strong>لجأت السلطة الفلسطينية إلى واشنطن لحل أزمة الاستيطان، فيما أعطى رئيسها إشارة جديدة إلى عدم عودته إلى «العنف»، على اعتبار أن انتفاضة الأقصى «دمرتنا»جدّد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تأكيده أن «أي ضغط سيمارَس عليّ لتقديم تنازلات في قضيتَي الحدود واللاجئين والقضايا الجوهرية الأخرى (خلال المفاوضات المباشرة)، يعني أنني سأحمل حقائبي وأرحل، ولن أبقى للتوقيع على تنازل واحد من ثوابت الشعب الفلسطيني». وقال لصحيفة «الراي» الكويتية: «نحن الذين أدينا دور الوسيط لتقوم مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وسوريا برعاية تركية»، متمنياً على العرب الذين يريدون أن يحاربوا المباشرة في ذلك «وسنكون في الطليعة. أما أن تحاربوا فينا فلا»، مشيراً إلى أن «انتفاضة الأقصى في عام 2000 دمرتنا ودمرت كل ما بنيناه وما بُني قبلنا».
ولفت عباس إلى أن «المطلوب من العرب ودول الخليج في هذه المرحلة التأييد السياسي والدعم الاقتصادي والمالي، والدعم الكامل على الصعيد السياسي في كل القضايا». وعتب على الزعماء العرب، الذين قرروا في قمة سرت أن يدفعوا لمدينة القدس 500 مليون دولار للمحافظة على عروبتها وإسلامها، «ولم يصلها فلس واحد»، مشيراً إلى أن ذلك «فضيحة حقيقية».
كذلك، أشار عباس في حديث آخر إلى أنه طلب من الولايات المتحدة التدخل لتسوية النزاع مع إسرائيل بشأن الاستيطان. وقال إن «الولايات المتحدة ستكون حاضرة في المفاوضات. ليس بالضرورة أنها ستكون وراء أبواب مغلقة، لكن يمكن أن تكون داخل الغرفة أو خارجها».
من جهته، قال المفاوض الفلسطيني، نبيل شعث، إن «البعض يعدّ نتنياهو غير جاد ويتدرب على العلاقات العامة، لكننا سنختبره في قضيتين: تخفيف الاستيطان ثم على طاولة المفاوضات».
في المقابل، تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن تصريحاته أول من أمس، قائلاً إنه «لا ضمان بنجاح المفاوضات والتوصل إلى اتفاق سلام». وأوضح، خلال تهنئته «مواطني إسرائيل» لمناسبة رأس السنة العبرية، أنه «في هذه السنة، بعد جهود كثيرة، حركنا المحادثات المباشرة. وهذه خطوة هامة في محاولة دفع اتفاق إطار لسلام بيننا وبينهم، وأقول محاولة لأنه لا ضمان للنجاح».
وأضاف نتنياهو: «نحن نصر على أن يستند أي اتفاق بيننا وبين الفلسطينيين إلى مبدأي الأمن والاعتراف، وضمن ذلك مصالحنا الهامة والقومية». واستطرد شارحاً: «الأمن، لأن أي سلام لن يصمد من دون ترتيبات أمنية ميدانية حقيقية، ليس على الورق ولا من خلال تعهد دولي ضبابي. والأمر الثاني هو بالطبع الاعتراف بدولة إسرائيل على أنها الدولة القومية للشعب اليهودي».
ورأى نتنياهو أنه «لا نضال أكثر عدالة من نضالنا من أجل العودة إلى وطننا، ولن يكون هناك علامة استفهام حول حقنا ولا على عدالة طريقنا». وقال إن «القرن العشرين أوضح جيداً أن مستقبل الشعب اليهودي متعلق بمستقبل دولة إسرائيل».
في هذا الوقت، أبدى قادة المستوطنين تخوفهم من أن يستخدم وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، أساليب بيروقراطية مثل «خلل إجرائي» في مخططات البناء بهدف تمديد تعليق البدء بأعمال بناء جديدة في المستوطنات. وذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن المستوطنين أشاروا إلى أن مسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية يطرحون أسئلة وينفذون عمليات تدقيق في المستوطنات في الفترة الأخيرة، تتعلق بـ«خلل إجرائي» في تصاريح بناء نهائية أُصدرت خلال بدء تعليق البناء في المستوطنات وقبله، في نهاية تشرين الثاني الماضي.
ورأى المستوطنون أن باراك يحاول بهذه الطريقة «منع استئناف أعمال البناء، من دون أن تكون هناك حاجة إلى اتخاذ الحكومة الإسرائيلية قراراً بشأن تمديد تجميد الاستيطان».
ويتخوف المستوطنون من أن تتمكن وزارة الدفاع من إلغاء عدد كبير من تصاريح البناء هذه، أو على الأقل تعليق تنفيذها مؤقتاً، حتى الانتهاء من التدقيق فيها والتأكد من قانونيتها.
وتستمر ردود الفعل على المفاوضات المباشرة، إذ رحب وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي باستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائليين، مجدّدين دعم المجلس للفلسطينيين بهدف «الوصول إلى دولة فلسطينية وحل قضية اللاجئين ووقف الاستيطان». وأدان بيان صدر في ختام اجتماع وزراء الخارجية في جدة ليل أول من أمس، «إعلان الحكومة الإسرائيلية عزمها على بناء وحدات استيطانية في القدس الشرقية».
إلى ذلك، انتقد رئيس أكبر كتلة سياسية في البرلمان الأوروبي (كتلة المحافظين)، جوزف داول، بشدة قرار وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، التوجه إلى الصين بدلاً من حضور استئناف المفاوضات المباشرة في واشنطن الخميس الماضي. وتساءل داول متوجهاً إلى رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيه مانويل باروزو، «كيف يمكننا أن نبرر غيابنا عن طاولة المفاوضات، في حين أننا أبرز الجهات المانحة لهذه المنطقة»؟ وأضاف أن «الأوروبيين لا يفهمون ذلك وهم محقون».
(أ ف ب، أ ب، الأخبار، يو بي آي)