هل يتحقق حلم المرأة السعودية في العمل بحرية أسوة بالرجل؟ السؤال ملحّ، ولا سيما أن المجتمع السعودي يتأرجح بين من يرى في المرأة كائناً مكتملاً، وبين الفتاوى السلفية التي تحرمها حق العمل. آخر المعارك حالياً تدور حول مهنة «الكاشير»، التي أجازتها وزارة العمل للمرأة، وأفتت ضدها «هيئة كبار العلماء» الوهابية، في إشارة إلى تحدي المؤسسة الدينية للإرادة الرسمية
بشير البكر
حين كان الكاتب غازي القصيبي وزيراً للعمل في المملكة العربية السعودية، حاول أن يفتح ثغرة صغيرة في جدار الممانعة الوهابية، التي تنكر على المرأة حقها في العمل. وأصدر في ذلك الوقت قانوناً يشرّع عمل المرأة في الأماكن التي ترتادها النساء في صورة خاصة. وتعمّد الرجل، المعروف بأنه ينتمي إلى تيار الحداثة، أن يضرب على وتر حساس، فاختار محالّ بيع الملابس النسائية.
كان في تقدير القصيبي أن مشروعه لن يلقى معارضة من طرف الذين نصّبوا أنفسهم أولياء على المرأة. وبدت المهمة سهلة بالنسبة إلى وزير العمل السابق من زاوية أن وجود امرأة تبيع ملابس نسائية يراعي جانب الحميمية الخاصة بالزبونات النساء. وظن أن هذا الاعتبار سيدغدغ غيرة الرجال من أولياء الأمور، ويهدئ من غلواء المتطرفين. لكن المفاجأة كانت برفض أصحاب الفتاوى المتجهمة مشروعه.
في المقابل، رأى قطاع واسع من النساء في السعودية، في تحدي قانون القصيبي، تناقضاً صارخاً من جانب أصحاب الفتاوى، لكونهم فضلوا مسألة اختلاط النساء بالرجال في مجال البيع والشراء على السماح للمرأة بممارسة حق العمل.
تحيل القضية هذه على الموقف من السماح للمرأة بقيادة سيارتها الخاصة، فقد عارض أصحاب الفتاوى هذا الحق حتى الآن. ورغم التطورات الكبيرة، لم يتزحزحوا عن مواقفهم. لذا، ظلت المرأة تعتمد في قيادة سيارتها على السائق الأجنبي، الذي يشاركها فضاءها الخاص.
وفضلاً عن الحرج الذي تعيشه المرأة السعودية إلى جوار سائق أجنبي يتلصص عليها، نشأت مشاكل كثيرة من جراء هذه الحالة، إذ وقعت بعض النساء ضحايا لتحرش السائقين.
في كل مرة تطرح فيها قضية حق المرأة السعوديّة في ممارسة حياتها بصورة طبيعية، كما هي الحال في بقية بلدان الخليج، تعود الأمور إلى نقطة الصفر، ويدخل المجتمع السعودي في جدل بيزنطي. ودائماً يثير الدعاة عواصف من الغبار، متسلحين بفتاوى لا يحكمها شرع ولا قانون. وآخر العواصف اليوم عمادها المعركة الدائرة، في صورة مفتوحة، حول عمل المرأة محصِّلة مالية، أو ما يعرف بالتعبير السعودي بـ«مهنة الكاشير».
تفجرت القضية في نهاية تشرين الأول الماضي، عندما أصدرت «هيئة كبار العلماء» السعودية فتوى تحرم عمل المرأة في هذه الوظيفة، رغم سماح وزارة العمل السعودية بذلك، ما دفع الكثير من السعوديات إلى بدء العمل محصِّلات على صناديق الدفع في العديد من المحال التجارية في مدينة جدة.
وجاء في الفتوى الجديدة أنه «بعد تدارس سؤال عن حكم عمل المرأة في مثل هذه الأعمال، فإنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تعمل في مكان فيه اختلاط بالرجال». ورأت أن الشركات التي تشغّل النساء في هذا الوظيفة «تعاون على المحرَّم».
