strong>رابين عرض ضرب المطارات المصريّة في 2 حزيران... و«آمان» خشي على حكم ملك الأردنبعد أسابيع على نشر محاضر سرية تتعلق بمداولات الحكومة الإسرائيلية في الأيام الأولى من حرب تشرين الأول 1973، سمحت الرقابة العسكرية في إسرائيل أمس بنشر محضر اجتماع «سرّي جداً» عشيّة حرب حزيران 1967

محمد بدير
حذّر الجيش الإسرائيلي عشيّة «حرب الأيام الستة» القادة السياسيين من احتمال أن تبادر مصر إلى مهاجمة مفاعل ديمونا النووي وتدميره إذا واصلت حكومة ليفي أشكول التريث في اتخاذ قرارها بشن حرب استباقية. هذا ما كشفت عنه محاضر النقاش الخاص الذي جرى بين اللجنة الوزارية المختصة بالشؤون الأمنية وهيئة أركان الجيش الإسرائيلي قبل يومين من اندلاع حرب حزيران 1967. المحضر الكامل، المصنّف بأنه «سرّي للغاية» وكان موضوعاً في أرشيف الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع، نشرت صحيفة «هآرتس» أجزاء منه أمس بعدما سمحت الرقابة العسكرية بذلك بناءً على طلب الصحيفة بمناسبة 15 عاماً على اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، الذي شغل منصب رئيس الأركان في حينه.
ويتألف المحضر من 27 صفحة، وهو يكشف عن المواجهة الكاملة بين جنرالات الجيش، برئاسة رابين، الذين طالبوا بالمسارعة إلى الحرب على الفور، وبين الوزراء، وعلى رأسهم ليفي أشكول، الذين اعتقدوا أنه يجب انتظار التوصل إلى تفاهمات سياسية مع الولايات المتحدة ودول أخرى.
وأشارت الصحيفة إلى أن النقاش بين الجانبين دار صباح يوم الجمعة في الثاني من حزيران 1967 في مقر القيادة العسكرية العليا المسمّى «هاكريا» وسط تل أبيب. كما أوضحت أن الهدف منه كان إتاحة الفرصة أمام جنرالات الجيش لعرض آرائهم وتقديراتهم أمام القيادة السياسية بشأن طبيعة الوضع في حينه. وشارك في الاجتماع 12 وزيراً، بينهم وزير الدفاع موشيه ديان والوزير من دون حقيبة، رئيس حزب «غاحل»، مناحيم بيغين.
شارون قدّم «أقسى» مداخلة: بسبب التردد والمماطلة فقدنا عنصر الردع الأساسي
ويظهر المحضر أن الاجتماع افتتح بعرض استخباري سرّي قدمه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية «آمان»، الجنرال أهارون ياريف، الذي حذر الوزراء من أن أي تريث أو تأخير في شن الحرب سيؤدي إلى أن تواصل مصر تعزيز قواتها في سيناء. وقال محذراً إنه «إذا لم تتحرك إسرائيل، فإن العمليات الإرهابية برعاية مصر وسوريا سوف تزداد، وسيكون حكم الملك حسين في الأردن في خطر، والأخطر من كل ذلك، فإن مصر قد تقرر توجيه ضربة مدمرة لديمونا وربما أيضاً للمطارات داخل إسرائيل».
وبعد رئيس «آمان»، عرض رابين موقفه قائلاً «إننا ندخل في وضع من التركيز العسكري الشامل الذي يتضمن توثيق التعاون (بين الدول العربية)، وكلما مر الوقت من دون أن تتحرك إسرائيل ستزداد الثقة عند العرب بأن إسرائيل لا تستطيع أن تواجه هذه المشكلة». وعلت نبرته قائلاً «قد نصل إلى وضع لا أريد أن أود التعبير عنه بعبارات قاسية، إلا أنه سيكون هناك خطر جدي على وجود إسرائيل، والحرب ستكون صعبة وقاسية وكثيرة الإصابات».
وطالب رابين بإنزال «ضربة ماحقة بـ(الرئيس المصري جمال) عبد الناصر»، وتحديداً ضربة جوية افتتاحية تدمر «في يوم واحد» سلاح الجو المصري. وقدم تفاصيل الخطة الجوية التي اقترحها على قائد سلاح الجو، الجنرال موتي هود. ولفتت «هآرتس» إلى وجود أجزاء في المحضر بقيت سرية، وقد حذفتها الرقابة العسكرية قبل نشرها، مشيرةً إلى أن هذه الأجزاء تتعلق بأقوال قائد سلاح الجو بشأن طلعات المسح الجوي التي كانت طائرات مصرية قد أجرتها قبل أسبوعين من تاريخ بداية الحرب. وذكّّّّّرت الصحيفة بأنه وفقاً لما كانت وسائل إعلام أجنبية قد نشرته في الماضي، فإن هدف التصوير الذي أجرته هذه الطائرات كان مفاعل ديمونا.
وخلال النقاش، قدم الجنرال أرييل شارون مداخلة كانت بحسب الصحيفة «أقسى من الجميع»، شدد فيها على أن «هدفنا ليس أقل من تدمير القوات المصرية بالكامل». وأضاف «بسبب التردد والمماطلة فقدنا عنصر الردع الأساسي». وتابع «هناك مبرر لعملية كثيرة الإصابات لأن الأمر يتعلق بوضع هو الأصعب بالنسبة إلى لإسرائيل منذ حرب التحرير (1948)».
وتطرق الجنرال موشيه بيليد خلال النقاش إلى الوضع الاقتصادي، محذراً من دخول «الاقتصاد (الإسرائيلي) في وضع لا يمكن تحمله». وسأل الوزراء قائلاً «لماذا نتحمل هذا التدهور؟». وأيد وزير الدفاع، موشيه ديان، مواقف الجنرالات وقال إنه بحسب رأيه يمكن تحقيق أهداف العملية العسكرية في غضون ستة أيام، فيما هاجم بعض الوزراء «تردد زملائهم».
وبحسب المحضر، فإن رئيس الحكومة، ليفي أشكول، لم يخضع للجنرالات ووبخ في نهاية الاجتماع كلاً من شارون وبيلد على طريقة كلامهما، متهماً إياهما بمحاولة إثارة مشاعر الحكومة. وكرر موقفه بشأن أهمية الاتصالات السياسية قبل الشروع في الحرب. وحذر من وضع «نضطر فيه إلى الحرب كل عشر سنوات».
وأوضحت الصحيفة أن النقاش انتهى بعد نحو ساعتين ونصف «من دون إرضاء الجنرالات»، علماً بأن الحكومة الإسرائيلية كانت قد قررت شن الحرب بصورة ابتدائية بعد يومين من هذا الاجتماع.