لوحظ هذا الاتجاه أيضاً في الدوريات الأوروبية الأخرى حيث «استوطنت» أميركا في كل من «إي سي ميلان»، روما، بارما وفيورنتينا من دوري الدرجة الأولى الإيطالي، وكذلك في مارسيليا وبوردو في الدوري الفرنسي. ورغم وفرة الملاك الأميركيين في أوروبا، اقتصرت النجاحات، بعد سقوط مانشستر يونايتد في حقبة ما بعد السير أليكس فيرغيسون، على ما حققه فريقَي ليفربول و«إي سي ميلان» في السنوات الثلاث الماضية، بانتظار ما سيسفر عنه مشروع تود بولي رفقة تشيلسي.
خوف أوروبي
هناك اعتقادٌ سائد في الوسط الرياضي بأن الاستثمارات الأميركية الضخمة في عالم كرة القدم الأوروبية تتمحور بشكل أساسي حول المكاسب المالية، حيث يتم تحويل المشجعين إلى عملاء لصالح النادي. من وجهة نظر المستثمرين، يستهلك الجمهور المنتج عن طريق شراء التذاكر لحضور المباريات وشراء السلع الخاصة للفريق، دون نسيان عوائد النقل التلفزيوني، لذا يجب إبقاء المشجعين لأطول فترة ممكنة داخل أسوار النادي والسعي بالتالي وراء أموالهم قبل هتافاتهم. ومع ذلك، فإن هذا الفهم لكرة القدم يتعارض تماماً مع ما يتوقعه المشجعون من الرياضة.
هناك صدام ثقافي كبير بين «FOOTBALL» و «SOCCER»، ما جعل مشجعي المملكة المتحدة يقلقون من تشويه كرة القدم الخاصة بهم عبر الملاك الأميركيين.
حققت أندية البريميرليغ في 2018/2019 إيرادات تزيد عن خمسة مليارات جنيه إسترليني
وجهٌ آخر من السيطرة الأميركية ظهر خلال أزمة «سوبر ليغ»، عندما قرر 12 نادياً أوروبياً الانفصال عن بطولاتهم الأم لتأسيس الدوري الأوروبي الممتاز في أبريل/ نيسان 2021. تم جمع الأندية المؤسسة حينها من قبل أصحابها وفق تنسيقٍ مغلق، ما يعني أن هذه الأندية لن تتمكن أبداً من الهبوط. بالتالي، فإن إضافة أندية جديدة ستكون وفقاً لتقدير الأعضاء المؤسسين، على غرار الطريقة التي تتم بها عملية قبول الفرق الجديدة في معظم البطولات الرياضية ضمن الولايات المتحدة. سقط المشروع الممول من قبل بنك استثماري أميركي في نهاية المطاف، لكن صرخات الجماهير الإنكليزية في وجه الملاك الأميركيين لأندية أوروبية، الداعمين للمشروع، لم تسقط بعد، بل ولّدت قلقاً في جميع أنحاء أوروبا حول «أمركة» كرة القدم. ورغم أن المستثمرين الأميركيين لم يعطوا أي إشارة على إحياء الخطة، من المرجح بأنهم سيرغبون في التحوّل لنموذج رياضي «أكثر راحة» يضمن لهم اليقين بشأن البطولات التي يلعبون فيها، على غرار تلك التي يألفونها في بلدهم الأم.
المنافسون الوحيدون للأميركيين هم المزايدين من الشرق الأوسط. وبموجب قواعد الاستدامة المالية المعدلة لكرة القدم الأوروبية، سيتعين على الأندية الإنفاق في حدود مواردها بدلاً من مالكيها، الأمر الذي قد يقلب الطاولة لصالح الملاك الأميركيين الذين يمتلكون عقلية خفض التكاليف مع تفضيل التحوطات.
جاذبية البريميرليغ
تطورت كرة القدم الإنكليزية في السنوات الماضية حتى احتلت طليعة دوريات النخبة بفعل عائداتها الاستثنائية. هي الأكثر مشاهدةً في العالم، وتقدر حقوق بث مبارياتها بمليارات الدولارات. من منظورٍ تجاري، يعتقد المالكون الأميركيون أن لديهم الوسائل اللازمة لتحويل الأندية الإنكليزية إلى علامات تجارية بحد ذاتها، ما يساهم توالياً بزيادة العائدات على المدى البعيد.
حققت أندية الدوري الإنكليزي الممتاز في موسم 2018/2019 إيرادات تزيد عن خمسة مليارات جنيه إسترليني للمرة الأولى، أي أكثر من ضعف الرقم المسجل قبل عشر سنوات وفق تقريرٍ صادرٍ عن «ديلويت»، كما شكلت حقوق البث ما يقرب من 60% من هذا الرقم، بجانب 28% إضافية من صفقات البضائع والرعاية، والباقي من تذاكر المباريات. إيرادات قياسية ساعدت عائلة «غلايزر» المالكة لمانشستر يونايتد على سبيل المثال، برفع قيمة الفريق من 800 مليون جنيه إسترليني عام 2005 إلى 1.8 مليار جنيه إسترليني.
بعيداً عن مغريات «البريميرليغ»، أصبحت تكاليف الاستثمار في دوري النخبة الأميركي لكرة القدم (MLS) باهظة جداً، بحيث أن حق الامتياز لدخوله سيكلف في عام 2023 مبلغ 325 مليون دولار كرسوم دخول مقدماً، إلى جانب استثمارات مهمة أخرى في الملاعب واللاعبين والبنية التحتية. في ظل ذلك، كان من الأرخص لشركة «ALK Capital» شراء نادي بيرنلي الإنكليزي بتشكيلته الجاهزة وبنيته التحتية ومكانته في دوري كرة القدم الأكثر ربحاً في العالم بحوالى 276 مليون دولار.