على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

وأخيراً ظهرَ محمود عبّاس. صعد إلى المنبر في حفل في الرياض (جرّوه إليه مع أنّ المناسبة ليست لـ «رؤساء الدول» على افتراض أنه يرأس دولة وهميّة متخيّلة). أهم ما قاله عبّاس هو أنّ حصول إسرائيل على «الأمن الكامل» هو «واجبنا» أي واجب الشعب الفلسطيني. أكرّرُ نفسي عندما أقول: لا خلاصَ للقضيّة الفلسطينيّة قبل مراجعة مسار منظمة التحرير وقيادة ياسر عرفات. المسار التفاوضي (حتى لا نتحدّث عن المسار القتالي الذي أوصل إلى الهزيمة مرتيْن وإلى طرد قوات منظمة التحرير من بلدَين) كان كارثياً. قبول عرفات بفرضيات ومصطلحات التفاوض، مسؤول عن الأزمة التي عانتها الحركة الوطنية الفلسطينية منذ أن قرَّرَ أنّ التفاوض لا الكفاح المسلّح (الذي قاده بصفته «القائد العام لقوّات الثورة الفلسطينيّة»، أرتعش جللاً عندما أكتب العبارة). قبلَ مثلاً بمبدأ «الأمن لإسرائيل». والمفهوم بحد ذاته (انطلق من الحركة الصهيونية الأميركيّة) عنصري جداً، إذ إنّه يعترف بحق الأمن لشعب واحد في حرب مع شعب آخر. لا نسمع مثلاً بحق الشعب الفلسطيني بالأمن. على العكس، المعادلة الصهيونيّة روّجت ورسّخت لفكرة: الأمن لإسرائيل وحق تقرير المصير المنقوص والمُقيَّد للشعب الفلسطيني. عرفات في مسار تفاوضه قبِل بدونيّة الحياة الفلسطينيّة مقابل حياة الإسرائيليّين. لا تستحق حياة الفلسطينيّين نفس الاحترام الذي تلقاه حياة الإسرائيليّين. حتى في عام 1988 عندما قرأ نصّ وزارة الخارجية عن نبذ وإدانة «الإرهاب» والتنصّل منه، كان يعترف بأن نضال الشعب الفلسطيني هو إرهاب. كان يستطيع أن يُضمِّن النصّ (الذي قرأه من دون أي تعديل لأن أميركا اشترطت ذلك عليه من أجل أن تمنح منظمة التحرير شرف التخاطب مع مسؤولين أميركيّين) إدانة لتاريخ طويل من العنف الإرهابي الإسرائيلي. لم يعد ذلك ممكناً. اعتنق عرفات مفاهيم صهيونية عبر قبوله بالتصوّر والمفاهيم الأميركيّة للتفاوض بين الطرفَين، وهذه المفاهيم صنعها اللوبي الإسرائيلي. عندما يقول عباس إن واجب الشعب الفلسطيني هو حماية «أمن إسرائيل الكامل» فإنه يعترف بأنه دوني، وأنّ شعبه من مستوى متدنٍّ لا يحظى بما يستحقّه الشعب الإسرائيلي.

0 تعليق

التعليقات