هآرتس ــ موشيه آرنس في الماضي، استعمل الإرهابيون مسدسات وبنادق آلية لقتل الأفراد. واستعملوا منتحرين ليقتلوا على نحو مركّز مجموعات اجتمعت في مراكز ترفيه. واختطفوا طائرات لقتل آلاف المدنيين. لكن أنجع أسلحتهم اليوم هو الصاروخ الباليستي. فهو سلاح رخيص يُطلق من بعيد على أهداف مدنية ويُمكّن الإرهابيين من الهرب قبل أن يصيب الهدف.
لقد أصبح السكان المدنيون في إسرائيل منذ سنين طويلة هدفاً لصواريخ الإرهابيين. كانت تلك في البدء صواريخ كاتيوشا أطلقها حزب الله في الشمال، وبعد ذلك صواريخ قسّام أطلقتها حماس في الجنوب. في البدء كانت هذه المنظمات الإرهابية تملك عشرات الصواريخ، ثم مئات منها، وبعد ذلك عشرات الآلاف من الصواريخ التي تهدد مواطني إسرائيل الآن. وهددت في البداية مناطق قريبة من الحدود فقط، لكنها الآن تغطي الدولة كلها. ما كان في الماضي الركيزة الأساسية لمبادئ الأمن القومي الإسرائيلي ـــــ ضمان أمن المواطنين خلال الحرب ـــــ جرى التخلي عنه تدريجاً. اليوم يعلن المتحدثون باسم الجيش أن كل سكان إسرائيل المدنيين سيكونون عرضة لصواريخ الإرهابيين في حال نشوب الحرب. يوجد هنا تغيير أساسي نحو الأسوأ في وضع إسرائيل الاستراتيجي.
كيف سمحنا لهذا الواقع بأن ينشأ؟ هل نام قادتنا ولم يكونوا عالمين بما يحدث حولنا بالتدريج؟ لا ريب في أن عدداً منهم مسؤولون بأعمالهم وإخفاقاتهم عن هذا التدهور في واقع الأمر. فالانسحاب من جانب واحد من الشريط الأمني في جنوب لبنان مكّن حزب الله من أن يزيد بلا حدود عدد الصواريخ التي يملكها. أما إخفاق حرب لبنان الثانية، فمكّنه من السيطرة على لبنان، وأن يُدخل إليه من دون أي عوائق صواريخ من طريق سوريا وأن ينشرها في جميع أنحاء لبنان.
بعد ذلك جاء الانسحاب من «غوش قطيف» من جانب واحد، ومهّد الأرض لحماس لتسيطر على قطاع غزة وتتولى السلطة فيه. وبدأ عناصرها يطلقون الصواريخ على السكان المدنيين في جنوب الدولة من غير أن يتعرضوا للعقاب. وقد استمروا في فعل ذلك طوال سنين بلا أي رد إسرائيلي. وبرغم أن عملية «الرصاص المصهور» ضاءلت في نهاية المطاف عدد الصواريخ التي تطلق على إسرائيل إلى حد كبير، إلا أن سكان الجنوب لا يزالون يتعرضون كل يوم تقريباً لصواريخ وقذائف تنطلق من قطاع غزة. العملية أوقفت قبل إنجاز العمل نهائياً، ومنذ ذلك الحين زادت حماس عدد الصواريخ التي تملكها استعداداً للجولة المقبلة.
فيما يبدو أن إسرائيليين كثيرين يقلقهم جداً ما يعتقده «العالم» بشأن إسرائيل، ينبغي أن نذكر أن دولاً كثيرة، يقلقها جداً حصول الإرهاب على أرضها، لا تبدو قلقة من أن سكان إسرائيل معرضون لتهديدات الإرهاب. لا يجب علينا التوجه إليها لنجد حلاً. إنها مشكلة سنضطر إلى مجابهتها وحدنا.
ماذا يمكن أن نفعل؟ كان يبدو لزمن طويل أن قادتنا واقعون في حال إنكار. قيل لنا في البدء إن علماءنا يطوّرون نظاماً يُستعمل في المستقبل كمظلة واقية للمدنيين ولاعتراض كل صاروخ يطلقه الإرهابيون. لا يجب أن تكون عالم صواريخ كي تدرك أن الحديث هو عن أحلام يقظة. فإذا استثنينا التحدي الكبير الكامن في تطوير نظام كهذا، فإن فروق الكلفة بين الصاروخ البسيط الموجه إلى السكان والنظام المحكم المخصص لاعتراضه توضح أن هذا النظام أبعد من أن يكون حلاً للمشكلة. قيل لنا بعد ذلك إننا نستطيع أن نردع الإرهابيين عن استعمال هذا السلاح ضدنا. فكروا في هذا جيداً. من يردع من؟
أيعني هذا أنه ليس ثمة ما نفعل سوى إعداد المزيد من الملاجئ وتوزيع أقنعة واقية لكل إسرائيلي؟ ليس بالضرورة. إن التسليم بهذا الوضع الذي لا يحتمل لا يُفترض أن يكون الجواب. فثمة أمور يجب فعلها لمضاءلة الخطر الذي نواجهه وترجيح كفة الميزان الاستراتيجي لمصلحتنا. إنها خطوات ذات صبغة دفاعية وهجومية وردعية.
يحسن أن يُعمِل رئيس حكومتنا ووزير الدفاع والسباعية والمجلس الوزاري المصغر ومجلس الأمن القومي والجيش ولجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، رؤوسهم ويبدأوا العمل. فالعمل كثير والوقت قد يكون قصيراً، وإلا يحسن أن نبدأ الاستعداد للجنة التحقيق التالية.