تتجاوز الروابط بين التحرّرين الفلسطيني والأسوَد حفنة من التغريدات المتضامنة من الجهتين، أو حتى عبوات الغاز المسيل للدموع إسرائيلية المنشأ التي تستخدم ضد كل من النضالين. بل إنها تكمن في مركزية نضال الأسرى في حركاتنا، والمراقبة الشديدة لمجتمعاتنا، والطريقة التي تستخدم فيها مجتمعاتنا كأرضية اختبار للقوى الإمبريالية. وفي الوقت نفسه، كيف عملنا معاً في مواجهة الإمبريالية، وتبادلنا التكتيكات، واستلهمنا دروساً سياسية من بعضنا البعض. ولذلك، تجمع نضالات تحرر السود والفلسطينيين أواصر مادية وسياسية، وفي كثير من الحالات، اختارت شعوبنا ولا تزال تختار، التضامن.فمن خلال الصدى العميق لنضالاتنا وتاريخنا العميق في الأممية، أنتج النضال الأسود والفلسطيني تاريخاً طويلاً ومثمراً من العلاقات والعمل المشترك، من قلب الإمبراطورية في أميركا الشمالية إلى البحر الكاريبي، وصولاً للقارة الأفريقية. جماعات وفرادى، من مالكوم إكس وكوامي توري ولجنة التنسيق الطلابية اللاعنفية، وحزب الفهود السوداء للدفاع عن النفس، وسود لأجل فلسطين، وأنجيلا ديفيس، هيوي نيوتن، ونضالات التحرر في موزمبيق وأنغولا وجنوب أفريقيا وزمبابواي وساحل العاج، جميعهم يشكلون شواهد على هذا التاريخ الثري وكذلك صلته بحاضرنا اليوم.
أخذنا في «حركة الشباب الفلسطيني» على عاتقنا التعلم والمساهمة في هذا الإرث الكبير، وذلك عبر تعزيز استمرارية الصلات ذاتها مع الشعوب المظلومة والمستعمرة، ونحو بناء نظرة مشتركة للتحرر. حيث لعبنا دوراً فاعلاً في الحملات المناهضة للعسكرة، كـStop Urban Shield وStop LAPD Spying، موضحين العلاقة بين الحركة الصهيونية والتمظهرات المحلية للإمبريالية الأميركية. ومما تتيح لنا هكذا مساهمات، كفلسطينيين، ليس فقط فرصة أخذ الدروس السياسية من رفاقنا السود (كنضال الجنوب أفريقيين ضد الأبرتايد)، بل إن المسألة الأهم تكمن في كشف تقاطعات نضالاتنا، كبرامج التدريب المشتركة بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والشرطة الأميرية، وحملة Deadly Exchange التي أطلقتها مجموعة «الصوت اليهودي من أجل السلام» ضد برنامج التبادل العسكري الإسرائيلي-الأميركي.

دروس سياسية من أفريقيا
يتم بشكل متزايد استخدام مصطلح الأبرتايد لوصف الوضع الفلسطيني، وقد كان من نتائج توجه وفد فلسطيني كبير للمؤتمر العالمي المناهض للعنصرية في دروبان في جنوب أفريقيا عام 2001، الذي بدوره دفع بمسار نداء BDS Civil Society عام 2005. وعطفاً على الانتشار العالمي للمصطلح، فهو يشكل إطاراً يسهل فهمه، ويستخدم كمنطلق رئيسي للعديد من التقدميين والحركات الدولية حين مقاربة الوضع الفلسطيني، وهو ما أثار استياء إسرائيل وحلفائها الصهاينة. تبنت كل من «بتسيلم»، و«هيومن رايتس ووتش»، و«منظمة العفو الدولية»، وعيادة حقوق الإنسان الدولية بكلية الحقوق بجامعة هارفرد، والمقرر الخاص في الأمم المتحدة في فلسطين، هذا التعريف القانوني للمصطلح على الكيان الصهيوني، وصنفوا بدقة الأشكال العديدة والمتنوعة للتمييز ضد الفلسطينيين داخل فلسطين. وفي عام 2017، أجبر غضب الصهيونية على هذا المصطلح سحب تقرير الأمم المتحدة عن الفصل العنصري الإسرائيلي واستقالة رئيسة لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا).
