في ظل الحديث عن المصالحة الفلسطينية وعقدتها الأمنية وتحديد موعد للقاء بين «حماس» و«فتح»، برز معطى على الأرض في قطاع غزّة، تمثّل بتشكيلات أمنية «حمساويّة» تستبق التوافق المرتقب
حسام كنفاني
في ظل الحديث المستجدّ عن المصالحة الفلسطينية، وتحديد موعد في التاسع من الشهر الجاري للقاء بين «فتح» و«حماس» في دمشق لبحث الوضع الأمني ضمن ملف إنهاء الانقسام، برز معطى ظهر كأنه استباقيّ لجهود المصالحة.
فقد أجرت الحكومة المقالة، التي تديرها حركة «حماس»، في الفترة الأخيرة حركة تشكيلات أمنية شملت ما بين 4 آلاف إلى 5 آلاف رتبة عسكرية، وزعتها على عناصر وقادة الأجهزة الأمنية والشرطة التابعة لها في قطاع غزة.
وقالت مصادر وثيقة الاطلاع إن «التشكيلات تطرح العديد من التساؤلات حول الغاية منها، ولا سيما أن من المفترض أن تكون الأجهزة الأمنية في صلب النقاش مع حركة فتح»، وبالتالي فإن «إعادة تركيبها وفق رؤية جديدة ستكون حتميّة في حال التوصل إلى اتفاق». غير أن المصادر تستدرك أن خطوة «حماس» قد تكون في إطار «مسعى استباقي لفرض تشكيلات أمن أمر واقع في القطاع تؤخذ في الحسبان ضمن أي توافق»، رغم أن المصادر تقلّل من احتمال إنهاء الانقسام في الفترة المقبلة وتشير إلى أن لقاء دمشق قد لا يتجاوز اللقاء الشكلي. وتستدل المصادر على مسعى «حماس» بالإشارة إلى الأجواء التي سببتها الترقيات داخل الأجهزة الأمنية، ولا سيما أنها اعتمدت على معايير حركيّة لا علاقة لها بالتراتبية في الأجهزة الأمنية. وتوضح بأن «الترقيات أدّت الى خلق أجواء غير مريحة ومشكلات داخل الأجهزة الأمنية والشرطية، جراء عدم رضى البعض عن هذه الترقيات، التي أدت إلى ارتقاء عناصر وقادة درجات فوق مسؤوليهم السابقين وأصبحوا بذلك مسؤولين عليهم». وتشير المصادر إلى «أن عدداً من المحتجّين على هذه الرتب والترقيات امتنعوا عن الدوام، ورفضوا الامتثال لأوامر مسؤوليهم الجدد». وتوضح أن وزارة الداخلية في الحكومة المقالة «اعتمدت على معايير حزبية في منح الترقيات والرتب العسكرية، بحيث اعتمدت على تاريخ «البيعة» أي الانتساب إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهي الأمّ الشرعية لحركة حماس، وعدد سنوات الاعتقال سواء لدى الاحتلال الإسرائيلي أو لدى الأجهزة الأمنية السابقة إبان حملات الاعتقال السياسي التي استهدفت الآلاف من أنصار الحركة في منتصف التسعينيات».
كما كان لأعضاء «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس» المنضوين في جهاز الشرطة وأجهزة الأمن الأخرى، أفضلية في الرتب العسكرية وفقاً لعدد سنوات العضوية.
ولا تتوانى المصادر عن تشبيه إجراءات «حماس» بتلك التي كانت متّبعة لدى حركة «فتح» إبان تحكمها بأجهزة الأمن ومؤسسات السلطة. فإذا كانت «البيعة» أساساً للتقويم لدى «حماس»، كانت حركة «فتح» تعتمد على ما يسمى «الذاتية»، أي الوثيقة التي تمنحها أقاليم الحركة للمتقدم للوظيفة أو للترقية وتوضح المكانة التنظيمية لكل شخص.
في هذا الوقت، أعلن النائب في «حماس» إسماعيل الأشقر، الذي من المقرر أن يشارك في اللقاء في دمشق في التاسع من الشهر الجاري، أن الاجتماع سيبحث التوافق على تأليف اللجنة الأمنية المشتركة التي ستشرف على إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، مشيراً إلى أن الحركة لا تلتفت إلى التسريبات الإعلامية حول عدم موافقة مصر والولايات المتحدة وإسرائيل على تولي «حماس» أي مسؤولية أمنية، ولا سيما في الضفة الغربية.