فراس خطيبتشهد حياة الفلسطينيين في أحياء القدس الشرقية المحتلّة تردّياً من عام إلى آخر. فالمشروع الاستيطاني الذي تقوده المؤسسة الإسرائيلية والجمعيّات الاستيطانية، زاد التوتر في الشق الشرقي للمدينة المحتلّة. التردي وصل إلى درجة أصبحت معها التفرقة العنصرية والتهميش التاريخي لسكان المكان الأصليين، ركناً من أركان الحياة على تلك الرقعة المتعبة، إذ يظهر تقرير جديد، أعدّته جمعية «حقوق المواطن» الاسرائيلية، تنكيل الشرطة بالفلسطينيين المقدسيين، وفي المقابل مساعدة المستوطنين.
شرطة الاحتلال، التي ترفع شعار «حماية المواطن»، تتنصل من مسؤوليتها بشكل فاضح، ومن يجرؤ، من الفلسطينيين، على تقديم شكوى ضد عنف المستوطنين أو الشرطة قد يجد نفسه معتقلاً.
يذكر التقرير قصة أحمد قراعين، التي نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» يوم أمس. فقبل عام من اليوم، أطلق مستوطن يسكن الحيّ اليهودي في القدس النار على قراعين على مقربة من حي سلوان. أصيب قراعين برجله وتركه المستوطن ينزف في الشارع وأطلق النار على فتى عمره 15 عاماً، وعاد من بعدها ليطلق النار على الرجل الثانية لقراعين. ورأت الصحيفة أنَّ الأدلة كانت واضحة ضد المستوطن حتى إنّها موثقة، إلا أنّ النيابة الإسرائيلية العامة أغلقت الملف ضد المستوطن لـ«عدم توافر الأدلة»، بينما فقد قراعين خمسة سنتمترات من رجله، وسيبقى، على ما يبدو، معوقاً طيلة حياته.
قبل تعرضه للحادث، عمل قراعين سائقاً لسيارة أجرة. وروى، وفق الصحيفة، أنّ المستوطن كان يوجّه بندقيته إلى صدر ابنه وحين نهاه عن ذلك أطلق النار عليه، وعلى شخص آخر موجود في المكان بتحريض من شخص كان يرافقه.
نقل قراعين إلى مستشفى «هداسا عين كارم» في المدينة حيث كان محققو الشرطة بانتظاره. ظن عندها أنّهم جاؤوا لنقل شكواه لكن تبينّ أنّ هناك شخصاً آخر اشتكى ضده. فقد ادعى المستوطن، وهو جندي في عطلة، أنّ قراعين أراد اختطاف سلاحه منه وهو دافع عن نفسه. حقّقت الشرطة مع قراعين ومع ولديْه الاثنين. بعد خروجه من المستشفى استُدعي أكثر من مرة للتحقيق، وتبيّن في ما بعد أنّ الشرطة أغلقت الملف ضد المستوطن.
يبيّن التقرير كيف تتنصّل الشرطة وبلدية الاحتلال، وجهات رسمية أخرى، من واجبها في الحفاظ على سلامة جميع سكان المدينة، وتلبية احتياجاتهم. ووفق شهادات السكان الفلسطينيين المعروضة في التقرير، تطبق الشرطة القانون انتقائياً على السكان، فتتجاهل شكاوى الفلسطينيين وتنكل بأطفالهم. إضافة الى ذلك، يستفزهم حراس وزارة الإسكان وفي بعض حالات يستخدم الرصاص الحي ضدهم، بينما تواصل بلدية القدس والمؤسسات الحكومية الأخرى التمييز ضدهم وتدأب على تحسين ظروف سكن الاسرائيليين داخل هذه الأحياء.
أما جمالات مغربي، من سكان حي الشيخ جرّاح، فقد تشاجرت مع أحد المستوطنين ونقلت إلى المستشفى. وحين ذهبت الى قسم الشرطة لتقديم شكوى ضد المستوطن، قال لها الضابط «جيّد أنك أتيت، أنت مطلوبة للتحقيق في أعقاب ضرب مستوطن». ورفض الشرطي أن يشاهد شريطاً مصوّراً يظهر الاعتداء عليها، ورمى مستندات المستشفى في سلة المهملات وأمر بحبسها حتى الصباح.
القضية لا تقتصر فقط على مثل هذه الحوادث. التقرير يبيّن عمق المأساة التي يعيشها المقدسيون. ثمة عشرات الشهادات عن اعتقال أطفال بين عمر 12 و17 في الليل. وأحياناً يُعتقلون في المدرسة ويُحقّق معهم من دون حضور الاهل، خلافاً لما ينص عليه القانون، عدا عن تقديم أهالي المدينة شكاوى ضد مضايقات يومية لدى الشرطة التي لا تكلف نفسها فعل شيء يذكر.