شيوخ الوهابية يتحدون وزارة العمل ويتجاهلون فتاوى تحلّل عمل المرأة
وترافق ذلك مع شنّ حملة واسعة، وصلت إلى الدعوة إلى مقاطعة المتاجر التموينية الكبرى في مدينة جدة، التي وظفت الفتيات السعوديات. وقال الداعية يوسف الأحمد، الذي كان المحرك الأول لحملة المقاطعة، «إن هذه الفتوى تعد بياناً للحق صدح به علماؤنا في اللجنة الدائمة المعتبرة». وهاجم وزارة العمل السعودية بحجة «أنها تريد تغريب المرأة السعودية في وظيفة محصِّلة». وأضاف: «إن وزارة العمل لا تريد توظيف السعوديات في أربعة ملايين وظيفة مناسبة لها، إلا أنها تصر على فتح الباب أمام توظيفهن محصِّلات، ووظائف دنيا لا تليق بالمرأة المسلمة».
وأثارت الفتوى صدمة كبيرة في الشارع السعودي، ولا سيما أن المفتي السابق عبد العزيز بن باز كان قد أصدر فتوى لم يمانع فيها عمل المرأة، بشرط «التزامها بأخلاقها ولباسها وسلوكها».
وقد ولّدت الفتوى نقاشاً واسعاً في الصحف السعودية، التي عمد بعضها إلى اللجوء إلى أسلوب المقارنة لتبيان مدى تهافت وضعف حجة الفتوى الجديدة. وفي عودة إلى تاريخ الفتاوى لعدد من العلماء في ما يخص المرأة، يتبين وجود فتاوى سابقة لم تحرّم مهنة البيع للمرأة في سوق يعمل فيها الرجال والنساء. ونشرت صحيفة «الرياض» فتوى تعود إلى عشرات السنين لـ«اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء»، صادرة برأي عدد من الفقهاء. وجاء في نصها: «سئل أعضاء اللجنة عما يأتي: عندي زوجة ترغب في أن تزاول البيع والشراء يوم الخميس في سوق يجمع الرجال والنساء، وهي محتشمة، فهل يجوز لها ذلك؟»، فأجابوا: «يجوز لها أن تذهب إلى السوق لتبيع وتشتري، إذا كانت في حاجة إلى ذلك، وكانت ساترة لجميع بدنها بملابس لا تحدد أعضاءها ولم تختلط بالرجال اختلاط ريبة، وإن لم تكن في حاجة إلى ذلك البيع والشراء فالخير لها أن تترك ذلك». وفي فتوى أخرى جرت مقارنة لحال المرأة اليوم بوضعها في فترة صدر الإسلام، وجاءت الفتوى رداً على سؤال عن «حكم عمل المرأة التي تبيع العطور في المهرجانات، ومراكز التسوق التي يذهب إليها الرجال والنساء»، فكانت الإجابة أنه «لا حرج على المرأة من العمل في البيع والشراء، مع التزامها بأدب الإسلام في لباسها وحديثها وتعاملها، وقد كانت النسوة في صدر الإسلام يبعن ويشترين باحتشام وتحفظ، ولم ينكر ذلك أحد من أهل العلم».
وبين جديد الفتاوى وقديمها، ذُكِّر بفتاوى سابقة بإمضاء «اللجنة الدائمة»، تبيح عمل المرأة في التجارة والفلاحة والتطبيب. ونُشرت فتاوى من قديم اللجنة ذاتها وأرشيفها الذي يحتوي على فتاوى عدة تتحدث عن عمل المرأة وإباحته باعتماد مجموعة من العلماء أعضاء اللجنة.
ولكي لا تبقى هناك مناطق ظل، ناقشت الفتاوى التي عُرضت مزاولة المرأة البيع والشراء والتجارة، ومساعدة الزوج في الفلاحة، واختلاط العاملات في المستشفيات بالرجال. وكانت الفتاوى كلها تجيز للمرأة العمل، باشتراط الستر وعدم الخلوة بالأجانب. كذلك أشارت الفتاوى المتعددة إلى أن الأصل إباحة الاكتساب للرجل والمرأة.
وتقاطعت معظم ردود الفعل عند المطالبة بتفسيرات أكثر مرونة للإسلام، وضرورة تحمل أولي الأمر مسؤولية فرض السلطة الدينية بنحو صحيح، وعدم ترك المجتمع السعودي عرضة لفتاوى لا أسس شرعية لها، وغير محكومة بأي قانون.

إصلاحات الملك عبد الله

من ضمن الإصلاحات التي وعد بها الملك عبد الله كان موضوع حقوق المرأة، التي وعدها بالاقتراع في الانتخابات البلدية، التي كانت مقررة العام الماضي، لكنها أُلغيت بسبب معارضة المؤسسة الوهابية.
وجاءت أبلغ خطوة رمزية في عهد الملك الحالي من خلال إسناد موقع حكومي لنورة الفايز سنة 2009، التي درست الاجتماع والتقنيات التربوية وعملت في حقل التعليم، لتكون نائبة لوزير التربية والتعليم لشؤون البنات. كذلك فإن وزارة الخارجية السعودية فتحت الباب، للمرة الأولى، لتعيين نساء في إدارتها البحثية.
السعوديات محرومات العمل في عدة مهن، والفتاوى تعاملهن كقاصرات
وخلال هذا العهد، كان أول استقبال ملكي من نوعه، في تاريخ المملكة لمنسوبات التعليم. كذلك التقى الملك عبد الله في مجلسه عدداً من الكاتبات المحسوبات على تيار الحداثة، واستمع إلى مطالبهن وهواجسهن.
وحظيت هذه التطورات في التعاطي مع المرأة، بترحيب في الوسطين الإعلامي والثقافي. بيد أن الناشطة السعودية في مجال حقوق الإنسان، وجيهة الحويدر، رأت «أن المقررات التي صدرت هي إشارة جيدة نحو الأمام»، متوقعة المزيد من الإصلاحات المتعلقة بالمرأة، وفي مقدمها رفع الوصاية عن المرأة لدى بلوغ سن الرشد أسوة بالرجل، وإزالة القيود الموضوعة على نشاطها في مجالات العمل والتنقل، والحد من المعاناة التي تعيشها في المحاكم. وطالبت بفتح كل مجالات الاختصاص أمام المرأة، مثل كليات الهندسة.
وكان تعيين امرأة في منصب قيادي، رسالة واضحة إلى الجهات والتيارات، التي تقف في طريق إعطاء المرأة السعودية حقوقها. وأشارت بعض الصحف إلى أن زوجة وزير التعليم الجديد، الأمير فيصل بن عبد الله، وهي الأميرة عادلة، تقف بقوة وراء العديد من البرامج المتعلقة بحقوق المرأة، والرعاية الصحية، وإساءة معاملة الأطفال، وتعليم المرأة، وهي تدفع بقوة باتجاه التغيير في هذه المجالات.
وفي إشارة ذات مغزى، ظهرت الأميرة لولوة الفيصل، لأول مرة في تاريخ البلاد، على صدر الصفحة الأولى من صحيفة «الرياض» السعودية، في الوقت الذي ظل محظوراً فيه نشر صور نساء العائلة المالكة.
الأمر اللافت هنا، أنه حين أذيع نص القانون الانتخابي في منتصف 2004، شجعت لغته، الخالية من تحديد الجنس، خمس نساء سعوديات على إعلان نيتهن الترشح. لكن استُثنيت السعوديات من انتخابات 2005 الجزئية، وبقي الأمل معلقاً على انتخابات 2009، التي أُلغيت كلياً.


«تجريم الاختلاط»

دخل المثقفون السعوديون على خط السجال الدائر حول فتوى تحريم «الكاشير». فرأى الكاتب عبد الله عبد الباقي أن «فتوى تحريم عمل الكاشيرة أثار إحباطاً شديداً لدى معظم الناس، وخصوصاً من هم بحاجة إلى العمل، رغم أن عمل المرأة موجود في شتى العصور، وهو موجود في كل البلدان الإسلامية، بما فيها الدول الخليجية المجاورة».
وأشار عبد الباقي إلى أن «موضوع الاختلاط أشبع بحثاً، وثبت وجود آراء فقهية أخرى في الداخل والخارج لا ترى حرمة الاختلاط، وهو ما هو موجود في طبيعة الحياة في الشوارع والأسواق والمطارات والقطارات والمستشفيات وفي كل مكان. فهل علينا أن نعيد النظر في كون السعودية طبيبة، وتعمل في مجتمع مختلط، وكذلك الممرضة والمذيعة والإعلامية والطالبة، تحت حجة تحريم الاختلاط من جديد».


