بَسَط وزراء الخارجية العرب المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل على طاولة البحث مجدداً، محذرين من أنها لن تدوم إلى الأبد. ورغم الشكوك الكثيرة في احتمال نجاح المفاوضات هذه المرة، إلا أنهم توافقوا على منحها فرصة! تمسّك وزراء الخارجية العرب، خلال اجتماعهم الدوري في القاهرة أمس، بـ«السلام العادل والشامل كخيار استراتيجي»، مشيرين إلى أن «عملية السلام عملية شاملة لا يمكن تجزئتها».
وشدد القرار، الذي صدر في ختام الاجتماع الذي شارك فيه 16 وزيراً، وكان الوزير السوري وليد المعلم أبرز المتغيّبين عنه، على أن «هذا السلام لا يتحقق إلا من خلال الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة حتى خط الرابع من حزيران 1967، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين استناداً إلى المبادرة العربية وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 194 لعام 1948، ورفض كل أشكال التوطين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية».
ودعم الوزراء مطالب الرئيس الفلسطيني بالوقف الكامل للاستيطان. وأعربوا عن «رفض المواقف الإسرائيلية الخاصة بمطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية دولة إسرائيل».
ودعا الوزراء الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى «التمسك بموقفه المبدئي والأساسي الذي دعا فيه إلى الوقف الكامل للاستيطان في كل الأراضي المحتلة، باعتبار أنه يمثّل عائقاً خطيراً أمام تحقيق السلام». كذلك طالبوا الإدارة الأميركية «بعدم قبول الادّعاءات الإسرائيلية لاستمرار الاستيطان والاعتداءات المستمرة على القدس لتهويدها، والضغط على إسرائيل للوقف الكامل والفوري للاستيطان».
وحذر القرار العربي من أن «استمرار الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة سيؤدي إلى فشل المحادثات، ما يستدعي قيام الدول العربية بالدعوة إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لإعادة عرض النزاع العربي ـــــ الإسرائيلي من مختلف أبعاده على مجلس الأمن، والطلب من الولايات المتحدة عدم استخدام حق النقض، باعتبار أن فشل المحادثات وتدهور الأوضاع في الأراضي المحتلة يبرران ذلك».
وفي ما يتعلق بلبنان، أعرب القرار عن «التضامن الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي له ولحكومته، بما يحفظ وحدته الوطنية وأمنه واستقراره وسيادته على كامل أراضيه». كذلك أشاد «بالدور الوطني الذي يقوم به الجيش اللبناني في الجنوب وفي كل المناطق اللبنانية، ودعم مهمة هذا الجيش لجهة بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها وصون السلم الأهلي وتأكيد ضرورة تعزيز قدرات الجيش والقوى الأمنية اللبنانية لتمكينها من القيام بمهماتها».
ودان القرار «الخروق والانتهاكات الجوية والبحرية والبرية الإسرائيلية للسيادة اللبنانية». ودعا مجلس الأمن إلى «إلزام إسرائيل بوقف انتهاكات السيادة اللبنانية براً وبحراً، بما في ذلك نشر شبكات التجسس الإسرائيلية التي تمثّل اعتداءً على سيادته وانتهاكاً صارخاً لها، بما يناقض القوانين والأعراف الدولية».
وكان الاجتماع قد افتتح صباحاً بكلمة للرئيس الجديد للمجلس الوزاري العربي، وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري، الذي قال إن الدول العربية لا تزال تعرض السلام على إسرائيل، داعياً الفلسطينيين إلى الوحدة في المفاوضات معها. وأوضح أن «مبادرة السلام العربية لا تزال مطروحة وتمثل فرصة للسلام الذي لن يتحقق إلا بالانسحاب الإسرائيلي إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967، بما فيها مرتفعات الجولان السورية وجنوب لبنان، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية»، مؤكداً في الوقت نفسه أن «المبادرة العربية لن تظل مطروحة إلى أبد الآبدين».
من جهته، قال الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، «نتابع حالياً مجريات المفاوضات المباشرة التي انطلقت بداية الشهر الحالي برعاية أميركية في مناخ تشوبه الريبة وعدم الثقة»، مضيفاً أن مفاوضات عديدة جرت من قبل انتهت بـ«الفشل كنتيجة متكررة بسبب الموقف الإسرائيلي وانحياز السياسات الدولية».
وأوضح موسى أنه «نظراً إلى عدم تغيّر جوهر السياسات (الإسرائيلية)، ورغم شكوك البعض في أهدافها (المفاوضات)، إلا أن الموقف الرصين يقتضي إعطاءها فرصة». وأكد أنه «بقدر عدم الثقة والشكوك، سنرحّب ونشجع أي تقدم حقيقي وذي قيمة».
كذلك شدد موسى على أن الفلسطينيين لن يكونوا وحدهم في هذه المفاوضات، مؤكداً «لم نقل للجانب الفلسطيني اذهب أنت وربك فقاتلا». وأوضح أن «القضية قضيتنا جميعاً والتضامن حولها سيكون له دور فاعل، أما سياسة هل من مزيد من تنازلات الجانب العربي فقد انتهت ولن تجدي».
(الأخبار، رويترز)