إلا أنه وعلى الرغم من الغضب الصهيوني، وبينما قد يصف مصطلح الفصل العنصري بعض الأشكال السطحية لمستوى التمييز العنصري، وكذلك الوصف القانوني لمجموعتين مختلفتين من القوانين لمجموعتين من الناس الذين يعيشون على نفس الأرض، فإنه حتماً لا يلخص الوضع الفلسطيني بشكل كامل، ولا أهداف الصهيونية التاريخية أو الحالية في فلسطين. وهو ما نراه بوضوح عندما ندرك كيف تبناه بعض الصهاينة الليبراليين، أمثال بيتر بينهارت، داعين -من دون اعترافهم بالتناقض- إلى حصول الفلسطينيين على كامل حقوقهم ضمن القانون الإسرائيلي، وليس اجتثاث كامل الصهيونية. يشكّل الفصل العنصري شريحة واحدة من طبقات وضعنا الفلسطيني، وإذا ما أردنا تطبيق مفهوم الفصل العنصري في كفاحنا، فمن اللازم فهم استخلاص الدروس الكاملة من نضال جنوب أفريقيا.
انطلاقاً من ذلك، قمنا في «حركة الشباب الفلسطيني» بزيارة شملت فلسطينيين قاطنين في ثماني دول مختلفة إلى جنوب أفريقيا عام 2019. وكان هدفنا اكتساب معرفة أكثر عمقاً لنضال جنوب أفريقيا، وزيادة فهمنا للرأسمالية العنصرية وتطبيقها على نضالنا، وكذلك تمتين نقدنا لتبني سردية الفصل العنصري على فلسطين. ويضاف إلى ذلك، التعرّف إلى الوضع السياسي والاقتصادي في جنوب أفريقيا اليوم.
وقد كانت إحدى استنتاجات الوفد، أنه وعلى الرغم من زوال نظام الفصل العنصري رسمياً عام 1994، وتولي قائمة من الرؤساء من الخوسا والبتسوانا والزولو، وعملية «الحقيقة والمصالحة»، تظل جنوب أفريقيا واحدة من أكثر الدول تخلفاً في العالم، مع فجوة كبيرة في الثروة لم تتغير منذ نظام الفصل العنصري والتي تتشكل بشكل كبير على أسس عرقية. وما يجمع عليه، هو أنه ومن دون إعادة توزيع جادة للأرض والثروة، أي إعادة إلى سيادة وسيطرة السود، فستظل البنية الأساسية للفصل العنصري مترسخة في جنوب أفريقيا. والجدير بالذكر هنا أن حالة جنوب أفريقيا هي في الأساس حالة استعمار استيطاني أوروبي، وفي مرحلة ما تم ترسيخها في ظل نظام الفصل العنصري الرسمي. ومن هنا لا يمكننا إجراء مقارنة ومعرفة أوجه التشابه بين التاريخين، والتطلع لتحرير فلسطين، إن نظرنا لفلسطين كمجرّد مسألة أبرتايد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن جميع محاولات الحركات الفلسطينية للتوصل إلى تسوية تفاوضية (أوسلو) لم تعد الأرض للفلسطينيين أو تجلب اعترافاً دولياً بالسيادة على الأرض، أو تعيد اللاجئين إلى أرضهم، أو حتى شكلت حكومة تمثيلية ذات صلاحيات. فلم يقدنا هذا الخيار لأي تحسن جوهري، بل أوجدت طبقة متعاونة من النخب والتي تعمل على قمع أي نضال تحرري حقيقي.