سعوديّون في بيروت: مؤيّدون ومعارضون



السجال الدائر حول عمل المرأة السعودية لا يتوقف، ما إن تخمد نيرانه حتى تشتعل مجدداً، رغم أنه يدور في حلقة شبه مفرغة، ولا يحقق أي قفزة أو اختراقات. وقد استطلعت «الأخبار» آراء عدد من السعوديين في بيروت، الذين تحفظوا على إيراد أسمائهم، رغم أن النقاش في القضية دائر علناً في الداخل السعودي

شهيرة سلوم
تتعدد الآراء حيال عمل المرأة السعودية وتتنوع تبعاً لتنوع التيارات والمشارب والانتماءات. بعضها منفتح يدعو إلى التخلص من القيود التي تُكبّل المرأة. وبعضها الثاني محافظ، يرى أنه ليس صحيحاً أن المرأة السعودية ناقصة الحقوق ومكبّلة، بل على العكس هي مصونة الحقوق ومحصّنة. والبعض الثالث يريدها أن تخرج إلى ميادين العمل وفق ضوابط وشروط.
يقول مثقف سعودي، رفض ذكر اسمه، إن المرأة في المملكة «مُترفة وراضية ومتمسكة بما تتمتع به» وإن عملها «سيُريح» المجتمع ويرفع عنه بعض الأعباء، متسائلاً: «لكن هل المرأة السعودية مستعدة للتنازل عن سائقها وخادمها، وللتخلي عن كل ترفها، لتختار دخول ميدان العمل، وتنجز عملها بنفسها؟». ويستطرد بأنها «حاصلة على حقوقها وأكثر، وهي راضية بما لديها وتدرك قيمته، وليست مستعدة للتخلي عنه». ويتابع قائلاً إنه «حتى زواج المسيار (تتنازل المرأة فيه عن حقها بالنفقة) يعدُّ أحد أوجه تعزيز موقع المرأة، إذ يُؤتى لها بالزوج إلى المنزل».
ويتحدث المثقف، وزميله المحامي السعودي، عن عمل المرأة، فيشيران إلى أنه «ليس صحيحاً أنه مقيد، يمكنها أن تعمل حيثما تشاء»، وفي أماكن مختلطة أيضاً «تعمل في الإدارات العامة والخاصة، ويكون تعيينها على أساس الكفاءة، لا بسبب جنسها»، وأن «الاختلاط في العمل موجود في المستشفيات والمصارف وغير ذلك»، وإن مُنعت من العمل في بعض الأماكن، فذلك يكون على أسس دينية
وشرعية.
الحديث عن عمل المرأة دفع المتحاورين إلى الاستطراد. فالقضية شغلت البال داخل المملكة وخارجها، وأخذت من الضجة ما يفيض عن حدودها، الأمر الذي يعطف نفسه على قضية قيادة المرأة للسيارة. ويوضح المثقف السعودي أن ما يحول دون قيادة المرأة السعودية للسيارة هو قيود اجتماعية وتنظيمية، وليست دينية «فالاختلاف هنا ليس في الشرع، بل في العادات والتقاليد والنظام، وهذا أمر معروف»، فإعطاء المرأة الحق في قيادة السيارة يحتاج إلى إجراءات تنظيم معقدة. حجج لم تقنع زميلاً لهم من الإمارات (الشارقة)، ورآها «واهية»، ما دفع بالرجلين إلى الردّ عليه بالقول: «أتظنها دبي التي لا يزيد سكانها على ثلاثة ملايين؟ نحن نناهز 23 مليون نسمة، والسماح لنصف هذا المجتمع بالقيادة، سيسبب من دون أدنى شك فوضى، ويحتاج إلى ترتيب مسبق، ورغم ذلك يا أخي ستقود المرأة السيارة، هذا كان وعد خادم الحرمين».
