خبرة
سأتقدم إلى كل من يموّلون اليوم «سوق» الجمعيات الأهلية بمشروع، نيابة عني وعن رفيقي السمّور (بالإذن منه طبعاً)، ضامنة أنه سيلقى نجاحاً باهراً، بفضل الخبرة الكبيرة التي نمتلكها نحن ومن سيوظفهم كمساعدين ومشرفين ومدربين.
المشروع هو عبارة عن مخيم تدريبي للعيش كلاجئ. طبعاً مشروعي أنا والسمّور سيكون طويل الأمد، قد يمتد من سنة إلى 63 سنة. فكما تعرفون أن الفلسطيني لديه خبرة تخييم لا تقل عن سنتين إلى ثلاث سنوات بالإضافة إلى خبرة لاجئ لا تقل عن ستين سنة، وبذلك سنعمل مع خبراء في هذا المجال بما أن الممولين يفضلون أن لا تقل خبرة المتقدم بطلب التمويل عن خمس سنوات، يعني هيك مش رح يلاقو خبرة أكتر من اللي عنّا! أما نشاط المخيم فسيُقسم إلى عدة مراحل: المرحلة الأولى إقامة ماراثون عابر للبلدان، تتخلله تمارين على الهرب من الرصاص والقذائف، لمدة تراوح بين شهرين إلى سنة بحسب الحاجة. أما المرحلة الثانية، فستكون مرحلة التخييم في العراء تتخللها تمارين لنصب الخِيم، والوقوف بالصف بانتظار الطعام والماء. هنا، ستمتد المرحلة من سنة إلى سنتين على الأقل. أما المرحلة الثالثة والأكثر تشويقاً فستكون مرحلة العيش في بيوت الزينكو، ومن ثم العيش في بيوت الباطون. هنا، سيكتسب المشاركون مهارات، منها تهريب الإسمنت والتلييس والبناء والعتالة وصبّ الباطون. طبعاً، نعرف أن مشروعنا سيكلّف مبالغ طائلة، لكننا سنحاول بما نمتلك من خبرة أن نكرّسها لنجاح يعوّض الكلفة. كذلك سنستهدف فئة كبيرة من الناس، وندرس استهداف كل من هم في الوطن العربي في مرحلة مبدئية. وبما أن كل مشروع ينتج اليوم «عم يطلّع على ظهر المخيمات»، من إعادة إعمار إلى إعالة عائلات إلى حل نزاعات وبناء شخصيات قيادية وتقبّل الآخر، فإن من الأفضل أن يطلّع شي مشروع من المخيم ومش على ظهره ولو لمرة وحدة بهالحياة!
إلى حضرة الجهة الممولة، تحية طيبة وبعد، إذا كنت تظنين أن مشروعنا لا يفيد البلدان العربية بشيء، فسنقدمه هدية إلى الجمعيات الإسرائيلية بكل نيّة طيبة لتستفيد منه. كذلك فإننا على أتم الاستعداد لتدريب الإسرائيليين شخصياً على مهارات التشرّد والتشتت واللجوء، يعني بعد الخدمة التي قدموها لنا كي نكتسب خبرةً كهذه على مدى 63 عاماً، أليس هذا أقل ما يمكننا أن نقدمه لهم؟
إيمان بشير ـــــ بيروت

■ ■ ■

بصلة

نعم، وقد توافق الجهة المانحة على تمويل المشروع والسيرة الذاتية التي ستبعثين بها تنقصها تفصيلات بسيطة. فهل ذكرت مثلاً خبرة اللاجئين بتحمل الاحتقار والنظرة السلبية؟ وكيف رضوا بأن تكون الحلاقة لهم ع الزيرو؟ ووافقوا على العمل بأقل القليل من أجل لقمة العيال؟
وهل تعرفين أن اللاجئين الفلسطينيين يمتازون بخبرة غير طبيعية بالتكيف وتحمل ظروف جوية غريبة عما اعتادوه، وأن شعبنا اللاجئ امتاز بوقوعه المتكرر ضحية لعدد غير مسبوق من المجازر، والقتلة متعددون ما بين أخوة في الدم وأعداء وطائفيين من اليمين واليسار؟
رفيقتي إيمان، الشعب الفلسطيني له تاريخ طويل متنوع، ومن هنا اكتسب كل هذه الخبرة. لكن للأسف، خبرته مصبوغة بلون قاس تتراوح تدرجاته ما بين الأسود والرمادي. شعب بعد طول صيامه عن وطن وهوية وحقوق، أفطر على بصلة محمود عباس والمفاوضات المباشرة وانقلاب سياسي على ما تسميه جدتي رحمها الله «جنازة حامية والميت كلب»، وسلطتين، هذه ميزة لشعبنا. تعرض لأكبر خيبة أمل بتاريخ الشعوب.
إيمان، لو تقدمت بهذه الإضافات للعرض، لجرت الموافقة عليه، لا بل قد يصل إلى التاريخ أيضاً، كأهم وأفضل مشروع من نوعه.
لكن بعد النجاح، ألن يقول لصوص التاريخ من الصهاينة وحلفائهم إن فكرة المشروع مسروقة؟ فاللاجئون بالأصل هم اليهود، وذلك إثر الهولوكوست، وأضطهاد هتلر... إلخ، وتصبح معاناة اللاجئين اليهود الفارين من نيران النازية وأفران الغاز أهم معاناة لاجئين في التاريخ، لا بل لا يحق لغيرهم أن يعاني وأن يسمي نفسه ضحية. هكذا، يصبح احتلالهم لبلادنا شرعياً ما دام تعويضاً لضحية. أما المشردون من أرضهم مثلنا فسيصبحون مع «السي في» القوية التي قدمتها واقترحت إضافات عليها، كما كانوا طوال فترة لجوئهم: درجة ثانية من البشر. فيا ست إيمان كلمة واحدة: ضبي هالبربوزل (اقتراح) وشوفيلك فكرة ثانية... رح يلطشوها.
معاذ عابد ــــ عمان