H1>تل أبيب تلجأ إلى البناء على مراحل والسلطة تريد قراراً دولياً لإخلاء المستوطناتتستعدّ إسرائيل لـ«حلّ وسط» يعيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى طاولة المفاوضات، قد يتمثّل في تمديد جزئي للاستيطان، فيما يخطّط الفلسطينيون لاستصدار قرار من مجلس الأمن يدعو إلى إخلاء المستوطنات
رجّحت مصادر حكومية إسرائيلية إقدام تل أبيب على تمديد قرار «التجميد الجزئي» لأعمال البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلّة. وأعلنت أن الحكومة الإسرائيلية باشرت استطلاعاً رسمياً يهدف إلى استيضاح آراء وزرائها حيال إقدامها على اتخاذ قرار من شأنه وقف أعمال البناء في مستوطنات الضفة «لفترة محدودة».
ورأى وزير الإعلام والجاليات اليهودية، يولي ادلشتاين، أن أي قرار يحمل في طياته «تنازلاً إسرائيلياً» بشأن الاستيطان «سيؤدي إلى تنازلات أخرى في مسألتي الحدود والقدس»، فيما رأى وزير الدفاع، إيهود باراك، أن الوقت الراهن يعدّ «فرصة مؤاتية» للتغلب على جميع العقبات.
وفي السياق، نقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن رئيس منظمة «التحالف ضد التشهير» ADL اليهودية الأميركية، أيب فوكسمان، قوله إن «هناك جهوداً جدية على الجانبين الأميركي والإسرائيلي لإيجاد آلية تعيد إطلاق محادثات السلام المباشرة».
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين دبلوماسيين رفيعي المستوى قولهم إن «الولايات المتحدة تعمل على عرض يسمح للرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتخلي عن موقفه الحازم والعودة إلى طاولة المفاوضات المباشرة». وأوضح أحد المسؤولين أن العرض يتعلق «بإعادة تجميد إسرائيل لعمليات بناء المستوطنات قبل الانتخابات الأميركية النصفية المقررة في 2 تشرين الثاني».
وكان مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، ميرون روبين، قد أعلن أن إسرائيل «قد تمدد العمل بتجميد بناء المستوطنات اليهودية في الضفة»، موضحاً أن «من السابق لأوانه الحكم بموت المفاوضات». وقال كان هناك «سوء فهم كامل وتام» للتجميد الذي كان مزمعاً أن يستمر عشرة أشهر، مضيفاً «فجأة أصبح التجميد الذي فرضناه على أنفسنا الشيء الوحيد المهم والشرط المسبق لاستمرار المحادثات». واستدرك قائلاً «لا أقول إنه قد لا يحدث تجميد آخر أو تمديد آخر للتجميد».
ورفض روبين أن يقول متى أو في أي ظروف من المحتمل أن تستأنف إسرائيل التجميد، موضحاً «سيكون هذا هو القرار الذي سيتخذه مجلس الوزراء الإسرائيلي». وأضاف «الجميع يفحصون الجثة لعملية بدأت للتو. لا أظن أن المريض ميت. لذا أعتقد أنه يجب منح الأطراف المعنية وقتاً لترى إلى أين نحن ذاهبون وماذا سيحدث».
الحديث عن احتمال تمديد التجميد الاستيطاني قابله كشف مصادر إسرائيلية أن وزارة الإسكان في الحكومة بدأت تنتهج سياسة جديدة لبناء المستوطنات، تقوم على فكرة «المراحل»، بحيث تقرّ في كل مرة عدداً محدداً من الوحدات السكنية في القدس وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، «لتفادي الانتقادات الدولية للاستيطان».
وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى «وجود أكثر من سبعة عشر ألف وحدة استيطانية في طور التخطيط أو الإقرار أو بانتظار التنفيذ، وهي تأتي في إطار السياسة الجديدة». وأكدت أن «ما مجموعه 4900 وحدة استيطانية جديدة مخطط لبنائها في القدس وباقي الضفة الغربية، اجتازت كل مراحل التصديق، وما بقي هو طرح مناقصات لبدء التنفيذ»، مشيرة إلى أن هذه المعطيات «تشمل 1300 وحدة جديدة في القدس و3600 وحدة في الضفة الغربية».
في هذا الوقت، ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن السلطة الفلسطينية والدول العربية «تخطط لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يدعو إلى إخلاء المستوطنات في الضفة المحتلة، واعتبارها غير شرعية». وأوضحت أن «هذا القرار يعدّ بديلاً من نية الدول العربية التوجه إلى مجلس الأمن الدولي للاعتراف بدولة فلسطينية على حدود 1967، على اعتبار أن ذلك القرار سيتعرض لحق النقض الفيتو من قبل واشنطن».
كذلك تحدثت الصحيفة عن رفض مبعوث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى محادثات السلام، يتسحاق مولخو، «تسلّم وثيقة من رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، صائب عريقات، بشأن موقف السلطة من القضايا النهائية قبل أسابيع». وأوضحت المصادر أن عريقات «حاول تسليم الوثيقة بيده إلى مولخو الذي رفض أن يمد يده لتسلّمها في حضور المبعوث الأميركي جورج ميشتل وعدد من المسؤولين الأميركيين، ما أصاب المفاوض الفلسطيني بإحراج كبير».
وعقّب مكتب نتنياهو على رفض مولخو تسلّم الورقة بالقول إنه «لن يُتطرق إلى ما يحدث في اللقاءات السياسية بادّعاء الحفاظ على سريتها».
وإلى الأمم المتحدة، حذر مساعد الأمين العام للشؤون السياسية، اوسكار فرنانديز تارانكو، من أنه بقي القليل من الوقت لإخراج المفاوضات من مأزقها الحالي وتجنّب اندلاع أزمة جديدة في الشرق الأوسط. وقال إن «جهوداً دبلوماسية مكثفة تقوم بها الولايات المتحدة ويدعمها كل أعضاء اللجنة الرباعية تجري لخلق الظروف المؤاتية لمواصلة المفاوضات».
ورأى تارانكو أن «هذه الجهود أصبحت أكثر صعوبة مع الضوء الأخضر الذي أعطته الحكومة الإسرائيلية في 14 تشرين الأول (الحالي) لاستدراج عروض لبناء 238 وحدة سكنية في مستوطنتي راموت وبيسغات زئيف في القدس الشرقية، في مخالفة للقانون الدولي وتناقض مباشر مع جهود اللجنة الرباعية». وتحدث عن احتمال عقد اجتماع قريب بين الولايات المتحدة وشركائها الدبلوماسيين على مستوى عال، لإحياء المفاوضات المباشرة.
من جهة أخرى، قال تارانكو إن «مراجعة للشهر الماضي تشير إلى أن السلطة الفلسطينية تواصل تحقيق تقدم في برنامجها لبناء دولة».
بدوره، قال المراقب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، إن إسرائيل هي التي «تضع شروطاً مسبقة لمواصلة المفاوضات»، فيما حثّ نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، بروك اندرسون، إسرائيل على تمديد تجميد البناء في المستوطنات.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)