اندفاعة سعودية في الدفاع عن عادات المجتمع وتقاليده وأعرافه أثارت رد فعل حاداً من كاتب سعودي، رافضاً أن تكون المرأة في المملكة كاملة الحقوق. ويشير إلى السجال الدائر حول عمل المرأة «كاشير»، عندما استخدمت أسواق «بندا»، المملوكة من رجل الأعمال السعودي الوليد بن طلال، نساء سعوديات للعمل بائعات في الأسواق، ما دفع إلى رفع المسألة إلى «هيئة العلماء».
ويضيف أن المعارضة الأساسية تأتي من الجناح المتشدّد في المملكة، من القاعدة «الوهابية»، التي تستند إلى ما يسمى «سدّ الذرائع» لمنع المرأة من العمل، بمعنى أن السماح للمرأة بالعمل بائعة، وإن كان بحدّ ذاته ليس خطأً، لكنه سيفتح الباب لاختراقات ستقود إلى ما هو مخالف للشرع والدين.
ويشير الكاتب إلى مفارقة هنا تتعلق بقرار وزير العمل السابق غازي القصيبي، السماح للمرأة بالعمل في محالّ بيع الملابس الداخلية النسائية. وبسبب رفض التيار المتشدّد لم يطبق هذا القرار حتى الآن. ويتساءل: «أين الشرع والدين في أن يسمح لرجل ببيع ملابس داخلية لامرأة، ولا يسمح بذلك للمرأة نفسها»، ويضيف: «يعرض البائع الرجل على الشارية هذه السلع الحميمة، ويبدأ بسؤالها عن المقاسات والألوان والأنواع... هذا يجوز وذلك لا!».
وبالنسبة إلى العمل المختلط في المستشفيات والمصارف، ينفي أن يكون هذا صحيحاً بالكامل، على عكس العاملات في شركة «أرامكو» السعودية، قائلاً: «في المصارف الأقسام المسائية منفصلة عن تلك الرجالية، ونادراً ما ترى أقساماً مختلطة باستثناء الإدارات المركزية. أما في المستشفيات، فقضية عمل المرأة غير مرضيّ عنها، من شريحة واسعة من «التيار المحافظ»، كذلك فإن المجتمع ينظر اليها نظرة ريبة؛ «لأن النساء يعملن ليلاً، حتى إن البعض يعدّهن غير صالحات للزواج!».
ويقول إن هناك عملاً دؤوباً من المتشددين لمحاربة الاختلاط، وعمل النساء في المستشفيات. ويروي حادثة توقيع عريضة من 14 طبيباً، موجهة إلى عميد كلية الطب تطلب «عدم فحص الطالبات للمرضى، وعدم فحص الطلاب للمريضات»، لكنها محاولة باءت بالفشل.
ويشير إلى أن أي محاولة لتغيير هذا الواقع تصطدم بمعارضة قوية من المتشدّدين، إلا أن الإرادة السياسية وحدها يمكن أن تنتصر على هذا التيار «فعندما قرر الملك بناء جامعة مختلطة حصل الأمر». لكنها معطلة، في رأيه، بسبب الوهابية المدعومة من بعض الأمراء.
وبعض المجالات القليلة التي تعمل فيها المرأة، لا تعدو عن كونها أكثر من صورة تجميلية، بحسب الراوي نفسه. فعملها في مجلس الشورى رقابي مثلاً، ومن وراء الستار. ويروي حادثة طريفة جرت في سوق «عكاظ» للشعر أخيراً، إذ حصلت احتجاجات لأن شاعرة سعودية (بديعة كشغري)، كانت ستلقي قصيدة أمام جمهور من الرجال، فكانت التسوية أن ألقت الشعر والجمهور من ورائها. ويختم بالقول إن ثقافة المجتمع السعودي قائمة على زواج «قبلي ديني» منذ أيام المؤسس الملك عبد العزيز، وفي أي جدل بشأن حقوق المرأة «ابحث دوماً عن الجنس»، والمفردات المستخدمة تدلُّ على هذا المحرك: رذيلة، فاحشة، خطيئة؛ مبررات لعدم إعطاء المرأة حقوقها، داخل مجتمع «مكبوت سياسياً واجتماعياً»، ولا يمكن، فيه تجاوز الحواجز بسهولة.