لا تزال قضية تصوير جنازات المشاهير تتفاعل في مصر، بعد قرار أسرة الفنان الكبير الراحل صلاح السعدني (1943 ــــ 2024) عدم تصوير عزائه، بعد المخالفات التي وقعت خلال تشييع جنازته. وتبع ذلك إعلان الممثل كريم عبد العزيز منع التصوير في جنازة وعزاء والدته في نهاية الأسبوع الماضي، فيما سمحت الممثلة يسرا اللوزي بوجود المصوّرين في جنازة والدتها التي رحلت قبل يومين. وفيما ظنّ الصحافيون أنّ أمر المنع من عدمه سيُترك لذوي الفقيد، دخلت وزارة الأوقاف المصرية بشكل غير متوقّع على الخط، مصدرةً قراراً هو الأول من نوعه بمنع تصوير الجنازات لدى دخولها أو خروجها من المساجد، بحجة «مراعاة حرمة المسجد والميت وحصول تجاوزات غير لائقة»، الأمر الذي عقّد الأمور أكثر، ما دفع كثيرين إلى تفسير ما حصل بأنّه نتيجة عدم وصول نقابتَي الممثلين والصحافيين إلى صيغة ترضي كل الأطراف. من جانبها، أصدرت «نقابة الصحافيين المصريين» بياناً وصفت فيه قرار الوزارة بـ «غير الدستوري»، مشدّدةً على أنه ليس من حق أي جهة أو شخص أياً كان موقعه حظر التصوير بقرار يخالف نصوص الدستور، ومواد القانون التي سمحت لأهل الإعلام بممارسة واجبهم من دون وصاية أو رقابة مسبقة. وأكّد البيان أنّ قرارات من هذا القبيل تشكّل «اعتداءً صريحاً على حق الصحافيين في أداء واجبهم، ومصادرة لحق المواطنين في المعرفة»، مطالباً وزارة الأوقاف بالتراجع «فوراً» عن هذا القرار «المخالف لكل نصوص القانون والدستور».
وأوضح البيان أن وضع قواعد لممارسة المهنة هو من صميم اختصاص «نقابة الصحافيين» وحدها، كما أنّ «وجود انتهاكات ــ نرفضها ــ من قبل البعض للحياة الخاصة وحرمة الموت، لا ينبغي أن يكون ذريعة لتوسيع نطاق التضييق والمنع».
رسم قرار وزارة الأوقاف علامات استفهام عدّة. فهو مبدئياً لا يشمل سرادقات العزاء التي تقام في قاعات ملحقة بالمساجد. وماذا عن تصوير النعوش خارج أسوار المسجد؟ ومن هي الجهة المنوط بها تنفيذ القرار الذي سيضع الشرطة في مواجهة مستمرة مع المصوّرين في حال تحدّوا الوزارة وقرروا التصوير، خصوصاً إذا لم يصدر من ذوي الفقيد ما هو مخالف؟
في معرض تعليقه على الأمر، قال الناقد طارق الشناوي إنّ تجاوزات البعض، خصوصاً من غير الصحافيين والمصوّرين الذين يفتقدون للتجربة والخبرة، لا تفرض التعتيم، وأنّ التنظيم هو الخيار الأفضل لضمان توثيق الحدث من دون إزعاج أهل الفقيد.