لقد علمتنا تجربة جنوب أفريقيا أنه لا معنى لمسألة حقوق الإنسان والحقوق المدنية بلا سيادة معترف بها على الأرض، وهو الأمر ذاته الذي يتم استثناؤه في التعريف القانوني للأبرتايد، فهو لا يضع مسألة الاستعمار الاستيطاني الأوروبي وحق الأوروبيين بالأرض الأفريقية تحت المساءلة أو حتى التشكيك. وكذلك، وفي الحالة الفلسطينية، فهو لا يجرم أو يشكك في المشروع الصهيوني في بناء دولته «إسرائيل». بل على العكس، يضفي الإطار القانوني لسردية الفصل العنصري شرعية ضمنية للصهيونية والكيان الصهيوني كحكم ومانح للحقوق السياسية والمدنية. ويضاف إلى ذلك، أنه يخلق مساواة مجحفة وزائفة بين التحرر وتقرير المصير والخطاب الضحل عن الحصول على المساواة في الحقوق والمكانة القانونية مع مضطهدينا، دونما معالجة لأي من الشروط المادية للاستعمار الاستيطاني وعقود من النهب والاستغلال والهيمنة.
تعتبر المعالجة السطحية للفصل العنصري، والتفريط ببناء برنامج شامل للتحرير، مجرد استيلاء ليبرالي فاضح على مشروع ثوري، فنحن لا نناضل من أجل حقوق متساوية مع مستعمرينا ضمن بنية قانونية للمستوطنين. بل نحن نناضل من أجل تحرير كامل فلسطين، أرضها وشعبها، والاعتراف بالسيادة الفلسطينية عليها من البحر إلى النهر. ونحن نعلم أنه أينما وجدنا أنفسنا في المنفى كفلسطينيين، فنحن في الخطوط الأمامية للنضال ضد الصهيونية. وعندما نرى أنفسنا في تلك الخطوط، يجب علينا أن نتمسك بمبادئنا السياسية وتاريخنا الفخور بالأممية ونبذل القوة والالتزام نفسهما لنضالات الشعوب الأخرى ضد الاضطهاد والاستعمار.

أوقفوا Cop City ودافعوا عن غابة Weelaunee
تعرف أتلانتا جورجيا تاريخياً بأغلبيتها السوداء، ولديها تاريخ غني وفخور بثقافته، حتى أنها معروفة محلياً بالمدينة السوداء. إلا أنها أيضاً كانت مسرحاً للتجارب العسكرية والسيطرة الاحتلالية، واليوم فهي مركز لمناهضة الإمبريالية والنضال والسعي لـ أوقفوا Cop City.
هناك أنواع ظروف مختلفة يعيشها السود في ما يسمى اليوم بالولايات المتحدة، ولكن بغض النظر عن تنوعها، يتخللها نظام شرطي عنصري، والاستغلال الاقتصادي، والجماعات الأهلية البيضاء المدعومة من الدولة، والإعدام خارج نطاق القانون، وآلة السجن المسعورة من أجل جني الأرباح، جميعها تتقاطع مع واقع العيش في دولة استعمارية استيطانية تُبنى ثروتها إلى حد كبير من العمل المسروق للسود المستعبدين، ويتخللها الواقع الحالي للأحياء والمجتمعات السوداء المعزولة.
إن مصفوفة الاضطهاد هذه متعددة الأجيال ومتجذرة بعمق داخل المؤسسة السياسية والاقتصادية الأميركية، فهي مبنية على أساس الدولة نفسها. كما قال جيمس بالدوين عام 1980: «ما نتعامل معه حقاً هو أنه بالنسبة للسود في هذا البلد، لا توجد منظومة قانونية على الإطلاق، ما زلنا محكومين إذاً بقانون العبيد». العبودية هي أداة حاضرة دائماً في الولايات المتحدة، وتستمر سارية المفعول، إن لم يكن بالاسم بعد النهاية الرسمية للعبودية القانونية، ولا يزال إرثها قائماً من خلال استغلال السود في نظام السجون الحديث.
