على طاولة لجنة الإدارة والعدل اقتراحا قانون، أحدهما يتعلق بمكافحة الأرباح غير المشروعة في القطاعين الطبي والاستشفائي، مقدّم من قبل رئيس لجنة الصحة بلال عبدالله في عام 2022، ونوقش على مدى 22 جلسة. والثاني يرمي إلى مكافحة الفساد في القطاع الخاص، قدّمه 9 نواب ينتمون إلى كتلة الجمهورية القوية في عام 2019، ونوقش 13 مرّة. وفي جلسة اللجنة، أمس، اتُّفق على دمج الاقتراحين من دون أن تتضح أهمية إقرارهما، سواء أكانا مدموجين أم منفصلين، طالما أنه لا تعريف واضحاً للفساد، وأن قوانين مكافحة الفساد التي أقرّها المجلس سابقاً لم تُطبّق بعد.في هذا الإطار تبيّن أن النقاشات في لجنة الإدارة والعدل، تدور حول إشكالية واحدة: هل نوحّد قوانين مكافحة الفساد، أم نقرّها كما هي، كلّ منها يتعلّق بقطاع؟ اعترض النائب عبدالله على فكرة الدمج لأن لا شيء يثبت له أن القانون المدمج يتيح الولوج إلى عمق القطاع الطبي ومكافحة الأرباح غير المشروعة فيه (أي الاقتراح الذي قدّمه). وبحسب نواب شاركوا في جلسات لجنة الإدارة والعدل المتعلقة بهذا الموضوع، فإنه لا جواب عند النواب على سؤال عبدالله.
المشترك بين الاقتراحين يظهر في الأسباب الموجبة لهما، إذ يتبيّن أنهما ينطلقان من تسابق النواب في الاستجابة إلى اتفاقيات مكافحة الفساد الخاصة بالأمم المتحدة عبر اقتراح قوانين بشعارات رنانة لكنها فارغة من المضمون.
ومن اللافت أنه في اقتراح قانون مكافحة الفساد في القطاع الخاص، يرى النواب أن فساد القطاع العام هو مصدر الفساد في القطاع الخاص، إذ يقول بعضهم: «فساد القطاع الخاص وجه العملة الآخر للفساد في القطاع العام». وهؤلاء ينتقدون التشريع الضريبي في لبنان ونظام المحاسبة العامة باعتبارها مصدراً لهذا الفساد. لكنهم لا ينظرون إلى تلك الإعفاءات الضريبية، التي تمثّل شكلاً مقونناً من أشكال التهرّب الضريبي، التي يمرّرها مجلس النواب سنوياً خلال إقرار الموازنات العامة.
من جهة ثانية، لأول مرّة دقّ اقتراح قانون مكافحة الأرباح غير المشروعة في القطاعين الطبي والاستشفائي باب الشركات التجارية العاملة في تسويق الأدوية والمستلزمات الطبية، إذ أشار صراحةً إلى «ظاهرة تقاضي العمولات، وتأسيس مؤسّسات وشركات تجارية من قبل العاملين في القطاع الطبي، ما يؤدّي إلى تضارب المصالح». ويذكر أنّ الاقتراح شمل في تعريف «المهني» كلّاً من الأطباء والممرضين والتقنيين في المستشفيات، وكل شخص طبيعي أو معنوي معني بصحة المريض، وأتى لأول مرّة على تحديد «المنافع غير المشروعة» التي يحصل عليها عدد من العاملين في القطاع الصحي، مثل الإتجار بالبضاعة، وتفضيل استعمال سلعة على أخرى من دون وجود أسباب طبية، وهو ما يقوم به بعض الأطباء من خلال الإصرار على وصف نوع معيّن من الأدوية، أو الإجراءات الطبية خدمةً لشركات، ومقابل بدلات مالية أو عينيّة.