم لبنانيون؟. طبعا من حق الجميع ان يعبر عن رأيه بتظاهرة او اعتصام، لكن يبدو ان التعبير عن الرأي بدون اطلاق نار او حرق دواليب يستدرج الكاميرات لم يعد كافياً. خيط بدقة خيط الحرير، ومتانته يبدو انه بداً يشد عصب "الشعوب". خيط عابر لدول المنطقة هو خط التماثل المذهبي. فماذا يريد "الشعب" حقا؟ دولة دينية؟ وكيف تكون هذه الدولة الدينية في بلاد متنوعة الطوائف من دون الدوس على الآخرين، من دون "ترانسفير" وفرز طائفي؟ من الواضح ان الشعب يريد ان تكون طائفته مرجعه واساس وحدته، هو لا يريد دولة مدنية. "الشعب" يرفض المس بأبناء الطائفة، ولو كان ذلك باسم الخيانة العظمى.!. فالخيانة، ان لم تكن للطائفة، لا تسمى في قواميسهم كذلك. الشعب يريد تغيير عقيدة الجيش، او توزيعه جغرافيا على اساس تناسب طوائف افراده مع طائفة منطقة انتشاره. ولا بأس من تحويله الى قوى فصل بين متاريس الطوائف التي امتدت الى الحدود. الشعب يريد تقسيم قواه الامنية ايضا حسب المذاهب، فما الذي يعنيه ان يكون هناك جيش «مش مفهوم ربو كيف عم يصلي». فالصلاة مهمة جدا للشعب، وهي أهم من مشكلة الكهرباء والاجور والتعليم وفرص العمل وباختصار اهم من لقمة العيش التي قد تجمعهم (معاذ الله) ببقية فقراء الطوائف. الشعب يريد اسقاط النظام في سوريا..اما في لبنان، فالنظام «مناسبو كتير»، فهو نظام مطاطي يستطيع المرء ان يخرج عليه او يدخل فيه متى أراد. نظام يؤمن له «الإعاشة» وحرية التعبير في صندوقة واحدة مع «كرت» الزعيم، الممول، الإله، الغني، المثال، و حامي حمى الطائفة. الشعب لا يريد تغيير النظام في بلده، فهو نظام يسمح بخوض الحروب مجددا، وهي بالنسبة لبعض مواطنيه، مورد رزق لا بل احيانا متعة ما بعدها متعة. الشعب يريد اسقاط النظام فقط في سوريا، و «إذا ما زبطت» فحرب أهلية قد تفّش له خلقه. الشعب باختصار يريد الحرب....وفي الجو، حتى لمن لا يمتلك حاسة شم خاصة، رائحة فوضى أسماها منظموها «خلاقة».

التعليقات
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/22/2012 11:20:26 AM

بصارحة ومتل ما قال زياد إنو اللبنانية قرطة عالم مجموعين عن غصب أو طيب خاطر ببلد هني بقولو انو بحبو بس اول جنسية تانية دغري ببيعو أو أول 100 دولار بينسو أو أول طلقة بسلاح دغري بيقتلو . نحنا عالم منقتل مش بس عالهوية . لا ... وعلى وقفة السيارة وعلى مشكل مع مرت خيو أو كرمال زيتونة بالمشاع أو كرمال بنت حلوة((بالغش)) نحنا عنا جنسية إنتماء وهوية ومواطنية نحنا قرطة زعران (( عالم))

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/16/2012 3:46:41 PM

لست من هواة المديح ضحى لكني أعشق أن أقرأ لك، كم تؤلمينني وكم تنكئين جراحنا، لكن هذه الجراح بحاجة إلى نكء والا تحولت إلى أورام خبيثة. رؤيتك ثاقبة وواضحة وقلمك صادق صدق الحقيقة كما هي غالب... عرفتيني ما هيك؟

