9 أشخاص قضوا داخل مطعم «Pizza Secrets» أمس، ومعهم طويت حكاية 9 عائلات؛ هؤلاء ليسوا مجرّد أرقامٍ انطفأت بفعل الحريق الذي اندلع داخل المطعم الواقع في بشارة الخوري، بل كانوا ضحايا الإهمال والتهاون في شروط السلامة العامة. مقتل الموظفين الـ9، عشية عيد العمّال، يوحي وكأن عشرات السنوات التي مضت على تكريس 1 أيار عيداً للعمال، تأكيداً على حقوقهم وتوفير الحماية لهم، ليس إلّا «عطلة رسميّة» في لبنان لا ترقى إلى معناها الحقيقي كقضيّة أساسيّة ناضل من أجلها عمّال العالم لمواجهة استغلالهم من قبل أرباب العمل.ففي لبنان يموت العمّال في عيدهم اختناقاً وحريقاً، لأنّ شروط السّلامة العامّة مفقودة، ولأنّ الرقابة معدومة، فيما يتنافس المسؤولون على الظهور الإعلامي أثناء زيارتهم لـ«مسرح الجريمة»، مطلقين الوعود بـ«كشف الحقيقة»، كما فعل وزير الدّاخليّة والبلديات بسام مولوي حينما أشار إلى أنّ «الأدلّة الجنائية ستجري تحقيقها في الحادثة، والقضاء حتماً سيظهر الجهة المسؤولة».
هذا الكلام المُطمئن في الظّاهر لا يُبشّر بالخير، بعد كوارث مشابهة متكرّرة لم تؤدِّ إلى تشديد العمل الرقابي على المطاعم أو على عمّال الغاز في ظل انتشار هذا النّوع من العمل في المناطق الشعبيّة وبين المنازل، من دون حسيبٍ أو رقيب. لذلك، ستنتهي هذه المأساة، على الأغلب، كسابقاتها، ولن تُعالج أسبابها التي بدأت تظهر تفاصيلها أمس، إذ تُشير مصادر فوج إطفاء بيروت إلى أنّ التحقيقات الأوليّة أشارت الى أن الحادثة وقعت أثناء قيام عمال بـ«تلحيم» مواسير الغاز، ما أدّى إلى اندلاع الحريق ودفع بالعمّال الذين كانوا موجودين في المحل إلى الهروب نحو غرفة داخلية بدل الهروب إلى الخارج. وبعد اشتداد الحريق حوصروا في الداخل، ولم تتمكّن فرق الدفاع المدني من إنقاذهم، فمات معظمهم اختناقاً.