وقعت اشتباكات مذهبية في المدينة المنورة ليلة العاشر من محرم، رغم أن الوسائل الإعلامية الموالية للسلطة حاولت تصوير القضية على أنها اشتباكات فردية بين شباب، فيما تحدثت مواقع إخبارية شيعية عن التعتيم الإعلامي الذي فرضته السلطات على تغطية مراسم عاشوراء. وبحسب موقع شبكة راصد الإسلامية، فإن «مئات المتطرفين الوهابيين في المدينة المنورة من حي العصبة هاجموا جيرانهم الشيعة الذين كانوا يحيون مناسبة عاشوراء في حي قباء بالعصي والحجارة، قبل أن تتدخل قوات الأمن وتستخدم الأعيرة النارية لتفريق المتجمهرين»، وذلك ليلة الخميس الماضي.
وأشار الموقع إلى أن عناصر قوات الطوارئ الخاصة أطلقت الأعيرة النارية في الهواء واستخدمت الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتجمهرين، الذين قُدروا بالمئات، واعتقلت العشرات. وأغلقت جميع المنافذ والطرق المؤدية إلى حي العصبة وحي قباء. وأدت الاشتباكات، التي دامت نحو ساعة، إلى تعرض عدد من المركبات الأمنية وسيارات سكان الحي لأضرار طفيفة.
من جهة ثانية، ذكرت الصحف المحلية أن القوات الأمنية اعتقلت 38 شخصاً نتيجة صدامات بين مجموعات من الشبان. ونقلت عن مسؤولين في الشرطة قولهم إن الصدامات وقعت بين «مجموعات من الشبان» قرب مسجد قباء في المدينة، وأدت إلى إصابة عدد كبير من المتصادمين بجروح، إضافة إلى جرح ثلاثة من عناصر الشرطة، وإلحاق أضرار بالسيارات. ولم تذكر الصحف تفاصيل عن أسباب الاشتباكات.
في المقابل، أفاد موقع «راصد» بأن وسائل الإعلام المحلية تجاهلت تغطية إحياء أكثر من مليونين من المواطنين السعوديين الشيعة مناسبة عاشوراء. وقال إن عشرات الآلاف من الشيعة توافدوا على المساجد والحسينيات في الأحساء والقطيف والمدينة المنورة وأنحاء أخرى في المملكة لحضور المجالس الحسينية والمشاركة في مواكب العزاء.
لكن السلطات حظرت نشر الأخبار المتعلقة بإحياء ذكرى عاشوراء. وشهدت مناطق القطيف والإحساء إغلاقاً واسعاً للمحالّ التجارية وتغيباً عن العمل وانقطاعاً عن فصول الدراسة بدأ منذ مطلع الأسبوع.
كذلك تدخلت السلطات الأمنية في القطيف يوم الجمعة الماضية لحظر تنظيم ملتقى شعري مزمع في المناسبة قبل ساعات قليلة من انطلاق الحفل. وذكر القائمون على «ملتقى شعراء الطف» أن إدارة البحث الجنائي في القطيف استدعت بعد ظهر الجمعة القائم على مسجد الإمام الجواد، حيث كان يفترض أن يقام الحفل، في ساحة القلعة بالقطيف، وأجبرته على توقيع تعهد خطي يقضي بعدم إقامة الحفل.
وعزت الشرطة أسباب منع الحفل إلى أوامر صادرة عن محافظ القطيف عبد الله العثمان بناءً على عدم وجود ترخيص رسمي، ودعت القائم على المسجد إلى مراجعة مقر المحافظة.
وكان الشيعة في المملكة قد أحيوا مناسبة عاشوراء في مدينة القطيف في المنطقة الشرقية وشاركوا في المسيرات. وقالت مواقع إلكترونية شيعية إن الحرية في إحياء الذكرى كانت دون عوائق نسبياً في القطيف والقرى المجاورة، وإن ذلك يُعَد ثمرة للتغييرات التي أطلقها الملك عبد الله منذ اعتلائه العرش في 2005.
ومع مرض عبد الله وولي العهد سلطان، يشعر الشيعة بالقلق من أن أي ملك محافظ قد يكون أكثر تشدداً معهم. ويرون أن هناك ما يبرر قلقهم هذا بما أن أحد المنافسين على العرش مستقبلاً هو الأمير نايف، وزير الداخلية، الذي يرأس جهاز الأمن الكبير والمقرب من رجال الدين الوهابيين.
ويشغل الأمير نايف منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وهذا ما يجعله خليفة في حال رحيل كل من عبد الله وسلطان. ويعبر شاب شيعي عن هذا القلق بالقول: «نحن نخاف من نايف»، رغم أن الزعماء الشيعة كانوا قد استبشروا خيراً إثر زيارة قامت بها أخيراً للقطيف ابنة الملك، الأميرة عادلة بنت عبد الله.
(الأخبار)