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/13/2012 10:07:11 AM

إلى متى نمجد أشخاصاً خضبوا لبنان بالدم لا لحماية طوائفهم (كما ادعوا) بل لأمجادهم الشخصية واعتلاء كرسي السلطة!!! إلى متى نمشي على ممشاهم، ونرتهن بإشارتهم؟: هذا قتلناه بالأمس على الهوية بأمر الزعيم، واليوم نحبه ونتحالف معه بأمر الزعيم!!! ولماذا لا زالت الغربان حتى اليوم تنعق في لبنان، ولماذا بدلاً من إسكاتها، هناك من يسمع نعيقها فيعتقده غناءً عذباً وصوتاً شجياً؟؟؟!! لماذا هناك زعامات تريد للمهاجرين أن يخافوا القدوم إلى لبنان، وترفض نشر جوّ من الأمان وترفض المشاركة في أي شيء قد يعطي انطباعاً بذلك!!؟؟ أيها اللبنانيون، ألم يئن أوان استفاقتكم من هذه السكرة الطويلة؟ الزعامات تعمل لنفسها، أما أنتم فوقود حروبهم.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/12/2012 8:36:02 PM

تحقيق صحفي موجع.. نعم لقد اصبح قرار السلم والحرب في الخانة المدرجة على بطاقة الهوية ( السابقة) والمتوارثة ..انه ربيع المذاهب..ربما نشهد غدا تظاهرة شعبية تطالب الدولة باقرار الحرب الاهلية انطلاقا من مبدأ حرية التعبير!، من يدري! ، ..ومحاسبة كل الذين يتظاهرون سلميا من دون اللجوء الى الخطف او السلاح بالعالي او عن "صيب"، باتت التظاهرات السلمية نوعا من انواع التخلف لا تناسب ربيع المذاهب، نعم ما مصلحة فقراء جبل محسن وباب التبانة في تغيير النظام في سوريا ومباركة النظام اللبناني.. ؟، يُقال ان طلاب البريفيه في مناطق عكار وطرابلس وباب التبانة وجبل محسن وعرسال لم يتقدموا اليوم الى الامتحانات الرسمية .. لانهم كانوا سهرانين على المتاريس حتى الصباح..انه ربيع المذاهب بامتياز.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/12/2012 1:34:27 PM

الشعب لازملو قنبلة نووية! بيحضرني تساؤل كثير من الناس: طيب ليش زياد ما عم يعمل مسرحيات؟ بعتقد انو زياد كتب مسرحيات بتكفي وتغطي جميع "المناسبات" اللبنانية من وقتها وإلى ما شاء الله. راجعوا امسرحيات راجعوا الحلقات الإذاعية راجعوا الأغاني راجعة بإذن الله! شكراً ضحى..مقالة مميزة!

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/12/2012 8:05:20 PM

معك او معك حق بالنسبة لموضوع الاستاذ زياد الرحباني. انو ضل شي ما قالو وبكل الأشكال؟ مزبوط مية بالمية ولو بدو يزعلو شبيبة "الشعب يريد زياد الرحباني". أنا برأيي انهم بدو اياه وحاسين بضرورة وجودو لأنو بالضبط حاسين انو راجعة بأذن الله. ضحى

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/11/2012 8:33:06 PM

بعتقد خلصت مرحلة التشخيص و صار وقت العلاج وأفضل العلاج الكي بهيك حالة

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/12/2012 3:47:18 PM

اي كي تريد؟ هذه هي المشكلة..ربما اكون قد فهمت ما ترمي او ترمين اليه. وربما كان هذا موضع مدونتي المقبلة. بكل مودة. ضحى

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/14/2012 9:06:47 PM

ست ضحى أكيد عرفتي عن أي كي عم إحكي لأن منفكر بنفس الطريقة و عنا نفس الوجع... تحياتي. تمارا

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/11/2012 8:22:15 PM

اللي بجرب مجرب عقلو مخرب ما هيك? و الظاهر كل الشعب اللبناني عقلو مش بس مخرب إنما معفن و مكتر

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
شاركونا رأيكم