علي حيدررغم الاجواء الاحتفالية في واشنطن التي تزامنت مع بدء المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية المباشرة، تسيطر الشكوك على الاعلام الاسرائيلي حول ما يمكن أن تخرج به هذه المفاوضات، وخصوصاً أن حقيقة ما يريده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هي «تحريك متكلف» للتسوية، بهدف تهيئة الارضية لبلورة تحالف دولي ضد إيران لكبحها عن مواصلة مسيرتها النووية.
ورأت صحيفة «معاريف» أن الرئيس الاميركي حقق إنجازاًَ سياسياً تكتيكياً بإطلاق المفاوضات المباشرة، إلا أنه بعد جولتين أو ثلاث جولات من المحادثات سيخلص الى تحديد السياسة الاميركية التي سيرسمها وفقاً لما يراه ويحلله، ولا سيما أنه سيكتشف واقعاً مليئاً بالتناقضات الداخلية والجوهرية غير القابلة للجَسر السياسي رغم أن لها حلولاً عملية. وأضافت الصحيفة إن الرئيس الاميركي سيدرك أن المسيرة السياسية استنفدت نفسها وأنه إذا لم يكن الاسرائيليون والفلسطينيون قادرين على تغيير أنماط تفكيرهم، فلعل الولايات المتحدة ملزمة بأن تفعل ذلك.
بيبي يسعى إلى إنشاء واقع يمكن فيه إقامة تحالف دولي ضد إيران
ولفتت «معاريف» الى أن منطلق أوباما هو أن خيار «الدولتين» قد يكون على حافة الانهيار، وأن تفككه يمس بمصالح أميركية أكثر اتساعاً وعمقاً في الشرق الاوسط. في مقام آخر، تساءلت «معاريف» عما إذا كان نتنياهو نضج لإجراء عملية تاريخية؟ وهو أمر تتباين حوله الآراء، وأكدت أن رئيس الوزراء الاسرائيلي «لم يأتِ لولاية ثانية من أجل صنع السلام بل لمنع المشروع النووي الايراني، وأن عليه، في مقابل الاستعدادات العسكرية التي تجري طوال الوقت، إنشاء واقع يكون من الممكن فيه إقامة تحالف دولي ضد إيران أو يكون من الممكن في وقت ما تجنيد الاميركيين لذلك، أو انتزاع موافقة منهم على عملية إسرائيلية. ومن أجل ذلك يحتاج الى مسيرة سياسية والى تفاوض».
وأضافت «معاريف» إن ما يحاول نتنياهو صنعه الآن «الإيهام وإيجاد انطباع خارجي وتحريك متكلف لأجراس السلام، وإنه إذا ما احتاج الى تسويات مرحلية ذات شأن، مع برامج زمنية مرنة بعيدة الأمد، فقد يوافق».
لكن «معاريف» عادت وحذرت من أن المشكلة في أن نتنياهو لا يوصله سيره دائماً الى حيث يشاء، وقد يجد نفسه عالقاً في مسيرة سياسية ذات شأن مع اقتراح اميركي غير مقبول لتقريب وجهات النظر، وفي الوقت نفسه مع قنبلة نووية إيرانية من الجهة الاخرى.
بموازاة ذلك، رأت صحيفة «هآرتس» أن العملية التي أدّت الى مقتل أربعة مستوطنين في الضفة الغربية أثبتت أن المقاومة الفلسطينية في الضفة لم تنته ولم يتم القضاء عليها، وأن «حماس» يمكنها أن تخرق السور الواقي للجيش الاسرائيلي وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية.
وقارنت «هآرتس» بين نهج نتنياهو في التعامل مع العمليتين في الضفة وبين ما كان يتحدث به إسحاق رابين حول مواصلة المسيرة السلمية كما لو أنه لا يوجد «إرهاب» ومقاتلة «الإرهاب» كما لو أنه لا توجد عملية سلمية. وقدّرت «هآرتس» أن العمليات الاخيرة ضد المستوطنين تبشر باستراتيجية فلسطينية جديدة قوامها التركيز على المستوطنين بدل التركيز على الجبهة الداخلية الاسرائيلية. ورأت أنه إذا استمر هذا النهج فسيرفض العالم دعم خطوات ردّ إسرائيلية ضد «حماس» في قطاع غزة، لأنها سوف تؤدي الى تخليد المستوطنات، مشيرة إلى أن نتنياهو سيحصل على دعم لحربه ضد الارهاب فقط إذا كان مرناً في المفاوضات السياسية.
ورأت «هآرتس» أن مصير المستوطنات، يحتل قلب المسيرة السياسية وأن كل المسائل الاخرى مع كل أهميتها الرمزية هي ثانوية، لأن المفاوضات ترمي الى ترسيم الحدود بين إسرائيل والفلسطينيين، والحدود تتأثر قبل كل شيء بانتشار المستوطنات في الضفة.