القاهرة | بينما كان محمد هاشم (الصورة) يستعد للصدام المرتقب مع الفاشية الدينية، إذا بالفاشية العسكرية تسدد ضربتها ضد الناشر الطليعي: وجه صبي بائس ومجروح، يطل عبر شاشة عسكرية خارج القانون والقضاء، ويدلي باعتراف عن «دار ميريت» وصاحبها محمد هاشم في «6 شارع قصر النيل». ما «جريمة» الدار؟ توزع الخُوَذ والكمامات.
لو كان العسكر يقرأون قليلاً، لعرفوا أن تلك ليست جريمة إلا في نظر القتلة، ولو قرأوا شيئاً من كتب «ميريت»، لعرفوا أن صاحبها لا يمكن إلا أن «يعترف» بالتضامن مع المتظاهرين، ومساعدتهم، بل زد على ذلك أنّه طالب بعزل المجلس العسكري الذي «يقتل الناس ثم يشهّر بهم». لكنهم لا يعرفون أنّ «دار ميريت» التي قدمت أبرز الكتّاب والكتب في مصر طوال السنوات العشر الأخيرة، وخرّجت (وتخرّج) العشرات من الأدباء سنوياً، لا سر لها سوى ذلك الاتساق التام بين الوظيفة والشكل والمضمون. هي دار نشر ومقر اجتماعات وبؤرة أفكار ومقهى ومحل إقامة أحياناً. وبينما كانت الشاشات تنقل أحداث التحرير طوال الثورة وما بعدها، كان المتظاهرون يعرفون عنوان «ميريت» بوصفه موضعاً للأمان ومصدراً للبطاطين والأكل والأدوية. وتطور ذلك إلى الكمامات عندما بدأت الحرب الكيماوية ضد المتظاهرين. يتهم العسكر صاحب الدار بتوزيع الخُوَذ فقط، لأنهم أقل معرفة من أن يدركوا أنّ «ميريت» توزع ما هو أخطر: الأفكار.
بعد إذاعة شهادة التحريض التي تمهد لإجراءات أمنية أو «قانونية» ضد الدار وصاحبها، جاءت أم الصبي «المعترف» إلى مقر «ميريت»، تطلب مساعدة هاشم في الدفاع عن ابنها «المختفي/ المختطف» منذ أيام. وسارع هاشم إلى الاتصال بالحقوقيين ليساعدوا الصبي القاصر. مجرد ذهاب الأم إلى هاشم وطلب مساعدته، يعني معرفتها بأنّ الصبي مجبر على الإدلاء بمثل تلك التصريحات، وبأن هاشم سيساعدها في جميع الأحوال.
قبل أن ينتهي المؤتمر الصحافي العسكري الذي شهد التحريض على صاحب «ميريت»، كانت بيانات التضامن قد بدأت توزّع، والتواقيع تتوالى، والمسيرات تجهّز. من بين الملايين الذين شاهدوا المؤتمر، كان آلاف من المثقفين يفهمون معنى التحريض على «ميريت»: المجلس يواصل الحرب على الثورة، لكنه سيكتشف أن جنود «ميريت» كثيرون، يقول المثل «من زرع حصد»، ومحمد هاشم زرع الكثير جداً.
5 تعليق
التعليقات
-
سوا .سوا ..محمد هاشم ..ومثلما تحاول " الطغمة الباغية " تشويه البرادعي بالأكاذيب تحاول تشويه المثقفين المصريين ،لكن ليس بالأكاذيب بل باتهامات عجيبة هي أوسمة.كأن من يتضامن مع المعتصمين ضد البغي "خائن وعميل " فالعسكر يحتقرون المثقفين مثلما يهينون النساء .كان الجندي يضرب شهدي عطية الشافعي ويقول له " قول انا مرة ( إمرأة ) من وجهة نظرهم المتخلفة " فيرد شهدي انا شهدي عطية الشافعي.ضربوه حتى الإستشهاد. كأنه بقوله لهم " انا مرة " يحقق لهم امنية ان كل مثقف "إمراة " مع ان النساء هن امهاتنا اللاتي قال القرآن الكريم ان الجنة تحت أقدامهن! الطغمة الباغية تريد كسر عضم المثقفين المصريين وبالتحديد اليساريين فاتهموا البنات في التحرير بالفسق( بدأها على صالح ) وكشفوا عن عذريتهن . عروهن وهتكوا عفافهن وشرفهن وشرف وعرض مصر كلها. ما أوصلنا إليه عسكر طنطاوي هو المقارنة بين جيش اسرائيل ومستوطنيها الميلحين في معاملتهم للفسطينيين ومعاملة "جيش مصر " مع المصرين .ووللأسف فاز الجيش الاسرائيلي . يجب تقديم الفاعل لمحاكمة مدنية علنية.
-
هاشم وميريتمن النادر ان لا يعرف مثقف مصري أوعربي محمد هاشم ومن النادر ان لا يصطدم به مثقف مصري وعربي ، ومن النادر ان لا يتصالح مع هاشم من اصطدم به ..وأنا واحد من هؤلاء الذين يعرفون هاشم قبل ان يؤسس دار ميريت ومن الذين نشروا عنده ومن الذين اصطدموا معه ومن الذين تصالحوا ايضا معه .فهاشم ليس ملاكا لكنه مواطن مصري. يحمل داخله ثقافة خمسة ألاف سنة مثل كل المصريين بما فيها من تناقضات ؛ جدعنة وتخاذل ..شجاعة وجبن .. فهاشم لا يمكن الاستغناء عنها و حتى تجاهله ؛ لأنه ليس مجرد بني آدم مصري يسعى في الأرض لكنه ايضا مصري غير اعتيادي . إنه مؤسسة غير اعتيادية ايضا .ففي أوقات الأزمات يظهر هاشم المؤسسة؛ حينئذ تظهر الجدعنة المصرية والشهامة والكرم ؛ يفتح دار ميريت الصغيرة على إتساعها . يبيت فيها متظاهرو خمسة وعشرين يناير ؛ ومتظاهرو ما بعد خمسة وعشرين يناير خاصة البنات اللاتي يحتجن الى بعض الخصوصية بحكم تكوينهن الأنثوي وبحكم العادات والأخلاق الحميدة ..تقدم ميريت لهن الأمان والطمأنينة لمدة ليلة ثم يعدن الى الميدان ومعهن ترامس الشاي وسندوتشات الفول والفلافل . ويؤسس هاشم مع آخرين "أدباء وفنانون من اجل التغيير " قبل خمسة وعشرين يناير ويعتصمون في ميدان طلعت حرب ويهتفون بسقوط مبارك. تنتصر خمسة وعشرين يناير ، وتتبلور ظاهرة البرادعي وهو مصري من نوع هاشم ؛ مصري غير عادي ومؤسسة غير عادية ، ونذهب في وفد مع هاشم نلتقي البرادعي في منزله ..
-
سؤالبعد التحية و التضامن , اذا ممكن احد ما يجاوبني اين يمكن ان اجد كتب ’’ميريت’’ في لبنان ؟؟ الله وكيلكم دخت السبع دوخات و لم اجد موزع واحد لكتبها ... و شكرا
-
احنا معاكانا متضامن معاك يتهم العسكر صاحب الدار بتوزيع الخُوَذ فقط، لأنهم أقل معرفة من أن يدركوا أنّ «ميريت» توزع ما هو أخطر: الأفكار
-
الحبحب الحرية..حب الحياة.. حب الآخر.. حب الدار والأصدقاء. تسقط الفاشية