غزة | بعدما أَخرج الاحتلال الإسرائيلي معظم مستشفيات قطاع غزة من الخدمة، استحدث مستشفى «كمال عدوان الطبّي» عدداً من الأقسام والتخصّصات، ليتمكّن من تقديم الخدمات الصحية للمواطنين. ويقول مدير التمريض الطبّي في المستشفى، عيد صباح، في حديث إلى «الأخبار»، إن «مستشفى كمال عدوان كان يُصنَّف، قبل الحرب، من المستشفيات الصغيرة إلى المتوسطة، من ضمن منظومة عمل صحي متكامل في القطاع»، مشيراً إلى أن «الثقل الأكبر للعمل الصحي، كان يقع على عاتق مجمع الشفاء الطبي، والذي كان يتمّ تحويل الحالات المستعصية إليه». ويوضح أن «الشفاء كان يقدّم الخدمة الصحية لجميع التخصصات الطبية، وفي جميع المجالات: من غسيل الكلى والأورام السرطانية والجراحات المتعدّدة كجراحة العظام وجراحة المخ والأعصاب وجراحة الكلى والمسالك البولية وجراحة الأوعية الدموية إلى جراحة التجميل»، والتي تشمل «الخدمات الطبية التي تتطلّب الأجهزة التخصصية والتشخيصية، من مثل أجهزة الـCT والرنين المغناطيسي وقسطرة القلب»، مستدركاً بأنه «إثر الاقتحام الإسرائيلي الأخير للشفاء في 18 آذار، وتدمير مبانيه بالقذائف وإحراق أقسامه، لم يَعُد في الإمكان افتتاحه مرّة أخرى، إذ أُخرج من الخدمة تماماً». وعليه، وفي ظلّ وجود أكثر من 400 ألف نسمة في مدينة غزة وشمالها، لم يجد «كمال عدوان» بدّاً من «العمل، ولو بالجزء اليسير، من أجل خدمة المواطنين، عبر استحداث أقسام وتخصصات». وعن ذلك، يقول صباح إنه «تمّ افتتاح قسم لغسيل الكلى، بعد استصلاح 6 أجهزة كلية اصطناعية تمّ إحضارها من "مركز نور الكعبي" الذي دمره الاحتلال»، وإن الأمر «تمّ بشكل سريع وطارئ لإنقاذ مرضى الفشل الكلوي في غزة وشمالها». كما استحدث المستشفى «قسماً لرعاية مرضى القلب وآخر لمرضى الباطنية، فضلاً عن قسم لجراحة العيون، بعدما أَخرج الاحتلال مستشفى العيون عن الخدمة بشكل كامل». ويشير مدير التمريض إلى أنه «تمّ إجراء عمليات جراحية لم تكن تُجرى في المستشفى، مِن مِثل جراحة المخ والأعصاب والأوعية الدموية والتجميل». كذلك، وبعد خروج مستشفيات «النصر» و«الدرة» و«الرنتيسي التخصصي للأطفال» من الخدمة، إثر تدمير الاحتلال لمبانيها، أصبح «كمال عدوان» المستشفى الوحيد الذي يستقبل الأطفال والخدج. ومع ذلك، «فَقَدَ قسم الأطفال فيه ما يقرب من الـ30 طفلاً بسبب حالة التجويع التي فرضها الاحتلال على مدينة غزة وشمالها، فضلاً عن عدم وجود أغذية ومستلزمات طبية متخصّصة للتعامل مع سوء التغذية والجفاف الشديدَين».
يتمثل التحدّي الأكبر بالنسبة إلى مستشفى «كمال عدوان»، الوحيد العامل في مدينة غزة وشمالها، في «بدء نفاد السولار»


ويواجه المستشفى الكثير من التحديات، التي تتمثّل، وفقاً لصباح، في «نقص الكادر الطبّي المتخصّص»، خصوصاً أن «كل الاستحداثات في المستشفى يقوم بعضها على طبيب واحد وأخرى على طبيبين اثنين في كلّ تخصّص»، فضلاً عن «نقص شديد في الكوادر التمريضية التي تكون على مدار الساعة في أقسام العمليات والاستقبالات». وإلى جانب ذلك، يعاني المستشفى من «غياب المستلزمات الطبية الكافية، فضلاً عن صغر حجمه وقلّة عدد الأسرّة فيه، الأمر الذي يؤدي إلى تكدُّس المرضى في الممرات والساحات المتوسطة وامتلاء الأسرّة بالكامل، ما يضطرنا إلى إخراج بعض الحالات قبل شفائها لإشغال الأسرّة بحالات أكثر حاجة إليها».
أمّا التحدي الأكبر، فيتمثل في «عدم وجود الكهرباء وعدم القدرة على تشغيل المولدات إثر نفاد الوقود وبدء نفاد السولار، وبالتالي باتت هناك صعوبة في تشغيل محطّة الأكسجين التي تعتمد عليها الأقسام الحيوية، كالعناية المكثفة والحضانة والعمليات والاستقبالات». ويحذر صباح، في هذا الإطار، من الكارثة الإنسانية التي سيخلّفها نفاد السولار، قائلاً: «حينها، سيتوقّف المولد الكهربائي ومحطّة الأكسجين عن العمل، وبالتالي سيقتصر عمل المستشفى على تقديم الإسعافات الأولية، ما يؤدّي إلى وفاة المصابين والمرضى». وبالإضافة إلى ذلك، «يقع المستشفى في دائرة الاستهداف والتي يصنّفها الاحتلال منطقة حمراء، ما يزيد من العبء عليه، ومن الخطر على حياة المصابين والمرضى».
وعن كيفيّة مواجهة التحدّيات المتقدّمة، يجيب صباح: «بعد نفاد الشاش الصحي وفوط البطن المخصّصة للعمليات، قمنا بخياطة أقمشة وتعقيمها حتى نستخدمها خلال إجراء العمليات»، مشيراً إلى أنه «رغم خطورة هذه الخطوة، نسعى إلى توفير ما يلزم ولو بالحدّ الأدنى من أجل تقديم الخدمة وعدم إيقافها»، مضيفاً أنه «بعد نفاد معظم وقود السولار، سارعنا إلى خلط الكمية المتبقية بزيت الطهي، كي نطيل ساعات الكهرباء». ويتابع أنه «سبق أن زار مستشفى كمال عدوان وفدٌ من المؤسسات الدولية، من مثل "منظمة الصحة العالمية" و"النرواك" و"أوتشا" و"اليونيسف"، وأحضر سولار ومستلزمات طبية محسوبة ومحدودة لمدة قصيرة جداً»، مشيراً إلى أن «شحنة جديدة من السولار والمستلزمات الطبية كان من المفترض أن تصل يوم الإثنين الماضي، ولكن للأسف لم تصل إلى الآن». وفي هذا الجانب، يوجّه نداءً إلى «الأمم المتحدة والمؤسسات الإنسانية والصحية الدولية للعمل على توفير السولار والمستلزمات الطبية»، معرباً عن أمله في أن «يصل الصوت إلى أصحاب القرار في العالمَين العربي والإسلامي والمنظّمات الحقوقية من أجل إسعاف مستشفى كمال عدوان، والذي من دونه لا يمكننا تقديم الخدمات الصحية للمرضى والمصابين».