على الرغم من أن التقدير السائد في إسرائيل يفيد بأن حركة «حماس» غير معنيّة بتصعيد يخرج عن حدود السيطرة، صدرت مواقف عن المستويين السياسي والعسكري تحذّر من أن إسرائيل لن تقبل بتغيير قواعد اللعبة، وأدرجت ما سمّته «رد الفعل العنيف» لسلاح الجو الإسرائيلي ضمن خانة الرسالة الواضحة الموجّهة إلى «حماس» لردعها عن أي تصعيد
، وثنيها عن غض النظر إزاء إطلاق منظمات فلسطينية أُخرى الصواريخ على المستوطنات المحيطة بقطاع غزة.
وعلى خلفية التصعيد في قطاع غزة، وكلام رئيس الأركان غابي أشكينازي في وقت سابق عن استخدام «حماس» صاروخ « كورنيت»، أجرى قائد المنطقة الجنوبية الجديد، اللواء طال روسو، تقديراً للوضع أمس بحضور كبار ضباط المنطقة الجنوبية. ونقلت صحيفة «معاريف» عن ضباط قولهم إنه «من دون أدنى شك، تصور العمل سيتغير». واضافوا أن «حماس تحاول إيجاد وضع راهن جديد يتيح لها شن المزيد من عمليات الإرهاب».
وبحسب الضباط أنفسهم «ممنوع على أحد في الجانب الإسرائيلي السماح بذلك». والتقدير السائد لدى الجيش الإسرائيلي، بحسب الصحيفة، هو أن حماس غير معنية بالتصعيد، لكن من دون استبعاد مفاجأتها للجيش الإسرائيلي.
وفي السياق ذاته، توقعت محافل رفيعة المستوى في الجيش الإسرائيلي أن تشهد «جبهة غزة» تسخيناً في الأسابيع القريبة المقبلة. وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم» أن الاعتقاد السائد في المؤسسة الأمنية يفيد بأن «حماس» غير معنية بتصعيد شامل على الجبهة، يعني صداماً عسكرياً واسع النطاق بينها وبين الجيش الاسرائيلي. لكن التقدير هو أنه في الفترة القريبة المقبلة ستحاول المنظمات الفلسطينية في القطاع المبادرة الى إلحاق إصابات بالجنود والمستوطنين على حد سواء.
وتطرقت الصحيفة إلى الأسباب التي تقف وراء ما تراه تصعيداً من جانب فلسطينيي القطاع، فقالت إن ذلك ناتج من الضغط الذي يمارسه النشطاء الميدانيون، سواء لأسباب سياسية داخلية فلسطينية أو لانعدام التقدم في موضوع الاتصالات لعقد صفقة تبادل الأسرى في قضية جلعاد شاليط.
وعلى المستوى السياسي، هدّد وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلي دان مريدور بشن حرب جديدة على قطاع غزة شبيهة بعملية «الرصاص المصهور» إذا استمر إطلاق الصواريخ من القطاع باتجاه جنوب إسرائيل.
وقال مريدور للإذاعة العامة الإسرائيلية إن «إسرائيل لن تقبل بإطلاق الصواريخ بين حين وآخر من قطاع غزة، وآمل ألّا تكون هناك حاجة لعملية عسكرية أخرى». وأضاف أن «حماس لا تفعل ما يكفي لمنع الفصائل الأخرى من إطلاق الصواريخ باتجاه بلدات النقب في الفترة الأخيرة». وفيما تقدّمت اسرائيل بشكوى لدى الأمم المتحدة بحجة تزايد إطلاق الصواريخ والقذائف من قطاع غزة على إسرائيل في الأيام الأخيرة، أعلنت حركة حماس أنها سترفع شكوى أيضاً بشأن التصعيد الإسرائيلي.
وفي موقف ينسجم مع الخط الإسرائيلي، دان المنسّق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبري سيري، في بيان، «إطلاق مجموعات ناشطة في غزة قذائف هاون وصواريخ على إسرائيل، وقد تكثفت في الأيام الأخيرة». وأضاف أن «هذه الهجمات انتهاك فاضح للقانون الدولي الإنساني وتعرّض المدنيين في إسرائيل للخطر». وقال إن «لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها بموجب القانون الدولي. وأدعو اسرائيل الى أقصى درجات ضبط النفس واتخاذ كل الاحتياطات لضمان ألّا تعرّض قواتها للخطر مدنيين في غزة غالباً ما يدفعون ثمناً باهظاً لتفاقم العنف».
وكان المعلقون الإسرائيليون قد أجمعوا على أن حركة «حماس» غير معنيّة بالتصعيد، وأن هدفها الرئيس كان تغيير قواعد اللعبة، وهذا ما عبّر عنه المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، بقوله إن «حماس لا تريد تحطيم الأواني. وهي تفحص فقط الحدود وتجرب طريقة لتحديد قواعد لعب جديدة». كما خلص معلّق الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئل، إلى النتيجة نفسها، بقوله إن «حماس تحاول إعادة تعريف قواعد اللعب في المنطقة، وإن التصعيد في القطاع لا يؤدّي بالضرورة الى جولة قتال واسعة أخرى، على نمط الرصاص المصهور».