واشنطن ـ محمد سعيد خاص بالموقع- حمّلت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أول من أمس، مسؤولية ما يحدث للمسيحيين في العراق للغزو الأميركي ـ البريطاني لبلاد الرافدين، في آذار 2003. وقالت الصحيفة إن الإرث الذي خلّفه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وحليفه رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، هو السبب وراء رحيل أعداد من المسيحيين عن العراق وانخفاض أعدادهم حالياً.
وأضافت أن «جورج بوش الابن توهّم عندما أرسل القوات الأميركية إلى العراق عام 2003 أنه سيستبدل الرئيس العراقي (الراحل) صدام حسين برئيس عربي ديموقراطي موالٍ للولايات المتحدة، يتطلّع بطبيعة الحال إلى نيل تأييد الغرب المسيحي. لكنه في الواقع، بعد سبع سنوات، خلق بدلاً من ذلك ميدان قتل طائفي متطرف موالياً لإيران سبّب إرغام الأقلية المسيحية العراقية على الهروب إلى الخارج».
وقالت الصحيفة البريطانية إن آخر ما شهده المسيحيون جرّاء ميراث بوش وسياسته هو الاعتداء على كنيسة «سيدة النجاة» الكاثوليكية في بغداد، الذي أدى إلى مقتل نحو 50 شخصاً على الأقل، وتفجير المسلّحين أيضاً 14 قنبلة في الضواحي المسيحية، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة أكثر من 30 آخرين.
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان شنّ بوش الأب حربه على العراق للمرة الأولى في عام 1991، حين كان في العراق أكثر من مليون مسيحي يمثّلون نحو 10 في المئة من سكانه، بل كانوا من أصحاب المكانة العالية في الدولة والتي تجسدت في وزير الخارجية طارق عزيز. وأشارت إلى أن المسيحيين في العراق، الذين كانوا أقلية مزدهرة وبارزة تنتمي إلى الطبقة الوسطى المتعلّمة، كانوا يتركّزون في الموصل والبصرة وبغداد، التي كانت تعد أكبر مدينة في المنطقة من حيث أعداد المسيحيين الذين يعيشون فيها.
وأوضحت «الغارديان» أنه من بين 800 ألف مسيحي كانوا في العراق عندما أطلق «دوبيا»، وهو الاسم الذي يطلق على بوش الابن، الجيش الأميركي لغزو العراق في عام 2003 ، لم يبق حتى عام 2006 سوى ثلث هذا العدد، بعدما غادر نحو ثلثيهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن الطائفة المسيحية في العراق هي واحدة من أقدم الطوائف المسيحية في العالم. واستناداً إلى التراث (المسيحي)، فإن القديس توما وابن عمه، اداي، هما أول من جلب المسيحية إلى بلاد ما بين النهرين، بعد وقت قصير من الصلب.
وتظهر المعلومات التاريخية أنه في عام 325 بعد الميلاد، كان هناك أساقفة وقساوسة من بلاد ما بين النهرين أكثر مما كان من أساقفة من أوروبا الغربية. وفي وقت لاحق، أصبحت منطقة ما بين النهرين ملاذاً للجماعات الهاربة من أوروبا بسبب اتهامها بالهرطقة من جانب البيزنطيين الأرثوذكس؛ جماعات مثل الصابئة، الذين يتّبعون ما يعتقدون أنه تعاليم يوحنا المعمدان، وكنيسة الشرق، أو النساطرة الذين أدوا دوراً مهماً في تحقيق الفلسفة اليونانية والعلوم والرياضيات والفلك والطب الأولى ونقلها إلى العالم الإسلامي، ومن ثم إلى جامعات أوروبا في القرون الوسطى.
ورأت الصحيفة أن «الحوادث التي عانى منها المسيحيون جرّاء سياسة بوش، ومنها اختطاف كاهن كنيسة والعثور عليه مقطوع الرأس والأوصال، وتفجير 15 كنيسة وقتل العديد من الكهنة، وتعرّض النساء المسيحيات للاختطاف والاغتصاب، كل ذلك ما كان ليحدث إلا نتيجة السياسة المغامرة لجورج بوش وتوني بلير وميراثهما في العالم الإسلامي، وخاصة بعد استخدام بوش لكلمة الحملة الصليبية».