حلّت «ذكرى قتلى المعارك والحروب الإسرائيلية»، أمس، في خضمّ حربٍ هي الأقسى في تاريخ كيان الاحتلال؛ وبدلاً من أن تكون مناسبة يفخر فيها قادة العدو بأولئك الذين سقطوا ليستمر مشروع «الدولة» التي قامت على أنقاض الفلسطينيين منذ 76 عاماً، حوّل أهالي الجنود القتلى، والأسرى لدى حركة «حماس»، الذكرى إلى تصفية للحساب مع قادة المستويَين السياسي والعسكري، الذين يتّهمونهم بالمسؤولية عن الفشل في التصدّي لـ«طوفان الأقصى»، وبالتخلّي عن أبنائهم، وبحمل دمهم على أكفّهم.
(أ ف ب )

وهكذا، فإن أول مَن «أكل نصيبه» هو وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير؛ إذ لدى وصوله إلى المقبرة العسكرية في أشدود، تلقّاه جزء من الأهالي بكثير من الصرخات بينها: «مجرم، ما الذي تفعله هُنا؟»، فيما هتف آخرون: «اخجل، مافيوي»، وذلك بعدما رُفعت حالة الاستعداد، وطُوّقت المقبرة، حيث وَضع عناصر الشرطة عدداً من الحواجز بينه وبين الأهالي. وعلى رغم أن البعض طالبوا بـ«تهدئة النفوس»، قائلين للأهالي الذين صرخوا على بن غفير: «اخجلوا، هذا ليس المكان ولا الزمان الملائمَين لذلك»، إلا أنه وفقاً لصحيفة «هآرتس»، فقد علت صيحات أهالي القتلى والأسرى عندما دخل بن غفير، فيما حاول أنصار الوزير إسكات مطلقي الهتافات، بالقول «يساريون خونة».
وفور بدء بن غفير إلقاء خطابه، بدأ عدد من أهالي القتلى بمغادرة المراسم، واندلعت مواجهات خارج المقبرة العسكرية. ونقل موقع «واللا» العبري عن أورلي أرزا، التي قُتل شقيقها في حرب «يوم الغفران»، قولها: «خرجنا لأنه لا يمكننا احتماله (بن غفير). أردنا الاحتجاج بصمت، وأن ننسحب بهدوء حتى لا ننتهك قداسة هذا اليوم»، ولكن مع ذلك، لم تتمكّن أرزا إلا من الصراخ احتجاجاً على حضور الوزير المتطرّف، قائلة: «كيف يمكن أن تأتوا إلى هنا بشخص مثله لا يحترم أيّ أحد؟ كل كلمة يقولها هي كذب كبير». وفي خطابه، قال بن غفير إن «السابع من أكتوبر ذكّرنا جميعاً بأنه علينا البقاء يقظين دوماً، وأن نلغي فكرة أن أعداءنا القتلة مردوعون. ففي كل جيل يقوم علينا أعداؤنا... فالكره هو الكره». وأضاف أن «دماء إخوتنا وأخواتنا تصرخ من الأرض، مطالبةً إيّانا بالاستمرار في القتال؛ في الدفاع وفي الحرب حتى النصر، الذي جاء وسيجيء». وتابع أن «تزامُن ذكرى قتلى المعارك مع ذكرى استقلال إسرائيل، يذكّرنا من أجل ماذا بَذَل أعزاؤنا أرواحهم».
وعند مدخل المقبرة العسكرية، احتجّ عدد من الإسرائيليين قبيل وصول وزير المالية والوزير في وزارة الأمن، بتسلئيل سموتريتش، الذي قال في خطابه: «لقد فشلنا (في السابع من أكتوبر)، وأنا أتحمّل مسؤولية ما كان وما سيكون». ولم يكن وضع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أفضل حالاً، إذ بمجرّد أن انتهى من إلقاء خطابه في المقبرة العسكرية في «جبل هرتسل»، حتّى صرخت إحدى الأمهات: «لقد أخذت أولادي»، فيما رفع والدٌ علم إسرائيل كاتباً فوقه بالأحمر: «7/10»، في إشارة إلى تحميل حكومة نتنياهو فشل السابع من أكتوبر.
وقوبل وزير البناء والإسكان، يتسحاق غولدكنوفيف، من جهته، بصرخات: «عار»، لدى إلقائه خطاباً في المقبرة العسكرية في «رحوفوت»، ومثله، وزيرة الاستخبارات، جيلا غلمئيل، التي سألها الحاضرون: «ما الذي تفعلينه هنا؟ اذهبي إلى بيتك. لماذا قُتل الجنود؟». أيضاً، رفع أهالي القتلى لافتات خُطَّت عليها شعارات «دم أولادنا على يديك»، أمام غالانت، فيما استُقبلت وزيرة المواصلات، ميري ريغيف، بصرخات «اذهبي إلى بيتك. أنتم (الوزراء) عار».