في الوقت الذي ارتفعت فيه حدّة التوتّر على الساحة الفلسطينية، وخصوصاً في مدينة القدس المحتلّة، خلال شهر رمضان من عام 2021، فاجأت المقاومة دولة الاحتلال وجميع الأطراف في المنطقة، بدخول معركة عسكرية بدأتها بخلاف المعارك السابقة التي كانت تتدرّج فيها نارياً، بقصفها مدينة القدس، بعد إنذار ساخن صدر على لسان أعلى قائد عسكري فيها هو محمد ضيف. وتدرّجت الأحداث، قبيل اندلاع المعركة، من عمليات الاقتحام المتتابعة للمسجد الأقصى، والحديث علانية عن تقسيمه زمانياً ومكانياً، مروراً بعقْد «جماعات الهيكل» مؤتمراً تحضيرياً لتنظيم أكبر اقتحام للمسجد في 28 رمضان، تزامناً مع ما يطلَق عليه «يوم توحيد القدس». بالتوازي مع ذلك، بدأ العدو تنفيذ مخطّط عزل المناطق التي يقطنها الفلسطينيون عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى، تمهيداً لتهويد المدينة بالكامل، وصولاً إلى المرحلة الأخيرة من مخطّط التقسيم والسيطرة على الحرم القدسي. وفي هذا السياق، جاء هجوم المستوطنين على حيّ الشيخ جراح بعد منح محكمة الاحتلال مهلة لسكّان الحيّ لإخلاء منازلهم لصالح المستوطنين، وتصادمهم مع العائلات الفلسطينية، وهو ما شكّل عامل استفزاز بالنسبة للمقاومة، خاصة بعدما نصب النائب المتطرّف في «الكنيست»، إيتمار بن غفير، خيمة له أمام منازل الفلسطينيين. ومع بداية شهر رمضان، حاول العدو الضغط على المرابطين والمصلّين داخل المسجد، عبر التصادم المتعمّد معهم في مواجهات عنيفة استمرّت لعدّة أيام خلال شهر رمضان، وخاصة في منطقة باب العامود التي كان مقرّراً أن تكون البوابة التي سيمرّ منها المستوطنون لتنفيذ الاقتحام الكبير للأقصى، فيما وصلت الاعتداءات إلى حدّ منع الآذان في المسجد، وقطع أسلاك مكبّرات الصوت. وأمام هذه الاعتداءات، غرّد أبو عبيدة، الناطق باسم «كتائب القسام»، على لسان قائد أركانها، بأن «العدو سيدفع ثمناً غالياً في حال عدم إيقاف عدوانه على أهالي القدس والشيخ جراح»، ليتبعه الناطق باسم «سرايا القدس»، أبو حمزة، بتصريح مقتضب حذر فيه من أن المقاومة لن تسمح باستمرار العدوان على القدس. وفي ليلة السابع والعشرين من رمضان، احتشد مئات الآلاف من الفلسطينيين للاعتكاف في المسجد، حيث هجمت عليهم شرطة الاحتلال بعد صلاة الفجر في العاشر من أيار، بهدف تفريغ الأقصى قبل السماح للمستوطنين باقتحامه، ما أدّى إلى إصابة 300 فلسطيني بجروح واعتقال العشرات. وعلى إثر ذلك، منحت المقاومة، عبر الغرفة المشتركة، الاحتلال مهلة حتى الساعة السادسة لسحب جنوده من الأقصى والشيخ جراح، والإفراج عن كافة المعتقلين في رمضان.
واجه العدو تحذيرات المقاومة بعدم اكتراث، وسط تكهنّات بأن تبدأ الأخيرة قصف منطقة غلاف غزة بالصواريخ


واجه العدو تحذيرات المقاومة بعدم اكتراث، وسط تكهنّات بأن تبدأ الأخيرة قصف منطقة غلاف غزة بالصواريخ، ليُفاجَأ الجميع، في تمام الساعة السادسة، بإطلاق رشقة صاروخية تجاه مدينة القدس، واستهداف جيب عسكري بصاروخ مُوجَّه شرق مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة. وتتالت، عقب ذلك، فصول معركة استمرّت 11 يوماً، بعد إعلان جيش الاحتلال بدء عملية عسكرية موسّعة ضدّ القطاع، فيما ردّت المقاومة بقصف مدينة تل أبيب برشقة مكوّنة من 137 صاروخاً. وبعد ساعات من اندلاع المواجهة، حذّرت المقاومة، على لسان أبو عبيدة، الاحتلال، من استهداف المنازل والمنشآت المدنية في غزة، إلّا أن قصف طائرات العدو إحدى الشقق السكينة غرب القطاع، وسقوط ثلاثة شهداء بينهم امرأة، دفعا المقاومة إلى تنفيذ تهديدها، بادئةً من مدينة عسقلان التي أطلقت عليها دفعة كبيرة من الصواريخ بشكل متزامن، أتبعتها بعد 6 ساعات بدفعة أخرى على مدينتَي عسقلان وأسدود المجاورتين. وفي اليوم الثاني للمعركة، شرع الاحتلال في قصف عدد من الأبراج في غزة، لتردّ المقاومة بأن قصف الأبراج سيقابَل بقصف مدينة تل أبيب برشقات مئوية. وبعد إصرار العدو على المضيّ في هذه السياسة، قصفت «كتائب القسام» مدينة تل أبيب برشقة صاروخية مكوّنة من 137 صاروخاً، تلاها استهداف مطار رامون جنوب فلسطين المحتلّة بطراز جديد من الصواريخ يحمل اسم «عياش 250» بمدى 250 كيلومتراً، فيما قصفت «سرايا القدس» تل أبيب برشقات صاروخية عدّة.