الحق في العمل. في تملك العقارات. في الشخصية القانونية. في حرية التنقل. في المحاكمة العادلة. في السكن اللائق. ستة حقوق أساسية يطرحها تقرير الجمعيات المدنية الفلسطينية على مجلس حقوق الإنسان في جنيف، في شهر ت2 المقبل
راجانا حمية
في العاشر من تشرين الثاني المقبل، «يمثُل» الفلسطينيون أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف. هذا الخبر الوارد أعلاه يحمل في طياته دلالتين: أولاهما أن هؤلاء الذين سيتوجهون إلى جنيف سيحملون تقريراً موحداً، وهي المرة الأولى، عن وضع حقوقهم الإنسانية في بلد اللجوء، وثانيتهما أن الدولة اللبنانية التي تمثل في الوقت نفسه أمام المجلس ذاته بتقريرٍ مفصّل أيضاً عن أوضاع مواطنيها واللاجئين فيها سيكون عليها تقبّل المواجهة مع هؤلاء المحرومين من أبسط حقوقهم منذ 62 عاماً على أراضيها. فمنذ 62 عاماً، لم يُتح للاجئين الفلسطينيين الوقوف أمام لجنة حقوق الإنسان في جنيف التي ستستضيف الدورة التاسعة للمراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان. وقفة قد لا تطول كثيراً، ولكن يعوّل عليها بقوة للحديث عن حرمانٍ مستمر منذ لحظة اللجوء الأولى. إذاً، بعد كل تلك السنوات، يتقدّم الفلسطينيون في لبنان من مجلس حقوق الإنسان بتقرير حول الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية. لن يكون تقريرهم مفصولاً أو موازياً لتقرير لبنان الذي يتضمن باباً أيضاً يتعلق بالحقوق الفلسطينية، ولكنه سيكون توضيحياً خاصاً بأصحاب المصالح المشتركة، حيث يمكن لجنة حقوق الإنسان الاستفادة منه لتوجيه بعض الأسئلة إلى الحكومة اللبنانية. ولن يكون شاملاً أيضاً، فهو، كما تشير رولا بدران، مديرة البرامج في المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان «سيكون انتقائياً يتناول 6 حقوق فقط: الحق في العمل. في تملك العقارات. في الشخصية القانونية. في حرية التنقل. في عدم الحجز التعسفي. في السكن اللائق. هذه الانتقائية تعمدتها الجمعيات المدنية الفلسطينية التسع والعشرون، التي تكوّن تحالف مؤسسات المجتمع المدني الناشطة في الأوساط الفلسطينية، لتضيء بما يكفي على الأوضاع التفصيلية للفلسطينيين».
نصف «دزينة» من الحقوق إذاً. كافية هذه «الكمية» لإعادة الحياة إلى طبيعتها بعد 62 عاماً من العرقلة. ثمة انتصاران هنا: أوّل هذين الانتصارين السماح للمنظمات غير الحكومية أو أصحاب المصالح المشتركة بتقديم تقارير خاصة توضيحية تضاف إلى تقرير الدولة الرسمية، وثانيهما وضع التقرير بين أيدي الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان. لكنّ هذين الانتصارين دونهما عقبات، فلئن كانت تلك المنظمات قد وجدت طريقها إلى مجلس حقوق الإنسان، إلا أن الخوف حاصل لا محالة من ألا يصل من صفحات التقرير سوى بضعة أسطر قد لا تكون كافية للتدليل على الحرمان. ثمة خوف آخر هنا من «أن ينتشي المستمعون لمبادرة لبنان الأخيرة المتعلقة بإقرار حق العمل للاجئين قبل أيامٍ من إرسال التقرير»، تضيف بدران. هذا الإقرار «لا يمكن أن يكون عبثياً ولم يأت من فراغ أيضاً»، تتابع بدران. والهدف؟ «لأنه يفترض بلبنان تقديم شيء في ما يخص تحسين أوضاع اللاجئين لا أكثر ولا أقل».
كل هذا يطرح جملة أسئلة قد لا تنتهي عن مدى أهمية التقارير التوضيحية التي تقدم بها أصحاب المصالح المشتركة، وهل من الممكن أن تؤخذ في الاعتبار أصلاً؟ أم أن هذا الإجراء بقبول تقارير أصحاب المصالح المشتركة هو مجرد اكسسوار لآلية الاستعراض الدوري الشامل التي تفترض مثل هذه الخطوات؟ أما السؤال الأهم، فهو كيف ستواجه الدول الأعضاء لبنان بتقصيره تجاه اللاجئين؟ وهل ستواجهه أصلاً؟ لكل هذه الأسئلة إجابات، ولكن على اللاجئين والجمعيات انتظارها حتى جلسة العاشر من تشرين الثاني المقبل.


مراحل التقرير

تطلب العمل في التقرير نحو شهرين لم يولدا من فراغ، فقد سبق الإعداد والكتابة تنظيم دورة تدريبية لـ24 شاباً من الجمعيات الفلسطينية تحت عنوان «المرافعة القانونية». كان الهدف من الدورة انتقاء 8 أشخاص مؤهلين لإعداد التقرير. مرّت الأيام، واختير الأشخاص على أساس المشاركة والالتزام والمعلومات والاستعداد. وقد واجه العاملون صعوبات تتمثل في «قلة المعلومات الموثقة»، تقول رلى بدران. ولهذا السبب، كان العمل مضنياً لتجميع المواد التي اختير معظمها من «حوادث برنامج رصد الانتهاكات في المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان».