خاص بالموقع - تذكّر الاشتباكات شبه اليومية بين أطفال فلسطينيين من جهة ومستوطنين يهود وأفراد الشرطة الاسرائيلية من جهة اخرى، سكان حي سلوان في القدس الشرقية، بالانتفاضة الاولى. وقال فخري ابو دياب المسؤول المحلي في حي سلوان إنّ «هناك انتفاضة حقيقة في سلوان»، محذراً من انّها قد «تمتد الى كل انحاء القدس في المستقبل القريب».
وتجري الاشتباكات غالباً بين أطفال فلسطينيين عراة الصدور وملثمين والمستوطنين الذين يحملون اسلحة خفيفة. اما افراد الشرطة فيرتدون الخوذ ويتزنرون بقنابل مسيلة للدموع ويحملون اسلحة خفيفة ورشاشة.
وقال ابو دياب إنّ «المواجهات بدأت في سلوان مع بداية 2010 عندما خططت السلطات الاسرائيلية لهدم 88 بيتاً في حي البستان واقامة حديقة الملك داوود محله». وتابع «لكن آخر سبعين يوم تحوّلت الاشتباكات الى مواجهات يومية».
واكد ابو دياب انّ «الشرطة اعتقلت 73 طفلاً خلال الأيام السبعين الماضية اي بمعدل طفل في اليوم وفرضت اقامة جبرية على 18 طفلاً مع غرامات». كما «أبعدت اربعة اولاد لمدة اسبوعين عن الحي واعتقلت اطفالاً في مداهمات ليلية كالكبار»، على حد قوله.
ويشهد حي سلوان الواقع جنوب القدس الشرقية باستمرار تصاعد دخان الغاز المسيل للدموع من بين بيوته وفي حاراته وأحيائها الى جانب دوي القنابل الصوتية التي تهزه في الليل والنهار.
وقال ابو دياب إنّ «المؤسسة الاسرائيلية جمدت هدم البيوت خوفاً من الضغوط الدولية لكنّها استعاضت عنها بفرض عقوبات جماعية وغرامات عالية». واتهم السلطات الاسرائيلية «بوضع الناس تحت ضغط نفسي واقتصادي كبير» و«باستخدام المستوطنين واجهة»، موضحاً انّ «المستوطنين يضربون الحجارة على الناس وينكلون بالاطفال ويستفزون الناس».
من جهتها قالت ام اياد ابو اسنينة (50 عاماً) إنّ المستوطنين «يتحرشون بنا ويستدرجوننا للاشتباك معهم».
واضافت انّ «احد المستوطنين جلس امام باب داري وعندما طلب منه ابني وهو شاب يبلغ 27 عاماً الابتعاد عن الباب رفض بحجة انّ لهجة ابني كانت جافة مما ادى الى عراك». وتابعت انّ الامر «انتهى بفرض اقامة جبرية لاسبوعين على ابني وخرج بكفالة مالية مدفوعة وغرامة».
وتحدثت ام اياد عن حفيدها البالغ من العمر خمس سنوات، موضحة انّه «حمل حجارة صغيرة وأراد ان يلقيها على المستوطنين».
الا انّها اكدت انّه «لا احد يعلم هؤلاء الاطفال. انّهم يتعملون الدفاع عن انفسهم وعن عائلاتهم غريزياً».
من جهته رأى حاتم عبد القادر مسؤول ملف القدس في حركة فتح أنّ «ما تقوم به اسرائيل هو تهيئة الاجواء لتفجير الاوضاع في القدس وبدأت من سلوان وستنتهي في كل انحاء القدس بما يشبه انتفاضة ثالثة».
واضاف انّ «القدس مقبلة على تغيرات دراماتيكية. فالاسرائيليون يقودون حرباً مفتوحة لخلق امر واقع للإخلال بالميزان الديموغرافي بالاضافة الى الاعتداءات على المقدسات».
وأكد عبد القادر انّ «المقدسيين يشعرون بإحباط وضغط سيعبّر عن نفسه من خلال انفجار شامل».
وكان وزير الامن الداخلي يتسحاق اهرونوفيتش قال في نهاية الشهر الماضي اثناء جولة له في سلوان والعيسوية إنّه «سيُعتقل العشرات من سكان القدس لوضع حد لمظاهر إلقاء الحجارة من اجل اعادة الهدوء والنظام».
وأكد اهرونوفيتش «يجب وضع حد لظاهرة إلقاء الحجارة»، مشدداً على «استحالة منح الحصانة للاطفال الذين يرشقون الحجارة».
وقال الطفل منصور الرجبي (12 عاماً) على دراجته الهوائية مع صديق له «كنا نلعب كرة القدم في الحي فانهال علينا الغاز من كلّ مكان عند وقوع اشتباكات في الحارة الوسطى والعليا».
وأضاف «كلما صادفنا رجال حرس الحدود او الشرطة يوقفوننا ويفحصون ايدينا ليعرفوا هل ضربنا حجارة ويسألنا افراد الشرطة هل اعتقلنا في السابق وكم مرة». وتابع «بعد ذلك يدققون في ما اذا كنا مطلوبين». واكد الرجبي «اعتقلت مرتين ولم يثبت علي اي شيء».
وقالت مصادر في الشرطة الاسرائيلية إنّ «هناك رشق حجارة بوتيرة شبه يومية في سلوان، تعود اسباب ذلك الى إعلان مشروع اقامة حديقة الملك داوود». واضافت ان هذه الظاهرة «تصاعدت بعد مقتل سامر سرحان ودهس الاولاد».
وكان سامر سرحان قد قتل فجر 22 ايلول برصاص احد حراس المستوطنين في سلوان.
وتستخدم الشرطة الاسرائيلية الوحدات الخاصة من المستعربين الذين يظهرون كالعرب لاعتقال الاولاد في سلوان.
وكان المتحدث باسم الشرطة الاسرائيلي ميكي روزنفلد قد صرح بأنّ «الشرطة تستجوب منذ السبت» عمران منصور (12 عاماً) احد فتيين فلسطينيين دهسهما مستوطن يهودي بسيارته في القدس الشرقية بينما كانا يحملان حجارة في وسط الطريق مع مجموعة من المتظاهرين. الا انّ روزنفلد اكد «انّه سيُطلق سراحه قريباً».
واستجوبت الشرطة السائق الذي دهس الولدين ويدعى ديفيد بيئيري القيادي المحلي في حركة العاد الاستيطانية المتطرفة التي تدعم الاستيطان في مدينة القدس العتيقة المحتلة منذ 1967.
ولا تقتصر المواجهات على حي سلوان. فبين فترة واخرى تجري اشتباكات في العيسوية وحي الطور (جبل الزيتون) وفي الشيخ جراح. وقال مصدر في الشرطة الاسرائيلية «إنّها عشرات الاحداث المتفرقة من إلقاء الحجارة».
وتعتزم وزارتا الامن الداخلي والاسكان الاسرائيليتان تعزيز الحراسة في محيط حي الطور ووضع عشرات الكاميرات واجهزة الانذار على الجبل خلال الاشهر المقبلة.
وسيُعزز نشاط حرس الحدود خاصة في الليل، وتسيّر دورتان لوزارة الاسكان بالقرب من المواقع الاستيطانية بعد مواجهات عدة جرت في جبل الزيتون.

(أ ف ب)