لا يمكن فصل الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعانيها السود في أميركا عن لون بشرتهم وفقرهم بسبب التميز العنصري في تقسيم الثروة، حيث تتوارث الأجيال العنف المرعي من الدولة وقتل الشرطة لهم. وعليه، كانت هذه العوامل الرئيسية التي أنتجت حركة القوة السوداء، بما في ذلك حزب الفهود السوداء للدفاع عن النفس، والتماس توجيه تهمة الإبادة الجماعية للإغاثة من جريمة حكومة الولايات المتحدة ضد الزنوج (1951) والذي قدم للأمم المتحدة.
إن هذا الإرث مهم لفهم الحركة الشعبية الحالية الناشئة في أتلانتا، حيث ما زال مستمراً من خلال اعتقال ورفض الإفراج بكفالة لأكثر من 42 شخصاً بالقرب من مجمع تدريب للشرطة تبلغ تكلفة إنشائه 90 مليون دولار، وبتمويل من الشركات، والذي أطلق عليه المجتمع اسم «مدينة الشرطة»، والمستمر من خلال تكتيكات القمع والحرب القانونية التي تشكل سابقة في القانون المدني في الولايات المتحدة، وذلك عبر التهم الموجهة لجميع المعتقلين، واتخاذ قانون جرائم الإرهاب المحلي ذريعة لملاحقة الناشطين. وهو ما يشمل اثنين من المتظاهرين اللذين يواجهان عقوبة السجن لمدة 20 عاماً لنشرهما منشورات تشير إلى الشرطي الذي يزعمون أنه مرتبط بقتل المدافع عن الغابات مانويل تيران.
تم الإعلان عن مدينة الشرطة أو Cop City في عام 2017، على اثر الاتجاه التصاعدي لعسكرة قوات الشرطة في الولايات المتحدة بل في جميع أنحاء العالم. تستهدف مؤسسة شرطة أتلانتا 85 فنداناً من أصل 100 فندان من غابة Weelaunee أو غابة أتلانتا. وذلك من أجل بناء مجمع تدريب للشرطة المحلية وإدارات مكافحة الحرائق، وإنفاذ القانون الوطني، والجيوش الدولية لتبادل التكتيكات والتقنيات. فأتلانتا هي بالفعل موطن لبرنامج جورجيا الدولي لتبادل إنفاذ القانون (GILEE)، الموجود في حرم جامعة ولاية جورجيا. وهو مركز لبرنامج التبادل مع دوريات الحدود والجيش الإسرائيلي.
إن مصفوفة الاضطهاد هذه متعددة الأجيال ومتجذرة بعمق داخل المؤسسة السياسية والاقتصادية الأميركية، فهي مبنية على أساس الدولة نفسها


أصبحت مدينة دورهام بولاية نورث كارولينا، على بعد عدة ولايات من ولاية جورجيا، أول مدينة أميركية تحظر تدريب شرطتها مع الجيش الإسرائيلي منذ عام 2018، وذلك بعد قرار مجلس المدينة بقيادة ائتلاف من المنظمين تحت مظلة «نحو نزع التسلح من دورهام إلى فلسطين». حيث لاحظوا أن أوجه التشابه بين المعاملة الإسرائيلية والوحشية والإرهاب ضد الفلسطينيين ومعاملة شرطة دورهام للسود والأقليات الأخرى، سوف تطور لتأخذ شكلاً ملموساً ومادياً إذا ما استمر مشروع تبادل المهارات والتكتيكات والتكنولوجيات بين القوات الصهيونية الإبادية الاستيطانية من جهة، وقوة الشرطة الأميركية التي نشأت في حملات إبادة السكان الأصليين ودوريات العبيد من جهة أخرى. ونحن نعلم بالفعل ما ستكون نتيجة هذا التواطؤ، فكما رأينا في جميع أنحاء أميركا الشمالية، إن المزيد من العمل الشرطي يعني المزيد من المراقبة والموت والسجن وهذا لا يعني الأمان.
