تتّجه إسرائيل نحو تفعيل البناء الاستيطاني في القدس المحتلة، بموافقة أميركية هذه المرة، ليبدو أن استئناف المفاوضات المباشرة يصطدم بمزيد من العراقيلأعلن وزير الإسكان الإسرائيلي، أريئيل أتياس، عن أعمال بناء ستنفّذ قريباً في مستوطنتين في القدس الشرقية بعلم الولايات المتحدة، وبعد اتصالات مكثفة بين الجانبين. وذكرت صحف إسرائيلية أن أتياس أطلق مناقصات لبناء 4000 وحدة سكنية تقريباً في أنحاء إسرائيل، بينها مناقصات لبناء 238 وحدة سكنية في مستوطنتي «بسغات زئيف» و«راموت» في شمال القدس الشرقية.
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن الحكومة الإسرائيلية «أبلغت الإدارة الأميركية نيتها إعلان أعمال البناء الاستيطاني في القدس الشرقية لمنع نشوء أزمة بين الجانبين». وأضافت هذه المرة «أُطلعت الإدارة الأميركية على مخططات البناء الاستيطاني منذ اللحظة الأولى، حتى إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أجرى اتصالات سرية مع واشنطن».
وتابعت الصحيفة إنه في «إطار هذه الاتصالات، استعرض مبعوث نتنياهو، المحامي يتسحاق مولخو، مخططات البناء الاستيطاني مع الأميركيين». وأشارت إلى أن «المباحثات الإسرائيلية ـــــ الأميركية بشأن مخططات البناء وصلت إلى حد النقاش بخصوص المواقع الدقيقة التي ستنفّذ أعمال البناء الاستيطاني فيها». وشددت على أن قرار تنفيذ أعمال البناء الاستيطاني «اتخذ في إسرائيل بعد موافقة أميركية».
وتشير التقديرات إلى أن حكومة إسرائيل طلبت بناء 600 وحدة سكنية في مستوطنات القدس الشرقية، لكن الأميركيين مارسوا ضغوطاً للجم مخططات البناء هذه «ومنع إعطاء الفلسطينيين حجة لنسف المفاوضات».
ورأت الصحف الإسرائيلية أن إعلان مخططات البناء يمثل نهاية لفترة التجميد السري لأعمال الاستيطان في القدس، وأنه رغم محاولات أميركية لمنع إعلان مخططات البناء هذه، فإنّ نتنياهو قرر إعلانها ليثبت للعالم أنه لا تجميد بناء في مستوطنات القدس المحتلة.
ورجّح المحلل السياسي في صحيفة «معاريف»، بن كسبيت، أن تكون الموافقة الأميركية «جزءاً من صفقة لتمديد تجميد البناء الاستيطاني بموجب طلب الولايات المتحدة والفلسطينيين لاستئناف المفاوضات».
وفي السياق، قالت مصادر سياسية إسرائيلية إن «القدس ليست بمثابة مستوطنة، ولم تكن مشمولة في اتفاق التجميد، إلا أن إسرائيل امتنعت عن البناء في هذه الأحياء خلال تلك الفترة نظراً لحساسية الموقف لدى الأميركيين». ونفت أن يكون نتنياهو قد حاول «طمس هذا الموضوع والتوصل إلى اتفاق سري مع واشنطن».
في المقابل، دانت السلطة الفلسطينية المشروع الاستيطاني الإسرائيلي الجديد، متهمةً الحكومة الاسرائيلية بـ«قتل» فرص استئناف مفاوضات السلام. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، «ندين هذا القرار بشدة، ونحمّل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية انهيار المفاوضات وعملية السلام». وأضاف «ندعو الإدارة الأميركية إلى تحميل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية انهيار المفاوضات وعملية السلام بسبب إصرار هذه الحكومة على قتل كل فرصة لاستئناف المفاوضات».
ورأى عريقات أن «إسرائيل تسعى من خلال مواصلة الاستيطان إلى نسف الجهود الدولية الرامية إلى إعادة إطلاق مفاوضات السلام»، مضيفاً «إنها هي من يريد تدمير الجهود الأميركية والأوروبية، ويتحدى المجتمع الدولي، ويدل على أنه مصمم على قتل جهودهم، لذلك نطالب الإدارة الأميركية بأن تحمّل حكومة الاستيطان الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن انهيار المفاوضات».
في هذا الوقت، حذر وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، من أنه «اذا استمر مأزق تجميد الاستيطان، فإن الجامعة العربية قد تضطر إلى دعوة الأمم المتحدة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية». وقال، على هامش اجتماع دولي مخصص لباكستان، إنه «إذا طالت العرقلة، فقد نطلب من الأمم المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967». وأضاف أبو الغيط إنه «يمكن الجامعة أن تطلب أيضاً من الأمم المتحدة منح الدولة الفلسطينية مقعداً كامل العضوية كما تستحقه».
وقد أثار أبو الغيط القضية مع نظرائه الألماني غيدو فسترفيلي والفرنسي برنار كوشنير والبريطاني وليام هيغ والإسباني ميغل أنخيل موراتينوس والإيطالي فرانكو فراتيني، خلال عشاء جمعهم مساء الخميس في بروكسل، نظمته وزير الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون.
(الأخبار، يو بي آي، أ ف ب)