واشنطن تطلب دعم الأردن وسوريا ولبنان للمفاوضات وعبّاس «يهدّد» نتنياهو انتهت جولة القدس من المحادثات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أمس، بإعلان أميركي عن إحراز تقدم في ملف الاستيطان، فيما تستعدّ واشنطن للضغط على سوريا ولبنان والأردن لدعم المفاوضات
أعلن الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، في أعقاب جولة المفاوضات المباشرة في القدس المحتلة أمس، عن تقدّم يحرزه كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس في الخلاف على موضوع الاستيطان. وكشف ميتشل، في بيان صدر مساءً، أنّ إدارة الرئيس باراك أوباما «ستطلب الدعم من الأردن وسوريا ولبنان للمفاوضات»، وذلك خلال زيارتيه لبيروت ودمشق.
وقال المبعوث الرئاسي الأميركي، رداً على سؤال، إنه «في إطار جهودنا، يواصل نتنياهو وعباس إحراز تقدم في قضية الاستيطان. نعتبر أن الأمر هو على هذا النحو»، لافتاً إلى أنّ المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين سيلتقون مجدداً الأسبوع المقبل. وأضاف إنه خلال اللقاء بين نتنياهو وعباس، الذي شاركت فيه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، «جرى البحث في سبل دفع المفاوضات».
وباستثناء هذا الكلام، سيطرت الحيرة الإسرائيلية في اجتماعات يوم أمس، حيال وضع العلم الفلسطيني إلى جانب العلم الإسرائيلي في منزل «بيبي» في القدس المحتلة، حيث جرى استكمال القمة الثلاثية التي استضافتها شرم الشيخ، أول من أمس، بمشاركة كلينتون.
وحُسمت المسألة في النهاية لمصلحة وضع العلم الفلسطيني وفقاً للعرف الذي كرّسه رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، الذي كان أول من وضع علم فلسطين في المقر الرسمي لرئاسة الحكومة في القدس المحتلة.
وكان البارز أمس كلام وزيرة الخارجية الأميركية عن أنّ الرئيس الفلسطيني عباس ونتنياهو «انخرطا في العمل» لحل القضايا الرئيسية في صراع الشرق الأوسط.
وفي رد غير مباشر على شرط نتنياهو الاعتراف الفلسطيني بيهودية إسرائيل، قالت كلينتون إنّ «الطريق الوحيدة للحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية وديموقراطية هي بواسطة مفاوضات للتوصل إلى حل الدولتين».
وقبيل ساعات من انطلاق قمّة القدس، كشفت الصحف الإسرائيلية أن أوباما يدرس دعوة نتنياهو إلى واشنطن، على ضوء رفض نتنياهو بحث قضية الحدود وحل مسألة تجميد الاستيطان.
وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إنه في حال عدم حدوث تقدم خلال جولة القدس، سيدعو أوباما نتنياهو إلى واشنطن يوم الاثنين المقبل للضغط عليه للموافقة على ترسيم الحدود بناءً على اقتراح تقدمت به كلينتون ورفضه المسؤول الإسرائيلي. وينص الاقتراح على «رسم الحدود على أساس عام 1967، مع تعديلات تتمثل بتبادل أراض، على أن يتمكن الجانبان من تحديد المناطق التي ستكون تحت سيادته بعد التوصل إلى اتفاق سلام، وبذلك تحل مسألة البناء في المستوطنات أيضاً».
ومما سرّبته وسائل الإعلام العبرية عن مضمون محادثات عباس ونتنياهو، أنّ الأخير «يستضيف أبو مازن بودّ وكرم، بدليل وضع العلم (الفلسطيني)، لكن في المحادثات نفسها هو يصرّ بحزم على احتياجات إسرائيل الأمنية، وفي هذا الموضوع ليس هناك مساومات».
كذلك قال نتنياهو لعباس: «ممنوع أن يؤدي انتهاء التجميد إلى تفجير المحادثات»، مضيفاً «أخذنا على عاتقنا مهمة طموحة في الوصول إلى اتفاق في غضون سنة، وعلينا أن نركز على ذلك». وإضافة إلى الاستيطان، أبدى نتنياهو انزعاجه من عدم التزام المفاوضين الفلسطينيين، وخصوصاً نبيل شعث وصائب عريقات، بعدم تسريب أي معلومات عن المفاوضات. ولم يكن منه إلا أن واجه عباس

أوباما يستدعي نتنياهو لإقناعه بـ «ترسيم الحدود» وتبادل أراضٍ
بالقول: «اكبح جماح رجالك»، وفق ما ذكرت صحيفة «هآرتس». لكنّ رئيس السلطة «هدّد» مضيفه بأنه «إذا استمر الاستيطان، فلن تستمر المفاوضات»، على ما نقل مسؤول فلسطيني عنه. ولفت المسؤول نفسه إلى أن الاجتماع المسائي «لم يختلف عن اجتماع شرم الشيخ لجهة تعنت نتنياهو تجاه رفض وقف الاستيطان وتركيزه على الأمن».
وبحسب إعلام الدولة العبرية، فقد استقبل نتنياهو عباس بالقول «أنا سعيد باستضافة أبو مازن»، فيما رد عباس ممازحاً «لم نلتقِ منذ وقت طويل». وكتب عباس في سجلّ الزوار في منزل رئيس الوزراء: «لقد عدتُ اليوم إلى هذا البيت بعد غياب طويل، على أمل التوصل إلى سلام أبدي في المنطقة».
وفي مقابل التشديد الإسرائيلي في الاستيطان، قدم الوفد المرافق لنتنياهو في شرم الشيخ اقتراحاً بمبادرات حسن نية تجاه الفلسطينيين. ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» عن أعضاء في وفد المفاوضات الإسرائيلي، قولهم إن الاقتراح الإسرائيلي «شمل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، ونقل المسؤولية الأمنية على مناطق في الضفة الغربية إلى أجهزة الأمن الفلسطينية، وعقد أحد اللقاءات المقبلة بين عباس ونتنياهو في رام الله».
كذلك كشفت مصادر مطلعة عن وجود مساع أميركية للتدخل كلما نشبت أزمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وانتهاج سياسة طرح الحلول الوسط للاتفاق على كل قضية تعوق إحداث تقدم حقيقي في مسار العملية التفاوضية. وشرحت أن الحديث يدور حول «إمكان طرح مقترحات بخصوص قضية الاستيطان، تتمثل بإلزام إسرائيل بوقف أي توسيعات جديدة في المستوطنات خارج ما يسمى حدودها الهيكلية، واقتصار عمليات البناء داخل المستوطنات وبشكل عمودي، لا أفقي»، موضحة أن «مساحة الأراضي التي تصنفها سلطات الاحتلال بحدود المستوطنات الهيكلية تصل إلى 40 في المئة من مساحة الضفة الغربية، الأمر الذي يجعل الجانب الفلسطيني يرفض الحلول الوسط بهذا الخصوص».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)