واضطر السيسي إلى إلغاء الزيارة عام 2015 بسبب السعي آنذاك لاستصدار قرار بحقه يمنعه من السفر حال وصوله إلى جنوب إفريقيا، وهو السبب نفسه الذي أُلغِيَت على أساسه اليوم الزيارة التي كانت ضمن جولة تشمل زامبيا، الكونغو الديمقراطية وأنجولا، وتستمرّ أسبوعاً ضمن الجولات الإفريقية المُكثّفة التي يقوم بها السيسي منذ بداية العام الجاري.
توبيخ حادّ وُجِّه إلى وسائل الإعلام لنشرها تفاصيل الزيارة من دون بيان رسمي
وبحسب التقرير الذي رُفع للسيسي، فإن تصديق جنوب إفريقيا على معاهدة روما المؤسِّسة للمحكمة الجنائية الدولية يمكّن القضاء في هذه الدولة من نظر قضايا متعلقة بجرائم ارتُكبت خارج البلاد، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. ورصد التقرير وجود تحركات لتنظيم احتجاجات معارضة لزيارة السيسي، فضلاً عن «مخاوف أمنية» مرتبطة بحضوره، وعدم إمكانية توقع ردّ الفعل القضائي.
وعليه، جرى التوصل إلى قرار نهائي بإلغاء الزيارة، لكن ليس إلى جنوب إفريقيا حصراً حتى لا يُحسب ذلك على النظام المصري إعلامياً وسياسياً، بل أُبلِغَت بقية الدول بأن زيارة السيسي ستكون في وقت لاحق، بينما أُلغيت زيارة بريتوريا نهائياً، خاصة أن الهدف الرئيس منها ــــ أي حضور مراسم احتفال الرئيس سيريل رامافوزا بولاية ثانية ــــ سيكون قد جرى تجاوزه.
وأبدى الجانب المصري اعتذاراً لمسؤولي بريتوريا عن عدم مشاركة السيسي، وأبلغهم بأن وفداً آخر رفيع المستوى سيحضر الاحتفالية، علماً أن السيسي يسعى إلى تعزيز العلاقات بين البلدين اقتصادياً، وتنسيق المواقف إفريقياً في عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها الأوضاع في السودان وليبيا.
وبحسب مصدر تحدث إلى «الأخبار»، صدرت تعليمات مساء الخميس لمختلف وسائل الإعلام المصرية بتجاهل أي أخبار عن الجولة بعدما كانت قد نُشرت تفاصيلها في الصحف المطبوعة، لتقوم إثر ذلك عدة مؤسسات قومية كبرى، وفي مقدمتها «الأهرام»، بحذف خبر الزيارة من مواقعها الإلكترونية، على رغم نشره ورقياً. وأكد المصدر أن توبيخاً حادّاً وُجِّه إلى وسائل الإعلام لنشرها تفاصيل الزيارة من دون صدور بيان رسمي من رئاسة الجمهورية، وهو التقليد الذي كان متبعاً منذ شهور.
والجدير ذكره أن قرار إلغاء الزيارة اتُّخذ في وقت متأخر، وبعدما كان بعض صحفيّي الرئاسة قد غادروا بالفعل إلى جنوب إفريقيا، فيما كان آخرون في طريقهم إليها.