لا يبدو أن الحوثيين مطمئنون إلى توجهات السلطة اليمينة في صعدة. وفي وقت يُبدون فيه استعدادهم لمد يدهم للتحول إلى «شركاء في العملية السياسية»، يهدّدون بالـ«رد على كل عدوان بحجمه ومكانه»
جمانة فرحات
يرفض المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، اعتبار عودة التوتر مع القوات الحكومية إعلاناً غير مباشر عن فشل الوساطة القطرية، مؤكّداً أنها لا تزال قائمة، على الرغم من أن اللجان لم تعاود عملها منذ توقيع اتفاق أولي مع السلطة نهاية شهر رمضان.
ويؤكّد عبد السلام، لـ«الأخبار»، أن السلطات اليمنية تسير في مسارين في ما يتعلق بالأوضاع في صعدة. وأوضح أن «السلطة لا تتجه نحو السلام بعد كل حرب، بل تتجه إلى افتعال الأزمات في كل مكان، ومع ذلك تبقي أعمال اللجان قائمة، فهي تعمل في مسارين؛ أحدهما حقيقي، وهو تصعيد الوضع وافتعال الحروب والأزمات وإشعال المنطقة وعدم تركها تستقر، والثاني شكلي، وهو تفعيل أدوار اللجان التي لا تستطيع القيام بأي دور».
ويرى عبد السلام أن السلطة، التي وصفها بـ «المتسولة»، «تعيش على التناقضات واستغلال التعقيدات حتى بين فئات الشعب». ويتهمها بأنها «تحرك كل الأطراف في اليمن لمواجهة خصومها السياسيين». أما في الملفات الخارجية، فيتطرق بإسهاب إلى ما عدّه إثارة السلطة لـ«طرف دولي على آخر». ويوضح أنها «تتحرك صوب إيران لإثارة السعودية والإمارات، وتتحرك صوب ليبيا لإثارة السعودية». ويشير إلى أنها «في كل هذه الأدوار تكسب الدعم المالي والسياسي من إيران والسعودية وجميع الدول القريبة والبعيدة، حتى في ملف ما يسمّى القاعدة».
السلطة لا تتجه نحو السلام بعد كل حرب، بل تتجه إلى افتعال الأزمات في كل مكان
ويحدد عبد السلام عدداً من المطالب الاجتماعية التي يجب على السلطات تلبيتها لإثبات توجّهها نحو السلام. ويلخصها بـ«الإفراج عن المعتقلين والبدء في الإعمار والتنمية الحقيقية للمناطق المعدومة والمتضررة والمهمشة طول تاريخ السلطة الحاكمة». كذلك ضرورة «عودة الموظفين والمفصولين إلى أعمالهم والمدرسين إلى مدارسهم وفتح المدارس والتعامل مع المحافظات الشمالية في اليمن مثلها مثل باقي مناطق الجمهورية اليمنية، وعدم التعامل معنا بالتمييز العنصري والمذهبي المقيت»، فضلاً عن «ترك إثارة النزاعات القبلية والطائفية والعنصرية لأنها لا تخدم الاستقرار». ويشدد على ضرورة إيقاف استهداف الحوثيين «بكل أنواع الاستهداف من حملات اعتقالات ومصادرة مساجد، وحقوق، وممتلكات، وكذلك توقف الحملات الإعلامية التي تبث روح العنصرية والتكفير لنا في كل وسائلها المتنوعة» .
أما عن قرار معالجة أثار الحرب، فيرى عبد السلام أنه «يحتاج فعلاً إلى قرارات شجاعة، ونية حقيقية للسلام»، تمهد الطريق أمام أن يكون الحوثيون «شركاء في العملية السياسية»، ويتحملوا مسؤولياتهم «في البناء والازدهار وتثبيت الأمن والسلام» .
وإن أبدى عبد السلام حرص الحوثيين على السلام بوصفه «مصلحة عليا ومطلب شرع يجب السير فيه بقوة»، أكد في الوقت نفسه أن الحوثيين سيردون «على كل عدوان بحجمه ومكانه دفاعاً عن النفس إذا بقي النظام يعتدي علينا».
ويشدّد على أن الحوثيين لن يقبلوا «في كل الأحوال أن يذبحوا بدم بارد»، مبدياً تفاؤله بقدرة الحوثيّين على مواجهة «كل التحديات والحروب والخروج منها منتصرين».
ويرفض عبد السلام الرأي القائل إنّ المهادنة الإعلامية التي يتّبعها الحوثيون خلال الفترة الأخيرة باتجاه السعودية والأطراف السياسية الداخلية تأتي انعكاساً لتداعيات الجولة السادسة من الحرب، وما مثّلته من إنهاك لقواتهم ومحاولة الحوثيين كسب المزيد من الوقت لإكمال الاستعدادات لجولة جديدة من الحرب إذا تدهورت الأمور في صعدة. ورأى أن «من يرى أننا خرجنا من الحرب السادسة ضعفاء فهو لا يدرك الوضع الميداني إطلاقاً». وأعاد التذكير بأن على «المعتدي لم يتقدم شبراً واحداً في أي جبهة من جبهات القتال».