وسط مخاوف من عدوان جديد على قطاع غزة في ظل التوتر المتصاعد على الحدود، أحيا الغزيّون الذكرى الثانية للحرب الإسرائيلية. ونظمت حركة الجهاد الإسلامي مسيرة حاشدة جابت شوارع جباليا (شمال القطاع)، وتجمّع المشاركون عند مدخل عزبة عبد ربه التي شهدت دماراً وتخريباً واسعين. وقال عضو المكتب السياسي للحركة، محمد الهندي، «لن تستطيعوا بعد اليوم أن تحققوا نصراً على شعبنا الذي يطمح إلى الحرية والكرامة»، مشدداً على أن «التلويح بالحرب سيذهب أدراج الرياح». وأشار إلى أن «تهديدات العدو تأخذها فصائل وقوى المقاومة على محمل الجدّ»، لكنه رأى أنها «تأتي ضمن الحرب الإعلامية التي يخوضها الصهاينة ضد شعبنا».ولفت الهندي إلى أن العدو «لا يستطيع كل عام أو عامين خوض حرب شعواء»، مبيّناً أن «قوة الردع تآكلت لديه». وتطرّق إلى «تواطؤ أطراف دولية وتآمرها مع الاحتلال على قتل الأطفال وأحلام الشباب في غزة»، مؤكداً أن «العدو المجرم لم ولن ينجح في ردع شعبنا مهما حاول وامتلك من إمكانات». بدورها، شددت حركة «حماس»، في بيان، على أن «المقاومة استطاعت أن تُفشل هذا العدو ولم تتنازل أو تعترف بالكيان، ولم ترضخ للشروط الصهيونية». وأشارت إلى أن «العدو حاول بحربه على غزة أن يقضي على مقاومة الشعب وينهي حكم الحكومة الشرعية ليفرض حلوله الاستسلامية».
كذلك اتهمت «حماس» الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية «بالتواطؤ مع إسرائيل في شن الحرب على القطاع». ودعت إلى دراسة دقيقة لوثائق «ويكيليكس» لاستخلاص العبر ومحاكمة كل من «خان» الشعب والقضية.
وقادت الحكومة المقالة في غزة حملة زرعت خلالها 1440 شتلة في شمال القطاع «وفاء لشهداء الحرب». وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، إيهاب الغصين، إنه «رغم الصعاب وقلة الإمكانات بسبب الحصار، بتنا أقوى من خلال تطوير أفراد الأجهزة وتأهيلهم وتدريبهم منذ الحرب حتى اللحظة».
في هذا الوقت، قال مصدر فلسطيني إن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لشؤون السياسة الخارجية، علي باقري، التقى الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد جبريل، والأمين العام لحركة الجهاد رمضان شلح، وبحث معهما تطورات الأوضاع على الساحة الفلسطينية والمصالحة الوطنية وأوضاع القطاع. وأشار إلى أن باقري «سيلتقي خلال وجوده في سوريا قادة حماس ورئيس مكتبها السياسي خالد مشعل».
إسرائيلياً، قال رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال، غابي أشكينازي، إن «إسرائيل لا يمكن أن تسمح باستمرار إطلاق الصواريخ بين حين وآخر من القطاع باتجاه النقب الغربي».
بدوره، أعلن نائب وزير الدفاع، متان فلنائي، أن الوضع في غزة «لم يتحسّن، والقطاع هو منبع المشاكل بالنسبة إلى الدولة العبرية»، متهماً «حماس بأنها لا تفهم ما الذي يجب عليها عمله». وقال «بدلاً من أن تهتم حماس بالسكان الخاضعين تحت سيطرتها، تحاول الحديث عن احتلال مدينة القدس»، مشيراً إلى أن النظام الأمني «يعمل جاهداً لمواجهة التهديدات الأمنية عبر الحدود من غزة، وأن الجيش يعمل في ظروف ميدانية كثيفة لمواجهة هذه التهديدات». وأضاف «لا ننتظر أن تحدث كارثة. نحن نعلم ما يدور هنا، وهذا بمثابة امتحان للدولة».
أما وزير الدفاع إيهود باراك، فأكد أنه «يجب علينا ألّا نوهم أنفسنا لأن التهديدات المحدقة بدولة إسرائيل لم تتقلّص، وها هي حماس في غزة وحزب الله في لبنان، اضافة إلى التهديد الإيراني». ورأى أن السنة المقبلة «ستكون سنة حاسمة على الأرجح، وتحمل في طياتها إمكانيات سياسية».
وفي ما يتعلق بملف التسوية، طالب باراك الحكومة بإقرار فحوى الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جامعة بار إيلان، والذي تناول حل الدولتين للشعبين.
في السياق، يعمل وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، على بلورة خطة سياسية لتسوية مؤقتة مع الفلسطينيين، كان قد عرضها بنحو عام على نتنياهو، ويسعى للمصادقة عليها في المجلس الوزاري السباعي قبل عرضها على الإدارة الأميركية.
ونقل عن مصدر مسؤول في الخارجية الإسرائيلية قوله إن الخطة «وضعت في ظل الطريق المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات»، موضحاً أن «الهدف من خطته للتسوية المؤقتة هو إنزال عملية السلام إلى أرض الواقع». وقال «حتى لو عرضنا تل أبيب على الفلسطينيين والانسحاب إلى حدود 1947 فسوف يجدون سبباً لعدم التوقيع على اتفاق سلام».
وأشار ليبرمان إلى أنه «في الظروف السياسية القائمة، لا يمكن عرض خطة سياسية للحل الدائم لأن الائتلاف لن يظل قائماً عندئذ». وتابع المصدر أن ليبرمان «ينوي أن يبلغ نتنياهو أنه إذا رفض اقتراحه للتسوية المؤقتة، فإن عليه أن يعرض خطته للحل الدائم في استفتاء عام».
وتستند خطة ليبرمان إلى زيادة حجم التعاون بنحو ملموس بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في مجالات الأمن والاقتصاد، وتعزيز الاقتصاد الفلسطيني.
كذلك تعمل الخارجية الإسرائيلية على قائمة عقوبات يمكن استخدامها ضد السلطة الفلسطينية إذا قامت بخطوات من جانب واحد. وتشتمل ضم مناطق في الضفة الغربية إلى إسرائيل، وعرقلة نشاط السلطة الفلسطينية في مناطق السلطة.
(الأخبار، سما، معا، عرب 48)