Strong>وضعت إسرائيل عقبة جديدة أمام السلام بإقرارها قانوناً ينص على إجراء استفتاء شعبي للانسحاب من المناطق المحتلة، ولا سيما القدس والجولانفي خطوة من شأنها إضافة عراقيل جديدة على عملية السلام والجهود الأميركية، أقرّ الكنيست الإسرائيلي، مساء أول من أمس، قانوناً ينصّ على وجوب إجراء استفتاء شعبي للانسحاب من مناطق خاضعة للسيادة الإسرائيلية (القدس الشرقية والجولان) إذا لم يحظ الاتفاق بتأييد ثلثي أعضاء الكنيست، أي 80 نائباً على الأقل.
وصوّت لمصلحة القانون، الذي يبدأ سريانه فور التصديق عليه 65 عضواً، فيما عارضه 33، وسط غياب وزير الدفاع إيهود باراك عن جلسة التصويت. وأجمع القانونيون الإسرائيليون على أن القانون «ليس قانونياً» لأنه يمس بنظام الحكم البرلماني.
إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رأى أن «الاستفتاء سيمنع اتفاقاً غير مسؤول، وسيسمح بتوفير دعم شعبي قوي لاتفاق يستجيب للمصالح القومية الإسرائيلية». وأضاف إن «الشعب يعرف أنه سيقرر، وأنا أعتمد على شعب إسرائيل، فهو حكيم وعقلاني»، مشيراً إلى أن القانون «أمر ديموقراطي وصحيح».
في المقابل، انتقد باراك القانون، وقال إن منتقدي الدولة العبرية «سيستخدمون هذا القانون ضدها». وبدت زعيمة المعارضة، رئيسة حزب «كديما» تسيبي ليفني، شديدة الامتعاض. وأشارت إلى «وجود مسألة مبدئية ليست متعلقة بمن يريد التنازل عن أجزاء من البلاد ومن لا يريد»، موضحة أن «الحديث يدور عن حسم يتعيّن على القيادة التي تدرك حجم المشاكل أن تتخذ القرار بنفسها، والشعب ليس بديلاً من الحاجة إلى قيادة كهذه».
كذلك هاجمت ليفني نتنياهو قائلة: «هناك رئيس حكومة ضعيف، واللعب مريح بالنسبة إليه، ولا يدور الحديث هنا عن الرغبة في سماع رأي الشعب، بل عن منح حق الفيتو على قرارات الحكومة والكنيست المنتخب».
حتى الصحف الإسرائيلية بدت مستاءة. وكتب زئيف سيغال في صحيفة «هآرتس» أن «الكنيست قضم بذلك من سلطاته الخاصة»، فيما بدا مستوطنو الجولان فرحين، ورأوا أن «غالبية الشعب معنا» في رفضهم لأي اتفاق مع سوريا يؤدي إلى الانسحاب من الجولان.
ووسط سلبية هذا القانون لجهة التوصل إلى اتفاق سلام، بدا نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلياهو يشاي، كأنه يصب الزيت على النار، إذ أعلن أن المحادثات بين إسرائيل والولايات المتحدة «وصلت إلى طريق مسدود». وأضاف إن «المطالب الأميركية ليست مقبولة على إسرائيل وكل شيء عالق»، موضحاً أن «الأمور لم تفهم على ما يبدو. ونتيجة لذلك، لن يكون بالإمكان صياغة وثيقة (تفاهمات)». إلا أن مكتب نتنياهو ردّ قائلاً إن «الاتصالات بين إسرائيل والولايات المتحدة متواصلة من أجل صياغة المبادئ التي اتفق عليها نتنياهو و(وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري) كلينتون خطياً وليتسنى إقرارها في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)».
وفي السياق، قال المستشار السابق للرئيس الأميركي باراك أوباما لشؤون الأمن القومي، جيمس جونز، إن السلطة الفلسطينية «باتت أكثر تقبلاً لاتفاقية سلام تسمح بانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من الضفة الغربية». ونقلت قناة «الحرة» الأميركية عن جونز قوله إنه «إذا كانت السلطة الفلسطينية مستعدة لقبول فكرة قيام دولة فلسطينية تدريجاً، فإنه يرى فرصة لقيام تلك الدولة في مدة لا تتجاوز 10 سنوات».
وفي ما يتعلق بنية نتنياهو إعطاء أراض للفلسطينيين لإتمام عملية السلام، قال جونز إنه «ليس لديه أي معلومة بشأن هذا الموضوع». وبشأن وجود نية لدى إدارة أوباما للتعامل بحزم أكثر مع إسرائيل، أكد أن «هذا كان مطلب بعض القادة العرب والأوروبيين»، مشيراً إلى أن «إدارة أوباما قد تأخذ ذلك في الاعتبار».
وفي ردود الفعل، دانت السلطة الفلسطينية بشدة القانون الجديد. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، إن هذا القرار يمثّل «خرقاً للقانون الدولي لأن القدس الشرقية والجولان السوري أراض تحتلها إسرائيل منذ عام 1967». وقال «بحسب القانون الدولي، لا يجوز لإسرائيل إجراء استفتاء في الأراضي المحتلة. وبالتالي، فإن قرار الكنيست لا يخلق حقاً ولا ينشئ التزاماً»، مؤكداً «إذا أرادت إسرائيل السلام في يوم من الأيام، فعليها أن تعرف أن الانسحاب من القدس الشرقية والجولان المحتل سيكون على رأس الأراضي الفلسطينية والعربية التي يجب أن تنسحب منها».
أما سوريا، فأعلنت على لسان مصدر مسؤول أن التصديق هو «استهتار بالقانون الدولي، ويدل على أن إسرائيل لا تبحث عن السلام». وأضاف المصدر إن التصديق «رسالة إلى الذين لا يزالون يتوهمون بأن حكومة إسرائيل الراهنة تبحث عن السلام ويغدقون بالعطايا لها على هذا الأساس». وأكد أن قرارات «إسرائيل بضم الجولان والقدس لاغية وباطلة».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)