بات مضحكاً مبكياً الخطأ الذي تكرر مراراً في استخدام «خريطة فلسطين» مضافاً إليها الجولان المحتل الذي ضمته إسرائيل عام 1981، بوقاحة منقطعة النظير، كما تعمل اليوم على «حسم الصراع»، باستمرارها بتنفيذ ما بدأته في النكبة عام 1948.خريطة فلسطين المحتلة، مضموماً إليها الجولان المحتل، هذه خريطة «إسرائيل»، طبعاً قبل أن يخرج وزير مالية الاحتلال من فرنسا، ويعتلي منصة، عليها خريطة، مضموماً إليها الأردن ومناطق أخرى.

والخطأ فيها مع كل أسف يأتي من مؤسسات فلسطينية عاملة في الشأن الوطني، وأظن أن هذه المؤسسات لم ترتكب هذه الخطيئة عمداً، بل ما أظنه عن كيف تجري هذه الأخطاء هو المضحك الداعي إلى السخرية، على الأغلب، أن القيمين على هذه المؤسسات يكلفون مصمماً، بإنجاز تصور للتصميم الذي يريدونه للبوستر أو البروشور أو أي شيء آخر، والمصمم سيجتهد لتأمين صور وخرائط، بدقة مرتفعة، فيلجأ غالباً للبحث باللغة الإنكليزية، وربما يكتب «Israel Map» ليحظى بخريطة ممتازة، تناسب عمل المصممين من ناحية الدقة. وفي الغالب أيضاً، لن يكون هذا المصمم «مثقفاً» في الخرائط، فينجز تصميمه ويسلمه، ويقبض ما اتفق عليه، ويمضي في حال سبيله. لكن المصيبة، هي عند القيمين على المؤسسة أو المؤسسات التي طلبت التصميم ووافقت عليه وطبعته، ولم تنتبه. ولن أقول إن إسرائيل هي من دست هذا السم، في عقولنا، لكن ما سأقوله، إن السم يبدو موجوداً في عقولنا، لأن «الدعاية» باتت الشغل الشاغل للعديد من الفعاليات الفلسطينية، ولم أكتب ما أكتب، لولا أن هذه الظاهرة تكررت، من مؤسسات تعنى بتوثيق القضية الفلسطينية، وبعضها «يتبع» لفصائل فلسطينية كبرى. وفي إحدى المرات، وقع هذا الخطأ لدى مؤسسة عريقة في تعليم الصحافة الاستقصائية في الأردن، عدا عن أنه في العام الماضي، والذي قبله، انتشرت حملة في وسائل التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ «#لماذا_أراك_في_كل_شيء» ظهرت تحته تصاميم جميلة في الشكل، إلا أن بعضها، كان فيه الخطأ المذكور، والمبكي، أن قلة من علقوا على هذا الخطأ. وقبل نحو عامين أو أكثر، علق على جدران المخيمات في لبنان «بوستر» فيه الخريطة الخطأ، وعلى حد علمي لم ينتبه أحد للأمر، حتى الفصائل الموجودة في هذه المخيمات، وبقي هذا التصميم في المخيمات، حتى صار جزءاً من الجدران، وراح مع المطر وعوامل الطبيعة المختلفة.
مناسبة الحديث، أن مؤسسة فلسطينية (ليس مهماً ذكر اسمها) تقوم بدور تثقيفي وطني رائد بالفعل، توزع مطبوعة تعريفية بنشاطها، فيها هذه الخريطة الخطأ، وحتى اليوم لم تسحبها من التداول، وإن قيامها بسحب هذه المطبوعة من التداول، لا يقل قيمة وطنية عن الدور الكبير الذي تقوم به، لكن عدم سحبها، سيضعها في دائرة عدم الموثوقية، لأن الخطأ يمكن رده وتلافيه وتصحيحه، بينما الاستمرار فيه يحتاج إلى وقفة ونظر في المفاهيم الجديدة لدى المؤسسات، منها أن الهدف من العمل هو «الدعاية والإعلان».
وهدف الكلام ها هنا، أن المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي، في جانب منها معركة دعاية وإعلام، إلا أننا، كما يبدو، لم نتقنها بعد!