عبد السلام يرى «القاعدة» أداة بيد الاستخبارات الأميركيّةجمانة فرحات
تبرز مخاوف من اندلاع حرب جديدة في صعدة، تكون شرارة لاندلاع حرب طائفية في البلاد، بعدما اختبرت المحافظة وجوارها مع نهاية الشهر الماضي انفجارين انتحاريين، استخدمت خلالهما سيارات مفخخة استهدفت الحوثيين.
ويكتسب القلق جديته، ليس فقط من إعلان تنظيم «القاعدة» وقوفه وراء العمليتين، وادعائه قتل الزعيم الروحي للحوثيين خلال أحد التفجيرين، بل لتزامن الهجوم الانتحاري الأول مع وقوع اشتباكات دموية بين أعضاء تنظيم «القاعدة» ومعتقلين حوثيين في أحد سجون الاستخبارات اليمنيّة.
واتهمت المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديموقراطية مسؤولي الاستخبارات، بأداء دور رئيسي في التحريض الطائفي بين المعتقلين داخل السجن.
في المقابل، تتردد معلومات عن عمليات تسليح واسعة في صفوف الحوثيين، واستحداثهم نقاط تفتيش جديدة استعداداً لعمليات ثأرية، فضلاً عن إطلاقهم حملة إعلامية مناهضة لـ«القاعدة» في مناطق نفوذهم.
ورغم هذه المعطيات، تبدو جماعة الحوثي، في الأيام الأخيرة، حريصة على نفي أي احتمالات لحرب بينها وبين تنظيم «القاعدة»، وصولاً إلى حد عدم اعترافها بوجود «تنظيم مستقل اسمه القاعدة»، ووصفته بأنه «نشاط استخباري أميركي يحرك عبر دوائر معروفة»، وفق المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبد السلام.
وبعدما وصف عبد السلام لـ«الأخبار» تبني «القاعدة» لقتل السيد بدر الدين بأنه «كلام زائف وسخيف»، رفض الحديث عن عمليات تسليح بين جماعته، مشيراً إلى أن الحوثيين «عبارة عن مواطنين، نحمل السلاح عندما نضطر للدفاع عن أنفسنا، ونتركه عندما يتوقف العدوان علينا». وأوضح أن الحوثيين يواجهون الحرب التي تشن عليهم منذ البداية «وهي أميركية بامتياز؛ فشل النظام اليمني في حسمها وتدخل النظام السعودي، ففشل هو الآخر. والآن تحرِّك الولايات المتحدة الأميركية خياراتها الأخرى، ومنها ما يسمى «القاعدة»، لعلها تثير حرباً طائفية بين أبناء اليمن، على خلفية حرب وهمية تحقق لها ما فشل فيه من سبقها».
وعبّر عبد السلام عن اطمئنان الحوثيين إلى عدم حصول أي صراع طائفي. ورأى أن ما تضمنه بيان «القاعدة» من حديث عن «إنشاء وحدات خاصة للدفاع عن أهل السُّنة وغيرها من المصطلحات، يؤكد المسعى لإشعال الحرب الطائفية تحت مسميات وهمية، يضعف فيها المسلمون عموماً سُنّة وشيعة، كما يحدث في بلدان عربية وإسلامية أخرى».
ولفت المتحدث الحوثي إلى أن «اليمن في كل الأحوال أكثر انسجاماً وتعايشاً بين مختلف أطيافه. والتاريخ خير دليل على ذلك ويؤكده الحاضر. فلا مواجهات في اليمن بين ما يسمى الشيعة والسُّنة، رغم المحاولات الكثيرة التي حاول المعتدون إذكاء نارها، لكنها فشلت». ورأى أنه «لا احتقان بين أبناء اليمن، فتعايش الزيدية والشافعية مستمر منذ القدم».
وتحميل عبد السلام الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية مسؤولية الهجومين الانتحاريين لا يلغي مخاوف الكثيرين من بوادر حرب طائفية بين القاعدة والحوثيين، تستلهم النموذج العراقي.
فالبعض (موقع الصحوة نت التابع لحزب الإصلاح الإسلامي) يظن أن الفترة الأخيرة أنتجت تحالفاً بين الحوثيين والسلطة، برضى أميركي لمحاربة «القاعدة»، ويبرهنون على ذلك باعتقال أنصار للحوثي

الوساطة القطرية رهن بمدى جدية النظام اليمني
اثنين من عناصر التنظيم وتسليمهما للدولة. إلا أن عبد السلام نفى ذلك، مشيراً إلى أنه «كلام غير دقيق، ويدخل ضمن الدعاية وخلق بعض المبررات للقبول بمثل هذه العناوين الزائفة».
سيناريو آخر يتحدث عن تورط السلطة اليمنية في عملية تأليب أحد الطرفين على الآخر، لإدخالهما في حرب ستكون نتيجتها إضعافهما، وهو أقصى أماني السلطة التي تدرك عجزها عن هزيمة جماعة الحوثي أو «القاعدة».
في هذا الوقت، يذهب البعض إلى حد اتهام الحوثيين بالوقوف وراء الهجومين لاستدرار دعم القبائل، ولا سيما بعد ضلوع العديد من أبناء القبائل في قتال شرس مع الحوثيين خلال الحرب السادسة استمرت فصوله، وإن بتقطع، إلى ما بعد وقف إطلاق النار بين الحوثيين والسلطات.
إلا أن عبد السلام نفى وجود اشتباكات بين الحوثيين وأي طرف من القبائل، مشيراً إلى أن «العكس هو الذي يحصل». ولفت إلى أن «الكثير من قبائل اليمن بدأت تتفهم جيداً الخطر المحدق بها والساعي إلى تفتيتها وإدخالها في تكتلات أميركية يديرها ويدعمها السفير الأميركي الجديد في اليمن».
وفيما تتزايد المخاوف من احتمال تفجر الأوضاع في الشمال، رأى عبد السلام أن قدرة الوساطة القطرية على إتمام مهمتها بنجاح «مرهونة بمدى جدية النظام اليمني ورغبته في إرساء السلام في المناطق المستهدفة والمتضررة، إضافة إلى تخلي بعض الأطراف الإقليمية التي تنفذ التوجيهات الأميركية عن افتعال الأزمات وتغذيتها».