من المقرر نشر تقرير حكومي أميركي عن الأجسام الطائرة المجهولة (الصحون الطائرة) قبل نهاية شهر حزيران الحالي بعد طول انتظار.
وفي تقرير نشرته «بي بي سي»، أوضحت أن مجلس الشيوخ الأميركي (الكونغرس) طالب بإعداد هذا التقرير، بعد تقارير عديدة صدرت عن الجيش الأميركي عن مشاهدة مركبات تتحرك بشكل غير منتظم في السماء.

ويمثل ذلك تحولاً ملموساً لدى الجيش الأميركي والقيادة السياسية الأميركية على صعيد الموقف إزاء هذه المسألة، بانتقاله من الشك في وجود «كائنات فضائية» إلى الرغبة في معرفة المزيد عنها.

ولكن مع وجود أدلة قطعية قليلة تؤكد قيام «كائنات فضائية» برحلات بين مجرات الكون، يبقى السؤال حول إذا ما كان التقرير سيؤدي إلى تغيير في مواقف سكان الكرة الأرضية وتفكيرهم بشأن هذه المسألة.

وأوضح القادة العسكريون الأميركيون أن «الصحون الطائرة» إن لم تكن لها علاقة بـ«كائنات فضائية» غريبة، فإنها قد تكون من فعل خصوم الولايات المتحدة، مثل الصين وروسيا.



ماذا نعرف عن التقرير؟

في آب الماضي أنشأت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) فريق عمل معنياً بالظواهر الجوية الغريبة للنظر في المركبات المجهولة التي تشاهد وهي تحلق في الجو.

وقال البنتاغون إن مهمة الفريق هي «الكشف عن هذه الحوادث وتحليلها وتصنيفها»، إضافة إلى «اكتساب معرفة أعمق» عن «طبيعة وأصل» الصحون الطائرة.

وتم تقديم نسخة سرية من تقرير الفريق إلى أعضاء مجلس الشيوخ في وقت سابق من هذا الشهر. وقال مسؤولون لم يتم الكشف عن أسمائهم لوسائل إعلام أميركية، إن التقرير لم يعثر على أي دليل على نشاط «كائنات فضائية»، لكن لم «يستبعده» أيضاً.

والجدير بالذكر أن فريق العمل قد أكد أيضاً أن الأجسام الطائرة المجهولة التي شوهدت لم تكن تقنيات عسكرية أميركية سرية.

درس الفريق أكثر من 120 حادثة لها علاقة بهذه الظاهرة وقعت خلال العقدين الماضيين، من بينها ثلاثة مقاطع فيديو رفع عنها البنتاغون السرية العام الماضي، يقال إنها تظهر «ظواهر جوية غير مفهومة».

على الرغم من أن من غير المتوقع أن يكشف التقرير عن أشياء مثيرة للغاية، إلا أن وجود تقرير حكومي حول موضوع كثيراً ما يقابل بالسخرية يُظهر كيف أن مسألة «الصحون الطائرة» خرجت عن دائرة عالم الثقافة الشعبية للخيال العلمي البحت، وصارت من بين قضايا الأمن القومي للولايات المتحدة.

لماذا المسألة مثيرة للاهتمام الآن؟

يتزايد ضغط الرأي العام الأميركي على الحكومة للكشف عمّا تعرفه عن «الكائنات الفضائية» منذ عقود، حيث تجادل مجموعات مدنية تطلق على نفسها «يوفولوجيست» (المختصون في الصحون الطائرة) في أن الحكومة الأميركية تخفي الأدلة على وجود «كائنات فضائية».

ويقوم البنتاغون بجمع البيانات بهدوء منذ عام 2007 عن هذه الظاهرة، في إطار برنامج تحديد التهديدات العسكرية الفضائية المتقدمة الذي يعرف عنه القليل.

جرى تخصيص موازنة للبرنامج بناءً على طلب السيناتور عن ولاية نيفادا، هاري ريد، وهو ديمقراطي يمثل المنطقة التي تقع فيها «المنطقة 51» التي تضم الموقع العسكري الذي يعتقد أصحاب نظرية المؤامرة أنه تمت دراسة البقايا التي تمّ جمعها من حادث تحطم صحن طائر في بلدة روزويل منذ عام 1947.

وأدلى كبار المسؤولين السابقين، وحتى رؤساء الولايات المتحدة، بدلوهم أخيراً في هذه المسألة، وتحدثوا عمّا إذا كانت هناك حقائق تؤكد ذلك فعلاً.

ووعد مدير حملة مرشحة الرئاسة السابقة، هيلاري كلينتون، جون بوديستا، الذي يهتم بالنظريات المتعلقة بالصحون الطائرة، خلال حملتها الانتخابية في عام 2016، بأنها ستنشر التقارير الحكومية السرية عن «الكائنات الفضائية» إذا تم انتخابها.

في مقابلة له العام الماضي، قال الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، إنه لن يكشف حتى لعائلته عمّا يعرفه عن «الكائنات الفضائية»، مضيفاً: «لن أتحدث إليكم عمّا أعرفه عنها، لكنه أمر مثير للغاية».

