بعد أيام قليلة على تولّيه ولاية رئاسية خامسة، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن تغييرات عسكرية ضخمة، رشح، بموجبها، نائب رئيس الوزراء السابق والاقتصادي، أندريه بيلوسوف، لتولي منصب وزير الدفاع الجديد، بديلاً من سيرغي شويغو، الذي سيتولى منصب أمين «مجلس الأمن الروسي»، وقيادة مجمع الصناعات العسكرية. وتعقيباً على هذه الخطوة، أوضح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أنّ التعديل الأخير، الذي ترافق مع تعديلات أخرى، مرتبط بالحاجة إلى «جعل اقتصاد الكتلة الأمنية جزءاً من اقتصاد البلاد»، بعدما أصبحت «ميزانية وزارة الدفاع تقترب من مستوى الثمانينيات»، وفق ما نقلت عنه وكالة «تاس» الروسية للأنباء. كما نقلت وسائل إعلام روسية عن بيسكوف قوله إنّ شويغو «سيواصل العمل في قطاع الدفاع الذي يعرف عنه الكثير من الداخل، جنباً إلى جنب مع زملائه وشركائه في مكان عمله السابق»، مشيراً إلى أنّ «من هم أكثر انفتاحاً على الابتكار، سينتصرون في ساحة المعركة»، وأنّ «بوتين يرى أنّه يجب أن تكون وزارة الدفاع منفتحة بالكامل على هذا الابتكار، وعلى إدخال الأفكار المتقدمة، وتهيئة الظروف للقدرة التنافسية الاقتصادية»، علماً أنّ شويغو كان يشغل منصب وزير الدفاع منذ عام 2002.وتحدث مراقبون غربيون، بدورهم، عن أنّ التعديلات الأخيرة هي، بشكل رئيسيّ، ذات أهداف اقتصادية، ولا سيما وسط استمرار تقدم القوات الروسية ميدانياً في أوكرانيا، وباعتبار أنّ بوتين، وعبر تلك الخطوات، ضمِن بقاء شويغو إلى جانبه، بل جعله «أقرب» إليه حتى. وفي الواقع، وإلى جانب تعيينه في منصب أمين مجلس الأمن، سيشغل شويغو أيضاً منصب نائب الرئيس الروسي في «اللجنة الصناعية العسكرية» والمشرف على عمل «الخدمة الفيدرالية للتعاون العسكري التقني»، التي أصبحت تحت إشراف الرئاسة الروسية مباشرة. وبذلك، يكون شويغو قد حلّ بديلاً من نيكولاي باتروشيف، الذي أكد الكرملين أنّه سيعلن عن مهامه الجديدة «في غضون أيام»، وأنّه ابنه، ديمتري باتروشيف، سيُرقّى ليشغل منصب نائب رئيس الوزراء. وفي السياق، نقلت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية عن فيليب إنغرام، مسؤول المخابرات العسكرية البريطانية السابق، قوله إنّ «هذه الخطوة تسمح لبوتين بإبقاء شويغو إلى جانبه»، وجلب شخص قد يكون قادراً على التعامل مع مشاكل أخرى، مثل «الفساد» مثلاً، فيما رأت مجلة «نيوزويك» أنّه بعد عامين من الحرب، تشير التعيينات التي اقترحها بوتين إلى أنّ الأخير «يرى النصر في أوكرانيا، وفي فترة ما بعد الحرب حتى، على أنه مسألة اقتصادية».
تزامناً مع التعيينات، كان لافتاً شنّ القوات الروسية هجوماً مفاجئاً في اتجاه مقاطعة خاركوف


من هو أندريه بيلوسوف؟
في إطار «تحليلاتها» حول التعيينات الجديدة، وصفت وسائل إعلام غربية عدة بيلوسوف بأنّه «اقتصادي بلا أي خبرة عسكرية»، معتبرةً أنّ هذه التغييرات هي «الأهم» التي يجريها بوتين منذ أكثر من عقد ونصف عقد، كما دأبت على نشر «السيرة الذاتية» لوزير الدفاع الجديد. ومن جملة المناصب التي شغلها بيلوسوف، الذي تخرج بمرتبة الشرف من كلية الاقتصاد في «جامعة موسكو الحكومية»، المدير العام لـ«مركز تحليل الاقتصاد الكلي والتنبّؤ قصير المدى»، ونائب وزير التنمية الاقتصادية والتجارة، ثمّ مدير «دائرة الاقتصاد والمالية في الحكومة»، بالإضافة إلى مناصب أخرى، كان آخرها النائب الأول لرئيس وزراء روسيا الاتحادية.

هجوم على خاركوف
وتزامناً مع هذه التعيينات، كان لافتاً شنّ القوات الروسية، خلال عطلة نهاية الأسبوع، هجوماً مفاجئاً في اتجاه خاركوف، التي كانت قد انسحبت منها بعد ستة أشهر من بدء الحرب، في وقت تستمر فيه روسيا في الاستحواذ على مناطق وقرى في شرق أوكرانيا. وفي السياق، أوردت شبكة «سي أن أن» الأميركية تقريراً جاء فيه أنّه «بالنسبة إلى أوكرانيا، فإنّ شهر أيار هو الأقسى حتى الآن»، بعدما تعرضت مدينة فوفتشانسك في مقاطعة خاركوف لقصف عنيف أخيراً، ما يقوّض مساعي أوكرانيا في الإمساك بـ«زمام الأمور». وتابعت الشبكة أنّ الكتائب الروسية شنت هجمات على امتداد 60 كيلومتراً من الحدود الروسية – الأوكرانية، بهدف السيطرة على قرى إضافية ضمن ما يعرف باسم «المنطقة الرمادية» الممتدة على طول الحدود، بعدما ركزت موسكو الكثير من قدراتها الهجومية هذا العام لإحراز تقدم كبير في دونيتسك، وهو ما حصل «بشكل تدريجي، وإنما مهمّ». وطبقاً للمصدر نفسه، وحتى يوم السبت، بدا أن الروس «ما زالوا يسيطرون على حفنة من القرى الحدودية الأوكرانية، مع استمرار القصف الجوي المكثف في منطقة فوفتشانسك»، في مثال آخر على النكسات التي تتعرّض لها القوات الأوكرانية. وبحسب أصحاب هذا الرأي، فإنّ ذلك يعود إلى الضعف الذي يسيطر على تلك القوات، نظراً إلى أنّ قدراتها المدفعية أصبحت ضئيلة جداً مقارنة بنظيرتها الروسية، وأنها تعاني من «نقص صارخ» في الدفاعات الجوية الملائمة، والأهم، في أعداد الجنود، جنباً إلى جنب مع «الأحوال الجوية الجافة» التي «فاقمت محنتها»، فيما سمحت للآليات الروسية بالتحرك «بسهولة أكبر».