المستغرب أن يتجاوز بو صعب، وهو أحد المعنيين المباشرين بحماية القوانين، الديمقراطية النيابية بإبرام اتفاقية جانبية ستكون نافذة سواء أُقرت أو لم تُقر في المجلس النيابي، علماً أنها تخدم مصالح المدارس الخاصة وتحررها من الرقابة التي نصّ عليها القانون 515/96.
الاتفاق حذف كلمة «مساعدات» الواردة في قانون 15/12/2023 («تحدد مساهمة المدرسة في تغذية صندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة بنسبة 8% من مجموع الرواتب والمساعدات بحسب العملة التي تُدفع ...»)، ما يعني أيضاً وقف العمل بالمادة الأولى من القانون 515/96 التي تُعرّف القسط المدرسي بأنه «ما تفرضه المدرسة على التلميذ من مبالغ، أياً كانت تسميتها، عن سنة دراسية...». فمصطلح «المساعدات» المستحدث في قانون 15/12/2023 غرضه شرعنة دعم رواتب وأجور المعلمين بالعملة الأجنبية بسبب الأزمة، في حين أن المبالغ المفروضة على الأهل بالليرة والمقدّمة إلى الهيئة المالية في لجنة الأهل والوزارة لا تشكل أكثر من 10% من المبالغ التي تتقاضاها المدرسة كـ«مساعدات»، وبالتالي ستُدرج في الموازنة. أما حذفها فيحرر هذه المساعدات من أي رقابة، ويكون القسط الفعلي بضعة آلاف من الدولارات، فيما المصرّح عنه للأهل والوزارة لا يتعدى عشرات الدولارات. ولن تكون المادتان الأولى والثانية من القانون 515/96 نافذتين في هذه الحالة، فماذا يبقى من القانون؟
بقبولها الاتفاق الجانبي تساهم نقابة المعلمين في شرعنة التحايل
ما هو السر الدفين الذي جنّد كل هذه القوى السياسية والبرلمانية والطائفية لحماية مصالح المدارس الخاصة؟ هل هو فعلاً 900 ألف ليرة لصندوق تعويضات المعلمين المتفق عليها في البروتوكول أم أنها براءة الذمة المالية من صندوق التعويضات التي تفرض نموذجاً جديداً من الرقابة وتضيّق إمكانية الربح من تضخيم أعداد المعلمين المسجّلين في الصندوق لتضخيم الموازنة؟ أم أنها إدراج كل الأقساط بكل العملات في الموازنة؟ أم رغبة المدارس في التحرر من أي رقابة ومن ضمنها رقابة لجنة الأهل؟
رغم وقوف الأهالي مع حقوق المعلمين في مختلف المحطات، يبدو مستغرباً أن توافق النقابة على صيغة اتفاق تجميد المادة 2 من القانون 515، فماذا سيكون رأي المعلمين لو سعى الأهالي إلى اتفاق لتجميد دفع اشتراكات المعلمين في الصندوق، وإن كان الأهل لن يقفوا إلا مع تطبيق القانون حتى لو كان جائراً بحقهم، ولا يساهمون بقضم حقوق الشركاء الآخرين؟
قبول نقابة المعلمين بهذا الاتفاق هو مساهمة في شرعنة التحايل، وقد يطاول تحايل اتحاد المؤسسات التربوية في المستقبل حقوقاً أساسية للمعلمين، إذ سبق للمؤسسات التربوية التغاضي عن دفع حقوق المعلمين في محطات عدة كان أبرزها التمنع عن دفع السلسلة والدرجات التي أُقرت عام 2017. لذا من واجب النقابة الاعتراض على هذا التحايل والخداع والانسحاب من هذا الاتفاق والعودة للضغط لتفعيل قانون 15/12/2023 المتفق عليه أصلاً والمُقر في المجلس النيابي.
* باحث في التربية والفنون