وتحدّث الرئيس السابق باراك أوباما عن ذلك بشكل أكثر وضوحاً وتفصيلاً في أيار الماضي، عندما قال لمقدم البرامج التلفزيونية الليلية، جيمس كوردن: «عندما توليت منصبي سألت: هل يوجد مختبر في مكان ما حيث نحتفظ بعينات عن الكائنات الفضائية والصحون الطائرة؟ لقد أجروا القليل من البحث وكانت الإجابة بالنفي».

وتابع أوباما: «ما هو صحيح، وأنا جاد في ذلك، هو أن هناك لقطات وتسجيلات لأجسام غريبة في السماء ولا نعرف ما هي بالضبط».

وأضاف، «لا يمكننا أن نشرح كيف تتحرك ومسار تحركها وغيرها من الأمور. أعتقد أن الناس ما زالوا يأخذون على محمل الجد محاولة التحقيق في ذلك ومعرفة ماهية هذه الأجسام الطائرة».

الجهود المبذولة للكشف عمّا هو معروف عن الأجسام الطائرة وجدت أيضاً من يدعمها في الكونغرس من جمهوريين وديمقراطيين الذين يجادلون بأن التقرير سينهي وصمة العار التي قد تمنع الجنود من إخبار الضابط الأعلى رتبة عن تجاربهم في مشاهدة «الكائنات الفضائية» الغريبة التي لا تفسير لها.

ما الدليل؟

قدم مسؤولو استخبارات وجيش أميركيون آخرون شروحاً تفصيلية عن مشاهداتهم لـ«كائنات فضائية» غريبة، ومن بين من قدم تقارير تفصيلية أكثر مصداقية عن مشاهداتهم، طيارون شاهدوا شخصياً من داخل قمرة قيادة الطائرات أجساماً طائرة مجهولة بالقرب من القواعد العسكرية للأسلحة ومراكز التدريب.

وفي آذار الماضي، لخّص جون راتكليف، المدير السابق للاستخبارات الوطنية خلال عهد ترامب، الذي أشرف في السابق على جميع وكالات المخابرات الأميركية الثماني عشرة، هذه الظاهرة وقال لشبكة «فوكس نيوز»: «بصراحة، هناك الكثير من المشاهدات لهذه الأجسام، أكثر مما تم الإعلان عنه». وأضاف: «نحن نتحدث عن أجسام شاهدها طيارو البحرية أو القوات الجوية أو التقطت صورها الأقمار الصناعية التي تقوم بمهام يصعب تفسيرها (...) أجسام قامت بحركات يصعب محاكاتها ولا نملك التكنولوجيا اللازمة لذلك أو تسير بسرعات تتجاوز حاجز الصوت لكن من دون أن يصدر عنها صوت».

وفي حلقة مدتها 60 دقيقة لبرنامج على شبكة «سي بي إس» الإخبارية الأميركية الشهر الماضي، ناقش طياران سابقان في البحرية الأميركية رؤية جسم طائر في المحيط الهادئ كان يحلق بجانبهما ويسايرهما.

وصف أحد الطيارين شكل الجسم الطائر بأنه كان «بيضاوي الشكل يشبه حبة تيك تاك»، في إشارة إلى سكاكر بطعمة النعناع التي تباع في الأسواق على نطاق واسع.

وهو ما توافق مع شهادة طيارة البحرية السابقة، أليكس ديتريش، لـ«بي بي سي نيوز»، التي قالت إنه «هكذا كان شكله تماماً، إلا أنه كان يسير بسرعة كبيرة وبصورة فوضوية للغاية، ولم يكن بمقدورنا توقع سير تحليقه أو كيف كان يناور بتلك الطريقة أو معرفة نظام الدفع»

وأضافت: «لم يكن هناك أي أثر واضح للدخان أو محرك للدفع. لم تكن لديه أي أسطح ظاهرية للتحكم في الطيران وللقيام بالمناورة بالطريقة التي كان يقوم بها».

ماذا تفعل الدول الأخرى بخصوص الصحون الطائرة؟

دافع السناتور السابق ريد عن تخصيص مبلغ 22 مليون دولار لبرنامج الصحون الطائرة في وزارة الدفاع الأميركية قائلاً إن دولاً أخرى تدرس هذه الظاهرة أيضاً.

وقال لوسائل الإعلام في نيفادا في العام 2019: «نعلم أن الصين تقوم بذلك وكذلك روسيا التي يقودها شخص عمل في جهاز المخابرات كي جي بي، لذا من الأفضل أن نلقي نظرة إليها أيضاً».

وقال إن الأبحاث التي أجرتها وزارة الدفاع الأميركية «أظهرت أنه ليس شخصان أو أربعة أشخاص أو ستة أشخاص أو 20 شخصاً، بل مئات ومئات الأشخاص شاهدوا هذه الأجسام وأحياناً كلهم في الوقت نفسه».