بغداد | تشهد قوى "الإطار التنسيقي" العراقية انقساماً بشأن الهدنة التي تطبّقها فصائل "المقاومة الإسلامية في العراق" إزاء القوات الأميركية، بعد عودة أحد التشكيلات إلى استهداف قواعد واشنطن في البلاد. ويأتي ذلك بعدما أفرزت زيارة رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، لواشنطن في منتصف شهر نيسان الجاري، حالة من عدم الانسجام بين مواقف تلك القوى، ولا سيما في قضية التفاهمات بين بغداد وواشنطن حول انسحاب القوات الأميركية من البلاد، وفق جدول زمني محدد. وبعد عودة السوداني من واشنطن، جرى استهداف قاعدتي "حقل العمر" و"خراب الجير" في سوريا بوابل من الصواريخ التي انطلقت من قرية أحمد آغا في ناحية زمار، شمال غرب الموصل، كما تم استهداف قاعدة "عين الأسد" غرب بغداد بالمُسيّرات، فيما لم يتبنّ أي فصيل عراقي مسلح تلك الهجمات.وكشفت مصادر مقرّبة من الفصائل و"الإطار التنسيقي، لـ"الأخبار"، عن كواليس ما جرى من حديث بين السوداني وبعض التشكيلات المسلحة التي انتقدت ضعف الموقف الحكومي في الحوارات مع الولايات المتحدة في ملف انسحاب قوات الأخيرة، قائلة إن السوداني طالب الفصائل بالاستمرار في التهدئة. وأوضحت المصادر أنّ الاستهدافات تم تنفيذها من دون الرجوع إلى "تنسيقية المقاومة"، وهذا يخالف الاتفاق الذي أفضى إلى هدنة لمدة ثلاثة أشهر بين الفصائل والحكومة. وأشارت إلى أنّ "كتائب حزب الله" أبلغت السوداني بأنها قد تعاود استهداف المصالح الأميركية نتيجة فشل مفاوضات الانسحاب، بعد انتهاء الهدنة في أيار المقبل. وتابعت أنّ الاستهدافات الأخيرة كانت بمثابة رسائل تحذيرية للحكومة، أرادت المقاومة أن تقول من خلالها إن الفصائل غير راضية عن تفاهمات السوداني مع مسؤولي واشنطن خلال زيارته، التي لم تتطرّق بشكل واضح إلى خروج القوات الأميركية، وهو المطلب الأساسي مقابل الالتزام بالهدنة.
عدم تبنّي الهجمات الأخيرة يشير إلى عدم رغبة المقاومة في إحراج الحكومة


من جانبه، يقول القيادي في "الحشد الشعبي"، علي الموسوي، إنّ "فصائل المقاومة عندما وافقت على وقف عملياتها العسكرية، كانت تنتظر محادثات السوداني في الولايات المتحدة، لكن يبدو أن بعض الفصائل غير مقتنعة تماماً بنتائج محادثاته، وبالتالي بدأت تفكر بعودة نشاطها من جديد رداً على المماطلة الأميركية في الانسحاب". ويبين الموسوي، في تصريح إلى "الأخبار"، أنّ "ما يجري من حوارات داخل المقاومة لا يرتقي إلى مستوى الخلافات والانشقاقات". وإذ يلفت إلى أن "بعض أطراف المقاومة ما زالت متمسكة بالهدنة أو تعليق الهجمات"، فهو يعتبر أنّ "الأميركيين معروفون بعدم الانصياع للمطالب العراقية، ولا يريدون الانسحاب وإن ضغطت الحكومة العراقية عليهم، لكن الحكومة لها مصالح معهم ولا تستطيع الضغط".
بدوره، يعتقد القيادي في "الإطار التنسيقي"، عائد الهلالي، أن الحكومة تسعى إلى التهدئة وإقناع الفصائل بعدم التصعيد العسكري ضد القواعد الأميركية، وذلك تفادياً لتدهور الوضع العراقي أو العودة إلى المواجهات بين المقاومة والأميركيين. ويشير، في تصريح إلى "الأخبار"، إلى أنّ "الحكومة تعمل بشكل متواصل على منع التصعيد بين الفصائل والأميركيين، وأن الهجمات الأخيرة لم يتم تبنّيها، وهذا يدلّل على أن الجميع مع التهدئة وعدم التصعيد لمنع إحراج الحكومة والتأثير على المفاوضات الجارية لإنهاء وجود قوات التحالف في العراق". ويرى أن "ما جرى قد يكون رسائل ضغط على الحكومة العراقية للإسراع في حسم مفاوضات إخراج القوات الأميركية، وعدم المماطلة في هذا الملف".