أجواء توتّر مذهبي بين السُّنة والشيعة تلبّد سماء الكويت والبحرين، تتصدى السلطات لها عبر تضييق الخناق على الشيعة، ما من شأنه أن يؤدي إلى انفجار مذهبي يتهدد المنطقة برمتهاقامت هيئة شؤون الإعلام البحرينية، أمس، بسحب ووقف ترخيص النشرات الممنوحة لعدد من الجمعيات السياسية، وفي المقدّمة جمعية «الوفاق» الوطني الإسلامية، أكبر تكتل شيعي في البرلمان، في آخر حلقة من مسلسل التوتر المندلع منذ أشهر في المملكة الخليجية، والمترافق مع قمع المعارضة الشيعية، الذي وصل إلى حد اتهام بعض رموزها بتأليف خلية إرهابية انقلابية، وهو توتر لا ينفصل عما يجري في الكويت أيضاً من إجراءات بحق رموز الشيعة بتهمة التحريض الطائفي.
وقال المدير العام للمطبوعات والنشر في هيئة شؤون الإعلام البحريني، عبد الله يتيم، في تصريح بثته وكالة أنباء البحرين، إن النشرات الصحافية لبعض الجمعيات السياسية «قد اتخذت شكلاً ومضموناً يختلف عما تضمنه الشروط الواجب اتباعها عند إصدار نشرة صحافية». وأضاف أنه «تبين من خلال المتابعة للأعداد الأخيرة التي تصدرها هذه الجمعيات تعارضها مع الأنظمة والقوانين المنظمة لهذا النشاط وعدم التزامها بالشروط التي ضُمِّنت في الموافقة التي صدرت لهم لإصدار النشرة». ورأى أن «معظم المواضيع المنشورة تعمل على تضليل الرأي العام والتطاول على أسماء وشخصيات والتشهير بهم ونشر الكثير من المواضيع المغلوطة التي تهدف إلى التفرقة والطائفية وإثارة الجمهور»، مضيفاً «فضلاً عمّا تتضمنه من عناوين تحريضية ومواضيع لا تخدم المصلحة العامة في المملكة بما يتعارض وقانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر».
ولم يحدد يتيم الجمعيات المعنية بالقرار، إلا أن جمعيتي «الوفاق» و«العمل الوطني الديموقراطي» (وعد ـــــ يسار قومي)، أعلنتا أنهما تسلمتا قراراً من الهيئة وصفتاه بأنه «سياسي بامتياز ويمثل تراجعاً في حرية التعبير».
وقالت «الوفاق»، في بيان على موقعها الإلكتروني (الذي أوقفته السلطات لفترة، لكن يبدو أنه عاد للعمل)، إن القرار «مخالف للقانون، وهو قرار سياسي بامتياز تجده بعيداً عن روح القانون ونصوصه، لأن النشرة تمثل صوتاً وطنياً حمل هموم المواطنين ورفعها بوضوح ومباشرة مع إيمان هذا الصوت بالرأي والرأي الآخر على نحو متوازن بشهادة الجميع». ورأت أن هذه «الخطوة ستسهم على نحو كبير في تشويه سمعة البحرين ووضعها على خط التعسف والتضييق للحرية وتداول المعلومات». ووصفت القرار بأنه «خطأ استراتيجي»، مشيرة إلى أن الإقدام عليه «خطيئة وطنية».
بدورها، رأت جمعية «وعد» أن سحب ترخيص نشرتها «في هذا الوقت بالذات، وبعد أكثر من سبع سنوات على صدور النشرة، يمثّل تراجعاً جديداً في مجال الحريات العامة وتشجيعاً على بقاء الساحة الإعلامية والصحافية حكراً على وجهة نظر واحدة ورأي واحد».
وفي إشارة إلى تصاعد الأزمة مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والبرلمانية في 23 تشرين الأول المقبل، سحبت السلطات البحرينية الجنسية البحرينية من ممثل المرجع علي السيستاني، حسين نجاتي، وزوجته وأولاده، بادعاء أنهم حصلوا عليها «بمخالفة أحكام قانوني الجنسية وجوازات السفر»، من دون توضيح المخالفات المرتكبة.
ما يجري في البحرين لا ينفصل عمّا يدور في الكويت، التي كانت قد سبقت الأولى بإعلان كشف خلية إرهابية، والتي يخيم عليها توتر مذهبي آيل إلى التصاعد، آخر فصوله حظر التجمعات العامة على خلفية تصريحات أدلى بها الناشط الشيعي المقيم في لندن، ياسر الحبيب، مسيئة إلى زوجة النبي محمد، السيدة عائشة.
وأعلنت مجموعات سنية عدة في الكويت عزمها على تنظيم تجمعات عامة للمطالبة بترحيل الناشط الكويتي الشيعي من منفاه الاختياري. كذلك طالبت أصوات سنية من الحكومة بالسعي إلى تسلم الحبيب أو بسحب الجنسية الكويتية منه، وهو ما صادق عليه مجلس الوزراء الكويتي أمس، معلناً سحب الجنسية من الحبيب.
وكان الحبيب قد غادر الكويت هرباً من حكم بالسجن 10 سنوات بسبب تصريحات مسيئة إلى أول وثاني الخلفاء الراشدين، أبي بكر وعمر.
ويمثّل الشيعة نحو ثلث الكويتيين البالغ عددهم 1,1 مليون نسمة، ولديهم 9 نواب داخل مجلس الأمة المؤلف من 50 مقعداً، إضافة إلى وزيرين في الحكومة المؤلفة من 16 وزيراً. أما في البحرين، فهم يمثّلون نحو 78 في المئة من السكان البالغ عددهم أيضاً أكثر من مليون نسمة، نصفهم من المواطنين والباقون مقيمون.
(الأخبار)