توسّعت موجة الرفض لـ«هيئة الحوار» لتشمل أحزاباً كبيرة في الساحة
وترك خطاب قايد صالح حيرة في أوساط الناشطين، كونه تحدث بلغة حادّة ضد فكرة يتقاسمها الكثيرون في الساحة، ومن بينهم مرشحون محتملون للرئاسيات مثل رئيس الحكومة السابق، علي بن فليس، الذي رأى قبل أسبوع أن «المسائل المتعلقة بتغيير النظام السياسي والانتقال الديموقراطي وإعداد دستور جديد للجمهورية، يمكن أن يتم التكفل بها في إطار عهدة انتقالية يمنحها الشعب لرئيس الجمهورية القادم»، وهو نفس ما تبنّته «هيئة الحوار» خلال لقائها به. وفي هذا الإطار، ثمة من يعتقد أن قايد صالح يُريد إسقاط فكرة كريم يونس التي جاءت كمقترح فقط، لكنه لا يرفض عمل «هيئة الحوار» التي أشاد بها في خطابه وهاجم بشدة الرافضين للتعامل معها.
إسقاط فكرة الرئيس الانتقالي، وقبل ذلك رفض المرحلة الانتقالية قبل الانتخابات، أصبح يضع قائد الجيش، لدى البعض، في زاوية الذين يريدون الذهاب إلى انتخابات رئاسية من دون أي ضمانات لما سيحدث بعدها. وصار الهجوم متركزاً في الأسابيع الأخيرة على رأس المؤسسة العسكرية في المسيرات، حيث يتهمه المتظاهرون بمحاولة فرض رئيس على الجزائريين في انتخابات صُوَرية، ما يعني تجديد الواجهة المدنية للحكم فقط، مع احتفاظ الجيش بصناعة القرار الفعلي. وفي تظاهرة الطلبة الأخيرة أمس في العاصمة، سُمعت هتافات قوية ضد استراتيجية المؤسسة العسكرية، أبرزها «كريم يونس لا يمثلنا وقايد صالح لن يحكمنا»، وهو ما يعتبره بعض المحللين تصعيداً من جانب الحراك في مواجهة رفض السلطة لكل المبادرات الجادة، ما أدى إلى استمرار الأزمة نحو نصف عام من دون ظهور بوادر حلّ في الأفق.
وعلى رغم أن رهان السلطة كان كبيراً على «هيئة الحوار والوساطة» التي تشكّلت منذ نحو شهر، إلا أن «أخطاء قاتلة» أدّت إلى إفقاد الهيئة الصدقية في الشارع. وفي الجمعة الأخيرة، ندّد المتظاهرون بشدة بها، واعتبروها مجرد مناورة من السلطة لصناعة «ديكور» من الحوار من أجل تبرير الذهاب إلى انتخابات بالشروط التي تفرضها. ويستدلّ الرافضون لـ«هيئة الحوار» الحالية بتنازلها عن شروط التهدئة التي وضعتها قبل بداية عملها، ثم رضوخها للأمر الواقع. ومن بين تلك الشروط، إطلاق سجناء الحراك الذين اعتُقلوا على خلفية رفعهم الراية الأمازيغية، وعدد من المدوّنين، بالإضافة إلى لخضر بورقعة القائد التاريخي ضد المستعمر الفرنسي والناشط في الفضاءات القومية العربية، والذي أودع السجن بسبب تصريحات له استهدفت المؤسسة العسكرية. وما زاد من إضعاف مساعي الحوار، التصعيد الأخير باعتقال بعض نشطاء الحراك ومنع جمعيات معتمدة من تنظيم نشاطاتها. وتوسّعت موجة الرفض لـ«هيئة الحوار» لتشمل أحزاباً كبيرة في الساحة، مثل «حركة مجتمع السلم» و«جبهة العدالة والتنمية» عن التيار الإسلامي، بالإضافة إلى حزب «جبهة القوى الاشتراكية» و«التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» و«الحركة الديموقراطية الاجتماعية» من التيار الديموقراطي.