سعد محمد رحيم صاحب نتاج له مكانته في خارطة الأدب العراقي (عن الويب)
بعد سنوات وبالتحديد في العام 2010 وجد قاسم في مقهى «ارخيته» في كرادة بغداد، فرصة لتكوين ذاكرة جديدة والاحتماء ببغداد ثانية تشكّلها مخيّلة الأصحاب الذين يعاندون الواقع العام، وخلق مساءات وحوارات تعطي للمكان صفة الملتقى الثقافي الذي يحتفي بالهامش وبعلامات الاحتجاج في المدينة. كان قاسم صاحب وجود مركزي في «ارخيته» يتحلّق حوله الشعراء والمسرحيون والسينمائيون الشباب، يتحدّث لهم عن رؤاه بشأن أفلام عباس كيارستمي ومحسن مخملباف ومجيد مجيدي وقيمة كتب الناقد سهيل سامي نادر، مروّجاً بقوّة حينها لكتاب الأخير «الخشن والناعم». في رصيده الكثير من الكتب، منها: «هكذا تكلّم الحلاج» (دراسة)، و«الأعمال الكاملة للحلاج»، و«أبو يزيد البسطامي»، و«كتاب ختم الولاية»، و«كلمات الصوفية»، و«الرسائل الإلهية» (تحقيق)، و«نصوص بهائية» (جمع وتقديم)، و«المحرقة» (رواية). غاب هذا الكاتب البغدادي، فتوزّعت لافتات التأبين والاستذكار بين مقاهي الكرادة التي مرّ بها وجلس فيها كثيراً.
رحيل ثانٍ، صدم جموع المثقفين، بوفاة الروائي سعد محمد رحيم (1957- 2018)، اثر اصابته بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى المستشفى في السليمانية في كردستان العراق، ليفارق الحياة فجر أمس الاثنين. صاحب نتاج روائي وقصصي له مكانته المهمة في خارطة الأدب العراقي، منذ صدور كتابه القصصي الأول: «الصعود إلى برج الجوزاء» (1989)، وروايته الأولى «غسق الكراكي» (2000)، وحتّى فوزه بـ «جائزة كتارا للرواية العربية» عام 2016 عن روايته غير المنشورة «ظلال جسد... ضفاف الرغبة»، ومن ثم ترشّح روايته «مقتل بائع الكتب» (2017) إلى القائمة القصيرة لجائزة «بوكر» العربية.
خسرنا أحد المثقفين العراقيّين الذين امتلكوا سمعة طيبة وتهذيباً عالياً، إذ لم تغيّره الأضواء التي نالها أكثر في العامين الأخيرين، بعد فوزه وترشّحه، وبقي ذلك الهادئ المتواضع الودود الذي لم تمسه أمراض بعض المهمومين بالشهرة وحصد الاعجابات على مواقع التواصل. يغيب ابن ديالى، ويستهجن الكتّاب العراقيون طلائع هذا العام الذي أخذ يخطف أسماء زملائهم واحداً تلو الآخر.