أمّا في حالة أوقفوا Cop City، يمكننا استشراف أن برامج التدريب المقدمة ستندرج في سياق نمط عمل الشرطة الأميركية، انطلاقاً مما يسمى «الشرطة التنبؤية»، ووحدات مكافحة الإرهاب الموجودة في GILEE وبرامج التبادل الشرطي/العسكري الأخرى، مثل برنامج Urban Shield السابق، والذي تفاخر أيضاً بالتبادلات بين الجيش الإسرائيلي وحشد من إدارات الشرطة؛ ومراكز تبادل المراقبة بين سلطات إنفاذ القانون الفيدرالية والمحلية المعروفة باسم «مراكز الاندماج» الموجودة في العديد من المدن في الولايات المتحدة. غرض مراكز الاندماج هذه التعاون في المراقبة بين الشرطة وإدارة الهجرة والأمن الوطني من بين وكالات أخرى. على هذا النحو، فهم يمثلون حلقة الوصل بين النضالات المتعددة -فلسطينيون وعرب ومسلمون وسود ولاتينيون وسكان أصليون ومهاجرون- حيث يتم توسيع إطار الحرب على الإرهاب واستخدامه كذريعة لزيادة ترسيخ المراقبة واسعة النطاق للآخرين الذين يعانون من العنصرية.
لقد استغلت ولاية جورجيا هذه اللحظة كفرصة لعرض نظامها الداخلي الجديد المتعلق بالإرهاب، فعلى مدى العقود الماضية تم استخدام تهم الإرهاب ضد النشطاء في النضال الفلسطيني وكان لذلك أثر مدمر على مجتمعنا في المنفى. والتلفيق الأكثر شهرة هو أن خمسة أعضاء من مؤسسة الأرض المقدسة، وهي مؤسسة خيرية إسلامية تقدم المساعدة للفلسطينيين في جميع أنحاء جنوب غربي آسيا / شمال أفريقيا، أدينوا بدعم مادي للإرهاب بناءً على شهادة سرية من عميل إسرائيلي. كما تم استخدام مثل هذه الاتهامات ضد فلسطينيين آخرين مثل سامي العريان الذي تم ترحيله إلى تركيا في عام 2015.
يواجه في أتلانتا اليوم أكثر من 42 شخصاً تهماً محلية بالإرهاب تصل عقوبتها إلى 35 عاماً في السجن، بما يمثل تصعيداً شرساً في قمع حركات تحرير الشعوب في أميركا الشمالية. رغم ذلك فكلما كان القمع أقوى، كانت المقاومة أقوى، حيث تداعت العديد من برامج تبادل القوات الأمنية بين الشرطة الأميركية وقوات الاحتلال الإسرائيلي أمام جبهة مجتمعية موحدة، ونأمل في أن تواجه Cop City المصير نفسه. تصاعدت الاحتجاجات ضد بناء المجمع الشرطي الضخم، والتي بدأت مع مدافعين عن الأراضي ممن يسكنون الغابة في تشرين الثاني 2021، ولتنمو لتصبح حركة كاملة بحلول بداية خريف 2022، ولتتصاعد لتغطية إخبارية على نطاق أميركا كلها مع مقتل المدافع عن الغابات تورتوجويتا تيران في كانون الثاني، الأمر الذي ولد نداءات للمؤيدين في جميع أنحاء القارة للحضور إلى الغابة.

دعم التحرر الأسود في جزيرة السلاحف
أمسى الاتهام بالإرهاب العصا التي تسلطها الإمبريالية، وكما يتضح من Stop Cop City، فهي تطبق على حد سواء على حركات التحرير الفلسطينية والسوداء. وعلى الرغم من أن هذا التصنيف قد تم تحديده أخيراً من خلال «الحرب العالمية على الإرهاب»، إلا أنه يتمتع بتاريخ أعمق، وهو تاريخ يؤثر على تحركاتنا الجماهيرية في ما يسمى بالولايات المتحدة اليوم.
في نيسان من عام 1968، حدد مكتب التحقيقات الفيدرالي بعض أهدافه الرئيسية، والتي شملت منع تشكيل تحالف للجماعات القومية السوداء، وكذلك منع نمو المنظمات القومية السوداء، بخاصة بين الشباب. تقف هذه الأهداف شاهدة على أهمية التنظيم الثوري للسود في الولايات المتحدة، والتي اعتبرها الـFBI خطيرة على أجندته الإمبريالية، لدرجة أنها استحوذت على أغلب برامج المراقبة في الحقبة تلك. فكما هي الحال مع غسان كنفاني وغيره من الثوار البعيدين من قلب الإمبراطورية، قتل الأميركيون المناضلين السود في هذه الفترة وسجنوهم، ليس فقط بسبب ما قاموا به، بل لوأد ما يمكن لهم أن يقوموا به. تحركت الدولة الأميركية، لتمزيق حراك قوي من أجل التغيير من داخل قلب الإمبراطورية. وهو أمر يمتد إلى اليوم، حيث يواصلون حبس السود في أحد أعلى المعدلات في البلاد، وبل في العالم أجمع، مع زيادة المراقبة والعمل الشرطي على نطاق واسع، وتشريعات قانونية جديدة مثل «تطرف الهوية السوداء».
نؤمن بأن العدالة لا تتجزأ، ولذلك ندعم نضال تحرير السود مادياً بالتصميم الشرس نفسه الذي نفعله لدعم نضالنا نحن كفلسطينيين. وبينما ندرك أوجه التشابه العميق بين حركاتنا، يجب علينا أيضاً أن نبذل قصارى جهدنا من أجل تحقيق الحرية. ويجب أن ندرك أن النضال الأسود يتعارض بشكل أساسي مع الإمبريالية، فقد كان اختطاف الأفارقة وحملهم في ظروف قاسية إلى نصف الكرة الغربي هدفاً إمبريالياً بالأمس، ومما يخدم الإمبريالية اليوم، هو أن تعيش المجتمعات السوداء حالة من التخلف، وأن يتم استغلال قوتهم العاملة بشكل روتيني وبطرق متعددة، من هنا يتوجب علينا محاربة الإمبريالية أينما وجدت، ومن الواضح أن الولايات المتحدة في حالة حرب محلياً كما هي دولياً.
أخيراً، يجب أن تتجسد الأممية في الأفعال لا مجرد الشعارات. وإذا ما أردنا أن نبقى صادقين مع المبادئ الأممية، والتي تعد جوهر شخصية وتاريخ حركة التحرير الفلسطينية، يجب أن نفهم أن تحريرنا متشابك بشكل كامل مع تحرير أفريقيا وشتاتها. ويجب أن نخلق جبهة موحدة ضد مضطهدينا المشتركين، ويجب أن ندعم رفاقنا السود، ونضع استراتيجية معهم وهم يكافحون ظلم الدولة وإنفاذ القانون والنظام الاقتصادي المصمم لاستغلالهم. يجب أن نكون في الشوارع جنباً إلى جنب مع رفاقنا السود الذين يقاتلون من أجل تقرير المصير الكامل للمجتمعات السوداء، وحرية السجناء السياسيين السود مثل موميا أبو جمال، والعمل لإنهاء العمل الشرطي الجائر والسجون والعسكرة والقهر الاقتصادي.

ترجمة: موسى السادة
* ناشطتان في «حركة الشباب
الفلسطيني» (PYM)